2013/04/06

ولدي فلذة كبدي

شذرات قلم

ولدي فلذة كبدي
 
 

خرج على الناس وهلل وكبر، ثم قال:
أيها المسلمون ... أيها المؤمنون ... يا أهل الجنة ....
أبشروا ...
والله إني لا أجد رائحة الجنة وعبق نسيمها، تحمله تلك الرياح القادمة من الشمال الشرقي ...
كما أني أسمع صدى ضحكات الحور العين تلجلج في السماء، ولسان حالهن يقول: بالله عليك لا تتأخر فنحن بشوق إليك أيها المجاهد في سبيل الله ...
إنه الجهاد في سبيل الله الذي تنافس عليه المسلمون وجند الله من فجر الإسلام وإلى قيام الساعة، فهلموا إلى ميادين الجهاد فهي تناديكم في العراق وتستبشر مقدمكم ...
فقال له من حضر: نفوسنا تواقة للجهاد والقتال في سبيل الله، ولكن نقاتل من في العراق؟ وإذا عرفنا من نقاتل؛ فإن ولي الأمر لم يأذن لنا في الجهاد، وكذلك والدينا لم يأذنوا لنا، وفلذات أكبادنا من لهم بعدنا؟
قال: تقاتلون عدو الله وعدوكم، وتجاهدون في سبيله، وولي الأمر ظلم ولا يشترط أذنه، والوالدين مغرر بهم، وبعد أن تنقشع الغمة ويزول الكرب عن الأمة سوف يعذرونكم ويدعون لقياكم بالجنة، فمحارم المسلمين هناك تنتهك، وصرخات الثكالى من لها غيركم، وفلذات أكبادكم لا تحملون همهم فنحن بإذن الله نقوم بهم ونرعاهم...
وبينما هو كذلك يدعو الناس للجهاد والخروج إلى ميادين القتال، فإذا بمنادي ينادي يا شيخ، يا شيخ، يا شيخ: ابنك خرج للجهاد في أرض العراق!!!
فنزل من منبره وجن جنونه وذهب مسرعًا ونسي عباءته التي كانت تستره عن الناس جثى على ركبتيه أمام المسؤولين يستجديهم (أن أحضروا لي ولدي، فلذت كبدي) قبل أن يدخل العراق فيقتل هناك!!!
قالوا له: ألست من يدعو للجهاد هناك، ويحرض الناس عليه؟
قال: لكنه ابني وفلذت كبدي، وهو طفل صغير لا يدرك خطورة ما أقدم عليه!!!
فلما أحضروا له ولده وفلذة كبده بطائرة خاصة من حدود ساحات القتال، عاد لمنبره ليحرض الناس على الفتنة والقتال والخروج على ولي الأمر وإزالة النظام !!!
عجبًا لحاله!!!
فسألوه الناس: كيف ترضى ذلك لنا ولفلذات أكبادنا ولا ترضاه لك ولا لفلذة كبدك؟
قال: أنا منظر، وفلذة كبدي صغير لا يعي خطورة الأمر، أما فلذات أكبادكم فهم رجال تربية رجال!!!
ومن بعده نادى تلميذه بنفس النداء ولكن للخروج لساحات الجهاد في الشام؛ حيث قال: إني لا أجد ريح الجنة تحمله تلك الرياح الشمالية القادمة من ميادين البطولة والنصر والشهادة على أرض الشام...
فهاتفته زوجته قائلة: فلذة كبدنا لم يعد للبيت من ليلة البارحة، وكأني سمعت أنه قد ذهب للجهاد في سوريا !؟!
فانطلق حافي القدمين، شاعث الرأس، لم يغلق جيب ثوبه، يصرخ كالنساء ابني فلذة كبدي خرج من البيت ولم يعد، دلوني عليه، أعينوني على اللحاق به قبل أن يلحق بالمقاتلين في الشام ....
قالوا: وهل ابنك صغير جاهل؟
قال: نعم إنه صغير لا يزال يدرس في الجامعة، وهو فلذة كبدي!!!!
قالوا: لكن فلذات أكبادنا أصغر منه سنًا وتحثنا على إخراجهم لميادين القتال؟
قال: فلذات أكبادكم رجال أبناء رجال، وليسوا كفلذة كبدي فهو جاهل صغير لا يعرف كيف يتصرف!!!
( نعم نحن رجال وتربية رجال، ونربي الرجال )
فإذا برجل بمؤخرة القوم الحاضرين ينادي بصوت شجي: يا شيخ لو سمحت دلني وأرشدني على الجامعة الوهمية التي حصلت منها على درجتي الماجستير والدكتوراة أنت وشيخك حتى أتقدم إليهم وأدفع لهم بعض المال للحصول على الدكتوراة وأقدم نفسي للناس بها فينادونني بـ يا دكتور !!!
فضحك الحاضرون ونفض المجلس بعد أن انكشفت لهم مهزلة (حرف الدال) وتبين لهم أن العلم والحق لا يرتبط بها، فعلماء الأمة سادوا العالم بعلمهم الرباني وهم لم يحصلوا على هذا الحرف الذي يدل في إحدى دلالاته على (الدبش) !!!

 

شذرات بقلم
أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
المهـ رحال ـاجر
الرياض
25/5/1434هـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق