2010/12/23

ثقافة حزام الأمان ... بين السلامة والأناة ؟!؟

ثقافة حزام الأمان

بين السلامة والأناة








في يوم الخميس الماضي؛ يوم عاشوراء مررت بنقطة تفتيش " أم سدرة " طريق الرياض القصيم السريع، وطلب مني رجل الأمن الرخصة والاستمارة، ثم التوقف لتحرير مخالفة عدم ربط حزام الأمان، ولا إشكال هنا أنا مخالف وأستحق هذه المخالفة.

ولكن المشكلة هي المفاجأة التي حفزت رجل أمن الطرق أن يحرر لي هذه المخالفة، وهي قوله عندما طلبت منه أن يتجاوز هذه المخالفة: ( عدم ربطك للحزام يدل على أنك مستهتر برجل الأمن) ؟؟؟!!!

حقيقة تعجبت لهذا الرد، وقلت له : لم أستهتر ولكن أنتم من أعان على ذلك، فقبل سنوات كان هناك حملة وشدتم في تطبيق النظام، ثم بعد ذلك تراخيتم ولم تعودوا تسألوا عن حزام الأمان أصلاً ؟ فرد قائلاً : ( كان يوم شفت النقطة ربطت الحزام، وإذا تجاوزت النقطة فك الحزام ؟؟؟ ) عجبي من هذا الرد وتلك النظرة للحزام ؟ وكأن الموضوع شخصي وانتصار للذات !!!
والعجيب بدل من أن أسمع من رجل الأمن أي تعليمات أو نصائح أو إرشادات حول حزام الأمان وأهميته، أسمع منه تلك التعليمات المشددة لاستغفال رجال الأمن !!!

فبدل أن أعطي دروس توعوية وقائية " الوقاية خير من العلاج " رايح يعلم الناس كيف يلتفون على النظام ويجعلون منه العوبة؛ ففقد هيبته وأصبح نظام لا روح فيه .
إذا كان رجل الأمن الذي يفترض أنه أول العارفين بأهمية حزام الأمان، وأول المعرفين به، وأول المطبقين له، هذا مستوى ثقافته عن حزام الأمان وعن السلامة المرورية لسالكي الطريق، وما للحزام من دور بعد الله – سبحانه وتعالى – في التقليل من الإصابات عند وقوع الحوادث – لا قدر الله – فماذا نقول عنا نحن البعيدين عن ذلك ؟ وصدق المثل القائل : ( فاقد الشيء لا يعطيه ) .
ناهيك عن وعي الجهة المعنية بالتوعية بالسلامة المرورية وسلامة السائقين والركاب من أي أذى على الطريق، عندما أغفلت التوعية المرورية بالتوعية المادية ووضعتها في أعلى قسيمة المخالفة المرورية وبالخط العريض بضرورة التسديد قبل ثلاثين يومًا من تسجيلها لتفادي مضاعفتها للحد الأعلى، وكأنها جهة جباية أموال لا جهة معنية بالسلامة والأمن لسالكي الطريق !!!
كم كنت سأكون سعيدًا أنا وغيري لو وجدت من رجل الأمن هذا وغيره عبارات توعوية وإرشادية، وعلى قسيمة المخالفة وخلفها مطبوع عبارات إرشادية، وحصلت مع هذه القسيمة على نشرة أو نشرات توعوية وإرشادية عن السلامة .

كم تمنيت أن تتولى الجهات المعنية بأمن الطرق وبالمرور برفع المستوى الثقافي والتوعوي لدى أفرادها، قبل نشرهم في نقاط التفتيش وإشهار أقلامهم لتحرير المخالفات المرورية فحسب ( نعم المخالفات المرورية مطلوبة، ولكنها وسيلة وليست غاية ) .

وكذلك أن تواصل حملات التوعية والسلامة المختلفة، لتحقيق التواصل مع السائقين وسالكي الطريق، لضمان حركة مرورية سلسلة، ولتأمين السلامة للجميع – بإذن الله – ولتفادي كافة إشكالات الحوادث والمخالفات المرورية على الطرق .

ولرسم صورة حسنة عن تلك المؤسسة وأنها معنية بالسلامة أولاً لا بالجباية من خلال نشر أفراد ثقافتهم مركزة على إيقاع المخالفات وكأنه يتشفى من سالكي الطريق لتعويض نقص يشعر به اتجاه الآخرين .

كم نتطلع إلى خطة أمنية شاملة ومستمرة للتوعية المرورية لترسيخ الثقافية المرورية وخلق الحس الأمني لدى السائقين وقبل ذلك لدى أفراد ورجال الأمن، لنصل إلى احترام قوانين وأنظمة المرور والسلامة المرورية والتقيد بالسرعة القانونية وربط حزام الأمان واختفاء كافة أشكال المخالفات والتجاوزات المرورية والأمنية .



كتبه
أبوعبدالعزيز
الرياض
13/1/1432هـ

( موضوع معد للنشر في أحد الصحف اليومية )

صمام الأمان !!!


شذرات

قلم







صمام الأمان
 


الحمد لله القائل في محكم التنزيل ( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم )، والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين حامل رسالة الله ومنقذ بشريته ومخرجها من الظلمات إلى النور بإذنه، وهاديهم إلى الصراط المستقيم، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد :


يحرص الخبراء والصناعيين ورجال المال والأعمال من عمل صمام أمان يضمن سلامة تجارتهم ومنتجاتهم من الخسارة والعطب والفساد !!


فكيف بالنسبة للإنسان والأمم والشعوب ؟
فإن وجود صمام أمان يحفظ على الأمة أمنها واستقرارها ورغد عيشها، مطلب مهم وضروري يحرص كل فرد مخلص وصادق من أفراد الأمة على توفيره للغاية السامية من وجوده في هذه الحياة .


ولعل من أهم صمامات الأمان للأمة هي القيم، التي يكتسبها الإنسان من البيئة التي ينشأ ويترعرع فيها، لذا نجد أن الأسر تهتم بزرع القيم التي ترى أهمية غرسها في أبناءها منذ طفولتهم؛ حيث تربيهم وتنشئهم على بوتقة معينة من القيم التي تؤمن بها؛ من القيم الدينية والثقافية والمهنية والسلوكية والاجتماعية، وفق ما تعتقده هذه الأسرة وتؤمن به، حيث يتأثر الناشئ بتلك المقومات فتظهر على سلوكه وتعلمه واختياراته ومواقفه وحاجاته وذوقه، وتجعله يصدر الأحكام وفق تلك القيم التي تشربها منذ نعومة أظفاره .


إن تعزيز القيم الإنسانية السليمة والصحيحة والاهتمام بها؛ يتطلب تضافر جهود الأسرة والمدرسة والحي والمجتمع ممثلاً في كل أطيافه ومؤسساته الحكومية والأهلية؛ خاصة في هذه المرحلة وتحت عجلة التقدم التكنولوجي الهائل والمتغير الذي يشهده العالم اليوم؛ في ظل تطور وسائل الاتصال والمعلومات التي أزالت الحدود وقربت المسافات وجعلت من العالم قرية صغيرة؛ تتلاطم بكم هائل من العادات والتقاليد والقيم المتباينة .


فالاهتمام بتعزيز القيم الإنسانية السليمة، بات مطلب وطني للحفاظ على هويتنا الدينية الصحيحة والاجتماعية السليمة وخصوصيتنا المستقاة من تعاليم ديننا الحنيف، تلك القيم التي يجيب غرسها في نفوس أطفالنا وتنشئة شبابنا وتطبيعهم اجتماعيًا عليها .


فالقيم السليمة من الركائز الأساسية المهمة في تكوين الشخصية لدى الفرد، وهي صمام أمان تمكنه من تأكيد مبدأ الرقابة الذاتية لسلوكياته التي تنعكس على المجتمع والأمة.


والقيم هي المحرك للطاقة والموجه للأهداف السامية التي تصنع مجتمعًا متقدمًا في كافة الميادين .


ولنا في القيم التي أقرها الإسلام خير مثال؛ حيث مكنت الحضارة الإسلامية من أن تكون مضرب المثل في التحضر المبني على قيم العدالة والإخاء والمساواة تحت إشعاع نور تعاليم الدين الإسلامي الحنيف .


فالقيم الصحيحة المبنية على تعاليم دينية ومفاهيم سليمة ومعتقد نقي هي الضمان والأمان – بإذن الله – لاستقرار المجتمع ونمائه واستقامته .


فكم نحن في أمس الحاجة إلى نشر الوعي الديني ، وتعزيز قيم التعاون وحسن التعامل ومبدأ التكامل والخلق الرفيع (وإنك لعلى خلق عظيم) فلم يصف ربنا – عز وجل– نبينا وقدوتنا محمد –صلى الله عليه وسلم– بهذا الوصف؛ إلا بعد أن تأصلت القيم السليمة فيه من الإيثار والصدق والأمانة وحسن الخلق وغيرها من الخلق الحسنة العظيمة في كل تعاملاته .


فالقيم هي العامل الفعال ليقظة ضمير الأمة وفاعلية الشعوب وقدرتها على العطاء لبناء حضارة يشع نورها ليملأ الأرض بالخير والسعادة والأمن والاستقرار والرخاء .


فمتى انعدمت القيم فسدت الخلاق وانهارت الأمة وسقطت حضارتها .


والأمل معقود بعد الله – سبحانه وتعالى – في أبناء أمة الإسلام ورجالات الأمة المخلصين من المسؤولين وطلبة العلم والدعاة الربانيين ورجال الحسبة والمخلصين في هذه البلاد المباركة – أرض الحرمين الشريفين – لتأصيل القيم الإسلامية السليمة، وتعزيزها في نفوس نشئ الأمة وشبابها، كل من موقعه وعبر وسيلته التي يتمكن من خلالها إرساء تلك الأسس والمبادئ القيمة التي تشكل صمام أمان للأمة الإسلامية عمومًا ولمجتمعنا على وجه الخصوص .


وما تلك الملتقيات التي تعقد بين الفينة والأخرى إلا دليل على هذا الوعي والإدراك لحاجات الأمة، وشبابها على وجه الخصوص، لفتح قنوات من التعاون والشراكات لتعزيز تلك القيم وغرسها على أسس علمية سليمة، وفق إستراتيجية تنتهجها هذه المؤسسة المباركة " الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " – نسأل الله لها وللقائمين عليها العون والتوفيق والسداد – في إطار الحرص على تنمية المفاهيم الإيجابية والقيم السليمة وتحصين جسد الأمة من الأفكار المنحرفة والضلالات الهدامة .


تتطلع الأمة إلى ملتقى "خير أمة" الثالث الذي يعقد هذا العام تحت عنوان "الشراكة في تعزيز القيم" والذي يعقد بعد أيام، أن يحتضن مشاركات فاعلة للخروج بخطة عمل واضحة المعالم وبرامج وأنشطة تطبيقية لترسيخ القيم الصحيحة، وآليات تعليمها والثبات عليها وتفعيلها، ورصد أسباب ومظاهر انحسارها وانتشار المفاهيم السلبية خاصة لدى الشباب، وفق دراسات وورش عمل تفاعلية مشتركة للإسهام في تقديم الحلول العلمية والعملية لمعالجة المشكلات الأخلاقية والحد منها، وكذلك الإسهام في وضع المعايير والمؤشرات التي تحكم تطبيق القيم في المجتمعات من خلال الشريعة الإسلامية، ورفع الوعي الثقافي لدى المجتمع بالقيم الأخلاقية والمعرفية في الخطاب الديني عبر استخدام كافة تقنيات التواصل الحديثة الممكنة، بتبني منهج الوسطية والاعتدال في ذلك، للوصول إلى الغايات والأهداف المنشودة، خاصة ما هو متعلق بأمورحياتنا اليومية.
وختامًا أسأل الله أن يبارك في هذه الجهود، وأن ينفع بهذا الملتقى، وأن يجزل للقائمين عليه، ولمن هو تحت رعايته وجميع العاملين عليها الأجر العظيم ويجعل ما قدموا في ميزان حسناتهم وأن يوفقهم لخير الدنيا والآخرة .


والله من وراء القصد، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين ؛؛؛




شذرات بقلم
أبوعبدالعزيز
الرياض
13/1/1432هـ