2010/09/19

وإذا أُحرق القرآن ... ألا نخجل من أنفسنا ؟؟؟


شذرات

قلم


وإذا أُحرق القرآن ... ألا نخجل من أنفسنا ؟؟؟



سبحان الذي يداول الأيام.

يعيش العالم هذه الأيام حكاية حرق القرآن الكريم، وما أدراك ما حرق القرآن !!؟؟!!

يخرج علينا ضعاف النفوس وأصحاب الهوى والمصالح المادية والسياسية والفكرية بأنواع من الأطروحات والقضايا التي تخدم مصالحهم، ومن خلالها يحققون ما يرمون إليه ويهدفون .

ونحن للأسف الشديد "ندندن ونطنطن" وفي أحيان كثيرة نخدم صاحب الأمر ونحقق ما يريد وزيادة، بأسرع مما يتوقع، وبأقل التكاليف وأقصر الطرق .

حادثة حرق القرآن الكريم !!!

نعم حرق القرآن الكريم جريمة لا يمكن السكوت عنها، ولا يمكن قبولها، ولا يمكن المساومة عليها، ولكن !!!

من حرق القرآن الكريم ؟

هـم ؟

أم نحـن ؟

نعم هذا هو السؤال البديهي الذي يجب أن نطرحه قبل أن نشن الحرب العشواء على من أراد حرق كتاب الله – سبحانه وتعالى – الذي أنزله وتكفل بحفظه !!!

حرق القرآن الكريم من قبلهم حقيقة هو حرق لقراطيس، كتب عليها كلام الله – جل جلاله – وفي حرقها قد يكون إكرام لها من إهانتها وتدنيسها وتلويثها، وهو رمز إلى الحرب على الإسلام كدين وعدم قبوله، وبالتالي عدم قبول أتباع هذا الدين !!

وهذا التصرف في أقل أحوله هو مخالفة لما ينادون به من الحرية وحقوق الإنسان وغير ذلك من الشعارات البراقة التي سرعان ما تنقشع الأقنعة أمام زيفها عندما تتعارض مع مصالحهم وأهدافهم، فتظهر الوجوه على حقيقتها وتنسى كل ما تنادي به من أباطيل وأقاويل !!

فأين حقوق الإنسان من القضية الفلسطينية ؟ وأين حقوق الأطفال من أطفال غزة ؟ وأين حقوق الشعوب والحرية من السودان والعراق وأفغانستان وجنوب الفلبين وجنوب تايلند ؟ وتيمور الشرقية ؟؟

وقف العالم الغربي صفًا واحدًا أمام انفصال تيمور الشرقية حتى تحقق لها ذلك !! لماذا ؟ لأنها جزيرة ذات أغلبية نصرانية تتبع لأكبر دولة إسلامية !!!

وكذلك الحال بالنسبة لجنوب السودان !!

ولكن ما الذي جعلهم يتجرؤون على مثل تلك الأفعال ؟

عندما يظهر هذا في الدانمارك ويحرق كتاب الله أمام الملأ، ثم يتبعه ذاك الساقط الأمريكي الذكي بالإعلان عن رغبته في حرق القرآن الكريم، بدعوى ظاهرها الدفاع عن المسيحية وأمريكا وباطنها إنقاذ كنيسته ونفسه من الديون المادية ونيل الشهرة والمكانية الإعلامية والسياسية وتحقيق أهدافه من خلال هذه الدعوى التي لو نفذها لما جنى إلا الدمار والعار والخوف؛ وربما القتل .

دون أن نغفل أنه كاره حاقد على الإسلام وأتباعه، وأنه متعصب ومتطرف كما هو حال كثير من أعداء الإسلام الذين يظهرون التسامح ولكن ما يبطنونه هو أشد مما أظهره هذا المبشر الفاسق.

تباينت الردود واختلف التوجهات بين تنديد وشجب واستنكار ومناشدات ومظاهرات وتهديدات وكتابات وأطروحات هنا وهناك من العرب والمسلمين والنصارى واليهود وكل الأجناس والأديان "وكل منهم على ليلاه يدندن"

وهكذا هي حال المفلسين، عندما يغمرون ويحرقون، يحاربون الإسلامي حتى يبرزون ويشتهرون وتكون لهم المكانة والحصانة والقيادة، كما هو الحال بالنسبة لصاحب الرسوم المشينة التي سخر من خلالها بنبينا محمد –صلى الله عليه وسلم– .

ولكن أعود لما طرحته سابقًا من تساؤلات، عما جعلهم يقدمون على مثل تلك الأعمال المشينة ؟

الجواب وبكل سهولة ...

أننا لما أحرقنا نحن القرآن الكريم، نعم أحرقناه قبل أن يحرقه هؤلاء الكفرة أعداء الإسلام بالنار، فقد أحرقناه نحن بالابتعاد عنه، وبالغفلة عن محتواه، وتدبر معانيه، وتطبيق أحكامه، والوقوف عند أوامره وزواجره.

لقد أحرقنا كتاب ربنا – سبحانه وتعالى – بعدم قراءته وفهمه وتدبره، بل جعلناه لوحات نزين بها جدران بيوتنا، وتعاويذ نعلقها في سياراتنا، وزخارف نزين بها أعمالنا الفنية، وواصلنا المسير في البعد عن أحكامه ومعانيه.

نعم أحرقنا كلام ربنا بالتعامل بالرباء، وقول الزور وشهادته، وأكل أموال الناس واليتامى بالباطل، وشرب الخمور والمسكرات والمخدرات، واستحلال الزنا والمعازف، والتشاحن والتباغض بين الأقارب والأرحام والجيران.

نعم أحرقنا القرآن الكريم بالفساد والرشوة والظلم والكذب والخيانة والتبرج والسفور، والنيل من العلماء والتطاول على الدين ورجاله الأتقياء المخلصين.

فبما أننا نحن من أحرق القرآن الكريم وابتعد عنه فحري أن يحرقه غيرنا، لأنه هان علينا فهنا على الآخرين، فتطاولوا علينا وعلى ديننا وجعلونا عتبة يصعدون بها للقمة على ظهورنا.

ولكن بوعد الله – عز وجل – بحفظ هذا الكتاب، الذي بحفظه هو حفظ لدينه دين الإسلام، كانت تلك الدعوى وما سبقها من دعاوى هي بوابة خير للإسلام ( وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ) إذ جعلت الكثير ممن لا يعرفون عن الإسلام شي أن يسألوا عن هذا الدين، وماهيته، فيطلعون عليه ويتعرفون إليه عن قرب، فإذا بهم يسلمون ويدخلون دين الإسلام، فتنقلب الآية والسحر على الساحر، والحمد الله رب العالمين .

فحري بنا أن نخجل من أنفسنا، وأن لا نردد عبارات الشجب والاستنكار، ونخرج للمظاهرات والمسيرات، ونقيم الندوات والمؤتمرات والمحاضرات، ونحارب ونقاطع، ونحن أول من خان كتاب الله وأحرقه عملاً واقعًا ملموسًا !!!

نعم حري بنا أن نخجل وأن نستحي وأن لا نرفع صوتًا حتى نعود إليه ونتأمله ونعلم ما فيه ونعمل به، فنقف عند حدوده، ونجتنب نواهيه، ونتخذه دليلاً ومرشدًا للحق والخير والفلاح، بعد ذلك لن يتجرأ هذا الساقط أو غيره من إعلان أي نوع من الحروب على الإسلام، وإن أبطن البغض والكراهية والعنصرية ضده وضد أهله وحملة لوائه، لأننا سوف نكون عزيزين بالإسلام فالله يعز من يعز دينه .








شذرات بقلم
سليمان بن صالح المطرودي
أبوعبدالعزيز
11/10/1431هـ
الفلبين