2013/10/23

وداعًا والدتنا أم عبدالرحمن

شذرات
قلم

وداعًا والدتنا أم عبدالرحمن
( لولوة بنت ملحم الفعيم )




أبكتني الفجيعة المؤلمة .. وإن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، وإنا لفراقك يا أم عبدالرحمن لمحزونون، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا – عز وجل – ( إنا لله وإنا إليه راجعون ) وجزاك الله عنا خير الجزاء، وغفر الله لك.

بقلب مؤمن بقضاء الله وقدره، نتقبل نبأ وفاتك الذي تلقيناه فجر هذا اليوم الأربعاء 18/12/1434هـ؛ ونحمد الله – سبحانه وتعالى – أن قبض روحك وأنت مؤمنة بقضاء الله وقدره، صابرة محتسبة على ما حل بك من داء مزمن وما صحبه من ألم عضال طوال الفترة الماضية، بعد فقدك لحبيب القلب وقرة العين الأبن البار أبا مرام الدكتور عبدالرحمن بن سليمان المطرودي – تغمدكما الله بواسع رحمته – ولا غرابة في ذلك إذا علمنا أنك كنت على صلة دائمة بالمولى – عز وجل – بين كثرة سجود وقيام ليل ودعاء وخوف ورجاء، وحب للقريب والبعيد، غير حاملة في صدرك على أحد، دائمة السؤال عنهم وإن قطعوا، تذكرين الجميع بالخير وتلتمسين لهم الأعذار متى غابوا.

خرجت من هذه الدنيا بالحب للجميع؛ فأحسن الله العزاء وجبر المصاب وعظم الله أجرنا فيك يا أم عبدالرحمن، مصابك جلل علينا جميعًا؛ أبناء وأحفاد وأهل وأقرباء ومحبين وأصدقاء.

عشتي أيام الحياة صابرة حامدة شاكرة لله – سبحانه وتعالى – رغم قسوتها وصدماتها، لثقتك الكاملة بالله – عز وجل – بأن ما يصيبك فيه خير ورفعة في الدنيا والآخرة.

والدتنا .. ما نقوله وما نذكره وما نسجله ما هو إلا وفاء لك وحق من حقوقك علينا، ومواساة لنا بفقد أحضان دافئة تربينا تحت أجنحتها، وقلب كبير زرع فينا الحب والخير والتسامح والهمة العالية؛ هذا ما عرفناه عنك وما عشناه واقعًا ملموسًا من تعامل أبناءك وأحفادك.

اللهم أجبر قلوبنا في مصابها، فلا يجبر القلوب إلا أنت – سبحانك – وإلا كيف يُصبر قلب مكلوم قلب آخر مكلوم، فلا يملى الفراغ الذي في القلوب إلا ذكر الله سبحانه واللجوء إليه في الشدة كما في الرخاء.

دموع الحزن تنسكب من العيون على الخدود لتحفر لها مكانًا شاهدًا على الحزن المنتثر هُنا ليسقى به كل بذور الفقد فينا؛ إلا أن العزاء يفتح لنا أبواب الاحتساب على المصاب لننتهي على عتبات الصبر، التي بها نخنق العبرات ولوعة جرح الفراق ومصابه الجلل.

فكم تتعانق كلمات ومفردات الحزن والألم في موقف فقد وفراق الأحبة، لتلتقي معها المشاعر وتحتضنها بالدموع المنسكبة على من رحل، لتبتسم القلوب لهم بالدعاء الصادق بالرحمة والمغفرة.

الحمد الله على قضاءه.

قدر الله كان، وليس لنا الآن إلا الدعاء بعد الإيمان بالقضاء والصبر والاحتساب والتوكل على الدائم – سبحانه وتعالى –.

اللهم يا مالك الملك يا عظيم يا كريم يا رحيم؛ ارحم والدتنا " لولوة الفعيم " برحمة واسعة وأسكنها فسيح جنانك، وأرفع درجاتها في المهديين، وأكرم نزلها وأعلي نزلها في عليين مع النبيين والصديقين والشهداء، وارزقنا الصبر والرضا والسلوان، وعوضنا في مصيبتنا لقياها والغالي عبدالرحمن في جنانك يا أرحم الراحمين.



شذرات بقلم
أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
المهـ رحال ـاجر
الرياض
18/12/1434هـ

2013/10/07

الأضـحـيـــة !!!

شذرات قلم
الأضــحــيــــــــة
بين الواجب والممنوع



الأضحية قررها الشارع – جل في علاه – قال – سبحانه وتعالى – : ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين) الآية.

وعن أنس بن مالك قال: (ضحى النبي – صلَّ الله عليه وسلّم – بكبشين أملحين ذبحهما بيده وسمى وكبر، وضع رجله على صفاحهما).

وكما هو معلوم أن للفقهاء وأهل العلم المعتبرين أقوال في الأضحية، وأن ذبحها أفضل من الصدقة بثمنها؛ لأن ذلك عمل النبي – صلى الله عليه وسلّم – والمسلمين معه؛ ولأن الذبح من شعائر الله، فلو عدل الناس عنه إلى الصدقة لتعطلت تلك الشعيرة.

والأصل في الأضحية أنها مشروعة في حق الأحياء كما كان رسول الله – صلى الله عليه وسلّم –  وأصحابه يضحون عن أنفسهم وأهليهم، وأما ما يظنه بعض العامة من اختصاص الأضحية بالأموات فلا أصل له.

والأضحية وشروطها وأجناسها وصفاتها وما يتعلق بأحكامها ليس محل بحثنا هنا، وما تقدم ما هي إلا إشارة خاطفة لهذه الشعيرة الإسلامية العظيمة، التي يتقرب بها المسلمون إلى خالقهم بإراقة الدماء المشروعة، موحدين غير مشركين، متبعين غير مبتدعين، باذلين دون أي شح أو من أو أذى.

إلا أن المؤسف أن مفهوم الأضحية اليوم اختلف عن مفهومه بالشريعة الإسلامية – كما تقدم – إذ أن مفهوم الأضحية لدى البعض، ممن يتبعون الهوى والمصالح الشخصية والمطامع الدنيوية وحب التسلط والنفوذ والتربع على الكراسي والسيطرة على كل شي – وإن لم يكن لهم حق فيه – حتى صار من يقف في طريقهم دون تحقيق هذا الهدف وتلك الغاية هو الأضحية المشروعة لهم، بغض النظر عن جنسه وجنسيته، ولونه وعرقه، وعن قربه وبعده، وحبه وعداوته، وجرمه وبراءته.
لأن الميزان هو المصالح الشخصية والمطامع الدنيوية التي يسعى إلى تحقيقها ويعمل على إنجازها؛ حتى وإن كان الثمن التضحية بالأخ والقريب والصديق والزميل؛ بل والوطن ومصالحه الوطنية العليا؛  ما دام أنه سوف يحقق هدفه وغايته الدنيئة التي لا تتعدى أنانيته وحبه لذاته ونكرانه لغيره ممن حوله ووطنه الذي ينتمي إليه.

فجعل مشروعية الأضحية في الظلم والبهتان؛ وربما في سفك الدماء المعصومة؛ حتى شاع الفساد، ووقع الخبث، وكان الهرج والمرج، وساد صوت الباطل، واختنق صوت الحق، وصار العاقل حيرانًا لهول ما يرى من واقع مشين؛ خطه تائه مسكين، أعمته النفس والهوى وحب الذات ونكران كل ما سواها.

إن الفواجع اليوم سببت جرح عميق، وشرخ كبير، أفقدت الثقة في القادم من أي اتجاه كان؛ بعد أن تكشف زيف الشعارات، وظلمة الوعود الزائفة، ودناءة ذمم الأصوات المرتفعة، وحقارة الأهداف المرسومة، وأكذوبة خارطة الطريق المزعومة؛ التي تجلت كل معالمها في انحصارها في تحقيق غايات وأهداف شخصية تخدم الأعداء وتلبي رغباتهم ومطامعهم في النيل من الحق وتكريس الظلم والطغيان.

فشتان بين المضحين والأضحيتين والضحايا !!!



شذرات بقلم
أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
المهـ رحال ـاجر
الرياض
1434/12/2هـ

2013/09/16

الوطن والمواطنة !!!

شذرات قلم
الوطن والمواطنة !!!


في الذكرى الثالثة والثمانون لليوم الوطني لبلادنا المملكة العربية السعودية، الوطن الذي نشرف بالعيش فيه والانتماء إليه، ونفاخر بحبه والذود عنه، نتذكر قبل البوح عنه وله ما هو الوطن وما هي المواطنة ؟

الوطن والمواطنة ليست شعارات براقة، وكلمات رنانة؛ بل هي أفعال صادقة تكون على أرض الواقع في كل أمر من شأنه رفعة الوطن وعزه.

كثيرًا ما نكتب ونقرأ ونسمع عن حب الوطن والمواطنة، ولكن عندما نمعن النظر فيها نجد أن هناك بون شاسع وفرقًا كبيرًا بينها وبين الأفعال العملية المحسوسة على أرض الواقع!!!

إذ نجد فيها الكثير من النفاق والتزلف الذي يحجب الحقيقة، ويعمي البصر والبصيرة، ويقتل الرؤية الإستراتيجية الوطنية الصحيحة، التي فيها تأسيس حاضر لمستقبل مشرق، وصمام أمان للعيش بأمن وأمان واستقرار.

وما نقرأه ونسمعه من تصاريح وطنية شامخة في اليوم الوطني، ومنشتات ضخمة تبرزها الصحف المحلية عن الوطن والمواطنة من ذاك المسؤول وذاك المواطن وذاك الصعلوك، نجد أن الكثير منهم وكأنهم يتبارزون في قوة العبارات الوطنية الرنانة – إلا من رحم الله – وفي واقع بعضهم لا نجد شيئًا مما يرددون من عبارات، فأعمالهم تخالف أقوالهم – خاصة بعض المسؤولين والقياديين منهم في مختلف الأجهزة الحكومية – وبينهما فجوة هي كما بين المشرق والمغرب؛ بل أن منهم من أفعالهم تشعرك أنه عدو لدود للوطن لسوء أفعاله من فساد إداري ومالي، وحب ذاته والعمل لحسابه الخاص على حساب الوطن الذي يدندن على وتره الوطني ليل نهار، وكأن الوطنية شعارات وعبارات لا أكثر من ذلك بالنسبة له!!!

الوطنية أفعال قبل الأقوال.
الوطنية تضحية للذات الوطنية قبل البحث عن الذات الشخصية.
الوطنية عرض لا يمكن السماح بالمساس بها والتعرض لها.
الوطنية كرامة لا يمكن التنازل عنها.
الوطنية بصمات فاعلة لا شعارات زائفة.

نعيش اليوم في عين عاصفة الأحداث الدامية من حولنا، فتن وحروب وثورات ونزاعات وقتل وخوف وجوع وتشريد، وهناك من يصرح بشطحات غير مبررة؛ وكأنه ينفخ في فتيل ما حل بغيرنا ليحل بنا، وكأنه لا يسمع ولا يرى، بل هو متغطرس لا يدرك حقيقة الأمر والخطر المدلهم بالأمة.

وهناك من يستغل الأحدث ويسعى لتأكيد التحولات التي تشبع غريزته البهيمية من إنكار المبادئ والمكارم والأخلاق والتقاليد والأعراف والعادات الوطنية التي تربى عليها الشعب السعودي من فجر بزوغ الإسلام قبل أكثر من أربعة عشر قرنًا.

وهناك من يزيدها في التغاضي عن معاناة أفراد المجتمع الذين اجتمعت عليهم الهموم والديون والأمراض والبطالة والفقر التي في مجموعها أو في آحادها تكون قنابل موقوتة قابلة للانفجار في أي وقت، إن لم يتم تداركها والعمل على إيجاد الحلول الناجعة والناجزة لها؛ لا دحرجتها في كرة الروتين واللجان والقرارات الغير النافذة التي تصنع من المشكلة مشاكل متعددة!!!

الفساد اليوم استشرى في كل أنواعه وفي كل الأروقة الإدارية والمالية؛ بل حتى في القضاء، هذا الفساد الذي هو مهدد رئيس للأمة إن لم تكن هناك قوة مجتمعية ضاربة تقف أمامه بكل حزم حتى لا ينهار بنيان الأمة ويدمر كيانها.

إن النفاق والتزلف الذي يردده الكثير في هذا اليوم، ما هو إلا حجاب شر يستر الحقيقة عن ولي الأمر ويكمم أفواه الناصحين الصادقين الذين لا تصل أصواتهم بعلو تلك الأصوات الكاذبة التي شوهت صورة المجتمع، وقسمته تحت مسميات وتحزبات وهمية لا حقيقة لها، حتى صارت تلك التحزبات والألقاب والتصنيفات شماعة لكتم صوت الحق وشماعة لتعليق الإخفاقات عليها وتمرير ما تصبوا نفوسهم المريضة لتمريره من باطل ورأي مخالف وفكر فاسد واجتهاد خاطئ؛ حتى جعلوا من قضايا الأمة الرئيسة قضايا هامشية لا ينبغي الإنشغال بها عن ما يرونه حقًا من قضايا شاذة وأفكار ساقطة لتكون هي قضايا الأمة التي يجب الإسراع بإقرارها، وتعليق قضايا الأمة الحقيقية على شماعة القضايا الهامشية!!!

حتى فقدنا اليوم رسالتنا الحقيقية في الحياة، وما كنا نتحمل من مسؤوليات إسلامية وعربية وإقليمية ودولية؛ بل وفقدنا الكثير من الحقوق والواجبات الوطنية التي كان يجب أن نضطلع بها وتكون هي رؤيتنا الإستراتيجية لمستقبل حياتنا وحياة أحفادنا.

النفاق والتزلف قتل كل شيء، وأخمد كل قنديل، ودمر كل جميل، وسحق كل وردة تفوح بالأمل، ولن نخرج من بوتقة هذا لنفاق والتزلف إلا بالقضاء عليه، قبل أن نكون لقمة سائغة لما يدور حولنا من أخطار وتحديات تكون دوامة عاصفة مهلكة نحن عينها، إن لم نتدارك خطرها ونعمل على تشتيتها وتفريقها باجتماع الكلمة الصادقة الناصحة، وبيان المشكلات التي نعاني منها ونعمل كفريق واحد لحلها بعد الاضطلاع بمسؤولياتنا وواجباتنا الوطنية الحقيقية التي تجعل من الأمر واقعًا لا أبواقًا فارغة مضللة.

حفظ الله علينا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وحفظ بلادنا من كل مكروه ومن كيد الكائدين، وحفظ عليها أمنها واستقرارها وكتب لها العيش الرغيد في ظل قيادة ‏خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهد الأمين وسمو النائب الثاني – حفظهم الله ووفقهم لكل خير – وخلصنا من المنافقين المتزلفين الجاهلين.

شذرات بقلم
أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
المهـ رحال ـاجر
الرياض
10/11/1434هـ

2013/07/30

أمــــر إركـــاب

شذرات قلم
أمــــر إركـــاب
 
 
يعمل الموظف للحصول على أمر إركاب متى أنتدب أو كلف بمهمة تتعلق بالعمل، أو حضور دورة أو غيرها، ويعمل لأجل ذلك بكل جد للحصول على تذكرة السفر وتأكيد حجز مقعده للسفر لما كلف به.
 
وفي أحيان إذا كان أمر الإركاب هذا يتعلق بأحد صغار الموظفين؛ وجدت التعقيدات التي لا أول ولا أخر لها، من اللف والدوران باسم النظام، وطلب تقديم المعاريض والعروض والشروحات والمطويات، والاستجداء من هذا وذاك، ودورة مستندية طويلة عريضة تصل في معظمها لطرق مسدودة، وقد تؤدي إلى حرمان الموظف المسكين من أمر الإركاب أو التعويض عنه، أو بخسه حقه في التعويض؛ بأن يكون التعويض جزئي دون أدنى وجه حقه وبمخالفة صريحة للأنظمة الصريحة لحقوق الموظف؛ وبالطبع كل هذا باسم النظام وتحت مظلة البيروقراطية والتعقيدات الإدارية والمركزية التي قتلت كل الأنظمة والتعليمات وتفويض السلطات في الميدان الوظيفي!!
 
أما إذا كان أمر الإركاب خاص بالمدير أو المسؤول، وجددت عدد من الموظفين يتنافسون في سرعة إنجاز وإنهاء إجراءات إصدار تذكرة السفر الخاصة به؛ وربما عطل مدير مكتب المسؤول مهام عمله من أجل ذلك، وجند كل موظفي المكتب في سبيل سرعة إصدار التذكرة وتأكيد حجز السفر، وكأن ليس لهم هم ولا شغل إلا ذلك الأمر، وإن أمكنهم التعديل في خط السير الخاص بالمهمة للرفع من قيمة التذكرة، أو رفع درجتها من الضيافة إلى الأولى؛ فلن يترددوا عن فعل ذلك، وهذا بالطبع لنيل رضى المدير أو المسؤول، وكسب ثقته للحصول على حوافز ومميزات لا يحصل عليها من لم يقدم مثل تلك الخدمات المبهرة!؟!
 
(وربما صدر أمر الإركاب أو التعويض عنه قبل صدور القرار ودون مباشرة المهمة)
 
وكل من الموظف الصغير والمسؤول والقيادي في الوظيفة مشغول بأمر هذا الإركاب ومهتم به وباذل له قصارى جهده ووقته، وهذا حق من حقوق الموظف التي كفلها له النظام؛ لا خلاف ولا غبار عليه. 
ومشاكل وقضايا أمر الإركاب تطول وتطول، ولعل الجهات المعنية تعيد النظر فيه ودراسته من جديد فيما يحقق المصلحة للموظف، وتوحيد إجراءات الحصول عليه والتعويض عنه، وكل ما يتعلق به ...
 
ولكن!!!
 
هناك أمر إركاب من نوع أخر ...
 
نعم هناك أمر إركاب مهم جدًا جدًا نغفل عنه ونتكاسل في السعي إليه والعمل على إصداره للحصول على حجز مؤكد لرحلة العمر الحقيقية!!!
 
نعم هناك أمر إركاب مهم جدًا جدًا إلا أننا نغفل عنه في خضم مشاغل الحياة والتعلق بها، مع قناعتنا بضرورة الحصول عليه، لأنه هو الغاية الحقيقية من هذه الحياة.
 
فالحياة رغم ما فيها من نعيم وسعادة ومال وأعمال وأشغال وملذات؛ إلا أنها زائلة، فهي دار ممر لا دار مقر، ونحن فيها للعمل للحياة الحقيقية في جنة عرضها السماوات والأرض وعد بها ربنا – سبحانه وتعالى – عباده المؤمنين العاملين الباذلين لها، وعنده الحسنى وزيادة.
 
فكل ما تقدمه من طاعات وقربات وصدقات وأعمال بر وإحسان وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر، وكفالة الأيتام والمحتاجين وسعي في قضاء حاجات الناس وغيرها، هي بمثابة أمر إركاب تستصدره لحجز مقعد لك في الجنة بإذن الله ورحمته.
 
فحري بنا ونحن نودع شهر رمضان أن نستشعر هذا الأمر – ونحن نعيش اللحظات الأخيرة من هذا الشهر المبارك الذي نودعه بكل مرارة بعد أن عشنا بين جنباته لحظات الشوق والحب والوئام والروحانية – وأن نستشعر قيمة مواسم الخيرات الممتدة والمتواصلة، فما ينقضي موسم إلا وقد حل موسم أخر – فالحمد الله الذي جعل لنا هذه المواسم المباركة – ليضاعف لعبادة المؤمنين فيها الأجر والثواب، وترتسم لهم علامات قبول تلك الأعمال بالديمومة عليها بعد انقضائها بالاستمرار على الأعمال الصالحة وفعل الطاعات والمباحات والبعد عن المحرمات والفواحش والمنكرات.
 
ولا يتأتى ذلك إلا بمعاهدة النفس أن لا ترتد على دبرها فتخسر كل ما قدمت، ولا يكون لها إلا التعب والنصب، وفقد فرصة إصدار أمر إركاب يحلق به إلى جنة أعدها ربنا – سبحانه وتعالى – لعباده المتقين الصادقين.
 
فحري بنا أن نتعاهد أمر إركاب الأخرة كما نتعاهد أمر إركاب الدنيا الفانية، وأن نستغل الأوقات بما يحقق الهدف الأسمى من هذه الحياة؛ وهو الفوز بالجنة مقر الإقامة والمستقر الدائم.
 
أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يعيد شهر الصيام والقيام علينا وعلى سائر المسلمين أعوامًا عديدة وأزمنة مديدة وقد تحقق للأمة الإسلامية ما تصبوا إليه من عز وتمكين، وسؤدد في العالمين.
 
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 
وكل عام وأنتم بخير؛؛؛
 
 
 
شذرات بقلم
أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
المهـ رحال ـاجر
الرياض
1434/9/21هـ

2013/07/23

همم الرجال لا حدود لها

شذرات قلم
همم الرجال لا حدود لها


قبل عدة سنوات كنا في مانيلا في مهمة عمل رسمية، ودار بيننا حديث عن الدراسة وأهمية إكمالها، فكان من بيننا أخي أبا محمد الذي عقد العزم على مواصلة دراسته؛ وكان حينها لا يحمل إلا شهادة الكفاءة المتوسطة، فشمر عن ساعدي الجد بعد أن توكل على الباري – سبحانه وتعالى – وبدأ المشوار منتسبًا في الثانوية العامة؛ حتى كان له ذلك؛ بل كان من العشرة الأوائل على مستوى المملكة في الثانوية العامة، ثم جدد العزيمة والتحق بالجامعة حتى حصل عليها، وها هو اليوم يرسل لي رسالة عبر "الواتس أب" ليخبرني أنه حصل على درجة الماجستير؛ حيث قال في رسالته: (اللهم لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضا، جرت اليوم مناقشة رسالة الماجستير، وبفضل من الله تمت إجازتها، فله الشكر والثناء سبحانه على ما أنعم به على عبده) بهذه الكلمات المليئة بالحمد والثناء لله – سبحانه وتعالى – زف خبر نيله هذه الدرجة العلمية التي كانت قبل سنوات حلم يراوده؛ إلا أنه بفضل الله – عز وجل – تمكن من تحقيق ذلك.
كيف لا يكون ذلك وهو عبد شاكر لنعمة ربه عليه.
 
قال الشاعر:
إذا كان شكر الله للعبد نعمة ... عليها من الله له يجب الشكر
فكيف له بالشكر والشكر نعمة ... ولو والت الاحقاب واتصل العمر
 
وقال آخر:
لك الحمد مولانا على كل نعمة ... ومن جملة النعماء قولي لك الحمد
فلا حمد إلا أن تمن بنعمة ... فسبحانك لا يقوى على حمدك العبد
فرغم أنه على رأس العمل، ورب أسرة، ولديه ارتباطات أسرية واجتماعية، ورغم بعده عن أرض الوطن وتنقله من بلد إلى بلد بحكم طبيعة عمله؛ إلا أنه عمل على تحقيق حلمه ولم يستسلم للعوارض والعوائق والمشاق والصعوبات التي واجهها خلال مسيرته الطويلة التي بدأت من مانيلا مرورًا بجاكرتا ثم الرياض ثم طوكيو ثم عمان، ولن تنتهي عند هذا الحد، فهمته عالية وهكذا هي همم الرجال، همم عالية عملاقة تعانق قمم الجبال في علوها وشموخها، فلا تقف عند هامات الرجال الجادين الذين يعملون ويثابرون بكل جد وإخلاص وتفاني من أجل تحقيق أهدافهم السامية.
 
الناس يتفاوتون في أهدافهم وفي سبل تحقيقها، ويختلفون في هممهم التي تحلق بهم لبلوغ تلك الهمم والغايات التي قصدوها وعقدوا العزم على تحقيقها.
 
فهناك من يحلق بالسماء بهمته ويحلق معها غاضًا الطرف عما يكون في مدارج التحليق من معوقات وصعوبات؛ بل أنه بهمته يجعل من تلك الصعاب عتبات لسلم يرتقي به لبلوغ قمة المجد، فلا تلهيه أي مشاغل، ولا يشغله أي شاغل عن تحقيق ما أراد من طموح عالي ترتقي إليه غاياته الرفيعة المثلى.
 
وهكذا هم المؤمنون الصادقون يطيرون بهممهم العالية حتى بلوغ قمم الجبال والتربع عليها.
 
فكل التهاني والتبريكات لأخي أبا محمد تحقيق هذا الهدف، وبإذن الله قريبًا نبارك لك حصوله على درجة الدكتوراه، والله نسأل أن يوفقنا جميعًا لطاعته، وأن يجنبنا معصيته، وأن يرزقنا لإخلاص في القول والعمل، كما نسأله أن يعلي مراتبه في الدنيا والأخرة وأن يجعل هذه الدرجة عونًا على طاعته ونصرة دينه والذود عن سنة نبينا محمد صلَّ الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين؛؛؛

 
 
شذرات بقلم
أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
المهـ رحال ـاجر
الرياض
الثلاثاء 1434/9/14هـ

2013/07/22

كيف تصبح مديرًا فاشلاً في أسبوع ؟!؟

شذرات قلم
كيف تصبح مديرًا فاشلاً في أسبوع ؟!؟



هناك العديد والعديد من الدورات والبرامج التي تعقد لتحقيق هدف محدد في أسبوع؛ كـ:
  • كيف تتعلم اللغة الإنجليزية في أسبوع!
  • كيف تتعلم اللغة الفرنسية في أسبوع!
  • كيف تصبح مديرًا ناجحًا في أسبوع!
  • كيف تصبح رجل أعمال في أسبوع!
  • كيف تصبح إعلاميًا في أسبوع!
  • كيف تصبح وكيف تكون وكيف تحقق؛ في أسبوع؛ وفي يوم؛ وفي ثلاثة أيام؛ في العديد من المجالات الإيجابية والطموحة التي ينشدها المتميزيين وأهل الطموح !
إلا أنه لا يوجد شيئًا منها لتحقيق الفشل في يوم أو أسبوع أو أكثر أو أقل، لأن الفشل لا يحتاج إلى دورات وبرامج في نظر الكثير؛ فقط لا تعمل؛ سر عكس الاتجاه؛ تخبط، تصبح فاشلاً!
والحقيقة أن الفشل الحقيقي؛ فن لا يدركه الكثير من الفاشلين، وحتى تكون مديرًا فاشلاً بامتياز، فإليك بعض الخطوات التكتيكية التي تجعلك مديرًا فاشلاً؛ بل وتكون مضرب المثل في الميدان الوظيفي؛ ومن ذلك:
  1. تنكر لزملاء الأمس، وكأنه لم يكن بينك وبينهم علاقة ود وزمالة ورفقة وعمل.
  2. لا تذكر ولا تعترف بجميل سابق لأحد من الزملاء، بل أكد بأنك وصلت لكرسي الإدارة بجهدك وعرقك وجدارتك؛ لا بإخلاصك للمسؤول وتقديم العديد من الخدمات التي جعلته يرشحك لكرسي الإدارة.
  3. تعامل مع جميع الزملاء بكل "جلافة" (وإن استطعت أن تريهم العين الحمراء ففعل) حتى تفرض شخصيتك الإدارية.
  4. اعمل على التخلص من جميع الكفاءات الإدارية في إدارتك؛ واستبدلهم بموظفين مستجدين لا يفقهون شيئا في الإدارة؛ حتى تحكم سيطرتك عليهم وتمرر ما تريده من قوانين ارتجالية ورجعية عفى عليها الزمن، وحتى لا ينكشف أمر عدم قدرتك على الإدارة أمام المسؤول الذي ظنك إداري محنك من خلال أسلوب حملك لحقيبة سفره في مطارات لندن وجاكرتا وبرلين وبيروت وغيرها.
  5. لا تضع لك خطة عمل ورؤية استراتيجية مكتوبة وواضحة؛ بل احتفظ بها في "الكور" حتى لا يطلع أحد على خواء عقلك من أي تنظيم إداري وتصبح "طماشة" القاصي والداني.
  6. استخدم السلطة العليا لتحقيق مرادك وتخبطاتك الإدارية، فكلما أردت أمرا قل: "حسب التوجيه، حسب التعليمات، حسب المفاهمة مع المسؤول ، حسب حسب حسب".
  7. عطل المعاملات والإجراءات حتى تسمع من صاحب المعاملة عبارات التبجيل والثناء لشخصك؛ كقوله: "طال عمرك، سم، أبشر" وغيرها من العبارات التي تجعلك تشعر بقيمتك وأهميتك.
  8. فاجئ زملاءك بقرارات ارتجاليه في الإدارة، ولا تجعل أحد منهم يعرف مهام عمله بالضبط؛ واقنعهم بأن هذا من أساليب الإدارة الحديثة؛ وكذالك دربهم جميعًا على الاستعداد للقيام بإنهاء جميع الأعمال الشخصية الخاصة بالمسؤول، وأن هذه هي المهمة الأساسية لهم، وأن واجباتهم الوظيفية هي ثانوية (ولكن أحذر أن يسحبوا البساط من تحت قدميك فتفشل في كل شيء)!
  9. اعمل على تغير طاقم العمل في الإدارة ليكونوا من منطقتك حتى تضمن ولاءهم لك؛ وإن لم يتيسر ذلك فعلى الأقل اجعل من تعتمد عليه وينوب عنك في الإدارة من منطقتك؛ ولا تفشي أي من أسرار العمل للموظفين من المناطق الأخرى.
  10. كن في موقع وظيفي لا تستحقه؛ مع وجود من هو أجدر منك به، حتى تتعثر وتفشل بسرعة؛ كحال الطفل عندما يلبس حذاء أكبر من مقاس قدمه فإنه يتعثر ولا يستطيع المشي.
  11. دائمًا تحدث عن التنظيم والتنظيم والتنظيم؛ حتى يقتنع الناس أنك مدير منظم (بالطبع لا في الإدارة؛ بل في رسم طريقك نحو الفشل الذريع).
  12. أغلق أذنيك عن سماع أي نصيحة أو اقتراح أو نقد أو نحوه، واعتبر أن من يفعل ذلك عدوًا لك، لتكون بذلك مثال المدير الفاشل دون مقارنة!!
وقبل الختام أقول لك : هنيئًا لك هذا الفشل الذي تستحقه بامتياز وجداره!!!!!
وللمزيد يمكنك التواصل معي لكي أرشدك لأكاديمية متخصصة في هذا الفن الإداري الفريد الذي قل من يتقنه على أصوله !!!!
 
ودمتم ناجحين سالمين من الكرسي المعبود؛ كرسي الإدارة!!!
 

شذرات بقلم
أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
المهـ رحال ـاجر
القاهرة
1434/9/12هـ
نشر في صحيفة العالم الأن الإخبارية الإلكترونية
http://noworld.net/articles.php?action=show&id=478

2013/06/24

مديرو الدوام

شذرات قلم ‏
مـديـرو الــدوام


الإدارة هي إرادة وإدراك وبعد نظر وتميز وإبداع وإنجاز وأداء واجب وتحمل مسؤولية وحسن ‏تعامل وسلوك وآداب وأخلاق، وفن إدارة.‏
 
وعندما يفتقد المدير للكثير من تلك المعاني الإدارية السامية؛ فإنه يتوشح عباءة الحضور ‏والانصراف والتواجد على رأس العمل، بتكثيف الجولات الرقابية، والتنويع في إرسال ‏العيون الساهرة التي تراقب وتنقل له الصورة من هنا وهناك؛ وقد يصل به هذا الداء إلى ‏التسلط على الإدارات الأخرى التي لا تتبع له ولا تخصه؛ بل قد تكون أعلى منهم في الهرم ‏الإداري، ومن يتولاها أعلى منه مرتبة وقدرة إدارية، ليخفي ضعفه وفشله في الإدارة تحت ‏هذا الستار الذي يجعل بينه وبين الموظفين الذين لم يستطع التعامل معهم واحتوائهم تحت ‏إدارته؛ خاصة إذا كانوا يتفوقون عليه في علوم الإدارة والخبرة الإدارية، والعلاقات المتميزة ‏مع الآخرين.‏
 
وحتى لا ينكشف مديرو الدوام أمام المسؤول؛ فإنهم يعمدون إلى سل سيف المتابعة الدقيقة ‏واللصيقة لكل موظف، وإشهار القلم الأحمر في الشطب وإقفال بيانات الحضور، دون ‏مراعاة وتقدير لأي ظروف للموظف، ودون النظر إلى حجم الانتاج والإنجاز وسير العمل، حتى ‏أنك إذا دخلت مكتبه وجدت عدد من الملفات الملونة التي تحمل مسميات الحضور والانصراف ‏لكل إدارة وشعبة؛ وكأن مكتبه معرض لرسم الفن التشكيلي.
 
الإدارة ليست حضور وانصراف، وقلم أحمر يقفل به البيان، ولا شطارة في رفع أيام وساعات ‏التأخر للموظفين لتطبيق الحسم عليهم.‏
 
الإدارة ليست العودة للعصور الحجرية والتسلط بأنواع النماذج التي أصبحت من التاريخ؛ ‏وأنسب مقر لها مهرجان الجنادرية، ومتحف هنوفر، خاصة في ظل التوجه للحكومة ‏الإلكترونية.‏
 
الإدارة ليست تسلط ولا تصفية حسابات ولا تصيد أخطاء.
 
الإدارة ليست تكثيف جولات العيون الساهرة ومتابعة الموظفين حتى داخل دورات المياه.
 
الإدارة فن لا يدركه ضعفاء النفوس وناكري الجميل.‏
 
مديرو الدوام يتفننون في هذا الميدان لسابق خبرتهم بعدم الحفاظ على أوقات الدوام وتعودهم ‏على الخروج دون استئذان وكثرة غيابهم وعدم إنجازهم وتفريطهم في واجباتهم الوظيفية، ‏فبعد أن صاروا مدراء عمدوا للعنجهية الإدارية لإخفاء ماضيهم المظلم في حياتهم الوظيفية!!!



شذرات بقلم
أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
المهـ رحال ـاجر
الرياض
1434/8/15هـ
نشر في صحيفة العالم الأن الإخبارية الإلكترونية
http://noworld.net/articles.php?action=show&id=448

2013/06/17

العبد المأمور ... !!!

شذرات قلم
الـعـبــد المـأمـــور ... !!!

 

"أنا عبد مأمور" نسمع كثيرا هذه العبارة (ولن نخوض فيما قيل حولها، فهي ليست محل نقاشنا هنا) ويقول هذه العبارة من طلب منه إيصال أو تنفيذ أمر معين؛ أي الطاعة العمياء.
 
وغالبا في الميدان الوظيفي نجد كثير من المسؤولين يختارون من يتصفون بهذه الصفة "الطاعة العمياء" حتى يقوموا بتنفيذ ما يطلب منهم دون أي نقاش، وفعل ما يوجهون القيام به دون معارضة، فهم كالدمى يتحركون بواسطة "الزنبرك" فلا خيار لهم.
 
ومتى حاولت مناقشته أو الاستفسار منه أو الاعتراض على ما حمل إليك من بضاعة هزيلة مردودة، قال لك: (أنا مجرد موظف وصلت لك رسالة وتوجيهات من إدارتي) وأنا: (أنا عبد مأمور) ونسي أن والدته ولدته حرًا أبيًا، إلا أنه يئبا أن يكون كذلك.
 
أن يستعبد الناس الناس أمر عرفناه، لكن أن يقبل أحد من الناس أن يكون عبدا للناس، فهذا هو العجب العجاب!!!
 
الحياة تقوم على القيادة والانقياد، دون حد الإذعان؛ حتى لا تكون سببًا في قيام مظلمة لأي أحد من الناس.
 
وطبعا المستفيد من ذلك؛ ذاك المسؤول الذي حرص أن يجد مثل هذا الإنسان ليجعله "بيزًا وشماعة" بينه وبين الناس، ليتخارج من أي مأزق وحرج قد يقع به، ويحمل هذا المسكين المسؤولية ليخرج هو ناصع البياض من أي لعبة كان يخطط لها، وينوي القيام بها.
 
أداء الواجب الوظيفي لا يكون بالخنوع لرغبات المسؤول، ولا يكون باستمراء الكذب والخداع والمراوغة، وموافقة المسؤول على التجاوزات واللعب على الحبال، ومساندته في العزف على الأوتار التي تحقق مصالحه دون النظر في مصالح الآخرين وواجبات الوظيفة.
 
المصيبة أن هذا الفهم سائد عند البعض؛ حتى يحقق مصالحه وبلوغه قمة السلم الوظيفي "خاصة إذا كان وعده المسؤول بأن يحل محله بعد تقاعده!؟!" عبر هذا الطريق النتن الذي يستقذره كل شريف وذو خلق وأمانة وورع وخوف وتقوى من الله -سبحانه وتعالى - ولا يسير فيه إلا من قدم هواه ورضى نفسه على رضى الله والسعي لما عنده في الدنيا والآخرة.
 
نسأل الله العفاف والكفاف والغنى عن كل مسؤول متسلط، ونسأله أن يجعل مخافته جل في علاه نصب أعيننا وفي كل أعمالنا وأقوالنا إنه ولي ذلك والقادر عليه، وأن يجعل توكلنا عليه في السراء والضراء.
 
شذرات بقلم
أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
المهـ رحال ـاجر
الشماسية
1434/8/3هـ
نشر في صحيفة العالم الأن الإخبارية الإلكترونية
http://noworld.net/articles.php?action=show&id=439
 

2013/05/30

عندما تطمس الحقيقة ... !!!

شذرات قلم
عندما تطمس الحقيقة ... !!!
 
 
(ضربني وبكى، سبقني واشتكى) فن واقع يجيده الكثير؛ خاصة من يفقد اﻷمانة والمصداقية، ويتقن فن المراوغة ويجيد رفع الصوت؛ ﻹحداث ضجيج في الميدان، حتى لا يسمع صوت الحق فيعي اﻷخرون الحقيقة، ليعود الحق لصاحبه؛ والحق أبلج لا يغطى بغربال.

وهذه الدراما مستساغة ومعروفة من أهل هذا الفن وأصحاب السوابق في هذا الميدان.

لكن الغير مستساغ ولا يقبل؛ عندما يندفع من عليهم الشرهة وواقع المسؤولية بكل حرقة مع هذا الضجيج والسير في اتجاه تياره، دون أن يعودوا لمواقع الحقيقة وبحث منابع هذا الضجيج ودوافعه، والبحث عن الصوت المفقود والخافت لسماعه ومعرفة الواقع بالنسبة له، وتحليل اﻷقوال ومقارنتها باﻷصوات واﻷفعال، بحثا عن الحق والعمل به بكل تجرد، وبعيدا عن العواطف والتأثر باﻷجواء الخاصة للنيل من طرف ولوي ذراعه تحت جنح ظلام الباطل باسم الحق!

القاضي العادل لا يدون ولا يحكم حتى يسمع جميع اﻷطراف، ولا يصدر حكمه بلحظة إندفاع، وعليه التجرد من كل المصالح الشخصية والمؤثرات المحيطة به ليحكم بالعدل ويبرئ ذمته أمام الله - سبحانه وتعالى -.

هناك من يندفع وراء الضجيج، ويسعد به واستغلاله لتحقيق ذاته ومصالحه، باسم الحق والعدل والخوف من الله، وإن كانت شماعة تنطلي على البعض، إلا أنها شماعة ممجوجة ومكشوفة لا تنطلي على العقلاء، وأهل الذمم النزيهة الصادقة.

ومهما اشتغل من اشتغل تظل الحقيقة واضحة كفلق الصباح لا يمكن طمسها بحرف أو إمضاء جائر !!!!

 
شذرات بقلم
أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي

المهـ رحال ـاجر
الرياض
1434/7/20هـ
نشر في صحيفة العالم الأن الإخبارية الإلكترونية
http://noworld.net/articles.php?action=show&id=464