2012/07/13

الزميل الأناني

شذرات قلم

الزميل الأناني

( من واقع الميدان الوظيفي )


الزملاء في العمل والميدان الوظيفي هم محور نجاح الإدارة من عدمها.

فبتفاهمهم وتعاونهم وتبادل الأدوار الوظيفية فيما بينهم وحرصهم على حسن الأداء والإرتقاء بمهامهم وواجباتهم الوظيفية وقيام كل منهم على خدمة زميله ومساعدته في القيام بواجباته الوظيفية وسد غيبته وإثار بعضهم لبعض في كل ما يخدمهم (من دورات تدريبية وترشيح لمواقع أفضل وتقديم إجازته في الوقت الذي يناسبه وتقدير ظروفه وقدراته وإمكاناته وتزويده بالمعلومات التي تعينه على أداءد واجباته الوظيفية بكل يسر وسهولة) وما إلى ذلك من الأمور التي تكون بين الزملاء والتي تتطور في كثير من الأحيان لتتحول إلى صداقة قوية ومتينة ومستمرة مدى الحياة.

إلا أن هناك زميل أناني لا يحب إلا نفسه ولا يفكر في غيره ولا يهتم إلا بذاته ومصالحه الخاصة دون غيره ممن حوله من الزملاء، فلا يتعاون معهم ولا يسد مكانهم ولا يساعدهم ولا يقدر ظروفهم وقدراتهم وإمكاناتهم ولا دلالتهم على الخير والمنفعة الوظيفية لهم، فهو لا يفكر إلا في نفسه؛ حيث أن الأناة مرتفعة لدية، لدرجة أنه يتناسا من حوله فتجده يتشاغل عنهم بأي أمر وإن كان تافها، أو يلجأ للجوال والانشغال باتصالات وهمية، وإن حدثته تظاهر بالنوم وهو على كرسيه، ومتى تحدث رفع صوته ليسمع الجميع حكاياته البطولية المكررة، وأفضاله وجمائله الوهمية على الغير.

وما ذلك إلا لأن اهتمامه مقتصر على نفسه وحاجاته الخاصة، ونظرته لغيره نظرة دونية وسلبية؛ لأنه يشعر بالنقص، فهو لا يشعر بمن حوله، وليس لديه انتماء للزملاء وفريق العمل الواحد، والمنظمة التي ينتمي إليها.

فأنانيته قاتله وقد يتخذ من أسلوب الإرهاب النفسي وسيلة لتحقيق مآربه السيئة وإبعاد شبح النقد لإخفاقاته وفشله؛ لجأ لترهيب الزملاء.

فنجده في أحيان كثيرة يؤكد على عمق وقوة علاقته بالمسؤول؛ بل يذكر اسم زوجة المسؤول صراحة دون كنية، ويذكر أوصاف بيت المسؤول حتى المطبخ بل وغرفة النوم، ليؤكد للجميع أنه واصل وذو علاقة قوية به، مع ذكر مايؤكد هذه العلاقة بقصص مختلقة، ما علم أنه بمثل هذه الخرافات تعود سلبا عليه من الزملاء الذين يستهجنون مثل تلك الأعمال والأقوال، لقناعتهم أن من لم يحفظ سر المسؤول وحرمة بيته وأسرته؛ فهو ليس حري بإقامة علاقة زمالة معه، فضلا عن علاقة صداقة.

بذلك خسر الزميل الأناني الزملاء، وقبل ذلك خسر نفسه وقيمته واحترامه ومكانته بين الجميع، فالأنانية داء مهلك.

ولعل من أسباب ذلك، الخوف من كل شي خاصة ممن حوله، والعيش في بيئة دلال ودلع وسط أسرته في طفولته، مما نماها لديه.

وكذا لعدم النضج والوعي والإد اك الاجتماعي، وعدم القدرة على تحمل المسؤولية، والالتزام بالكلمة والوفاء بالوعد.

والزميل الأناني؛ يعطل عجلة النمو والسير والتقدم في الإدارة والمنشأة؛ لأنه يسعى لتحقيق نفسه وذاته، قبل أي شي، بينما الإدارة تسعى لتحقيق الأهداف الذي أنشئت من أجله، وتنفيذ خططها التوسعية والتطويرية المستقبلية.

فالزميل الأناني؛ بذلك يسير بالإدارة نحو الاتجاه المعاكس والخاطئ، لذا سرعان ما يظهر فشله بين الزملاء والمسؤولين.

فتنهار علاقاته الرفيعة والمتأرجحة، وإن اجتهد في تحقيق ذاته ومصالحه، فهي على حساب سعادته وعلاقته بزملاءه وحسن أداءه الوظيفي.

فالزميل الأناني؛ هو كالجرثومة في جسد الإدارة؛ والجرثومة داء يجب القضاء عليها واستأصالها، حتى تستقيم العلاقات بين الزملاء، وتسير الإدارة بالاتجاه الصحيح لتحقيق أهدافها، التي يعيقها مثل وجود الزميل الأناني.



شذرات بقلم
أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
المهـ رحال ـاجر
الشماسية
22 شعبان 1433هـ

نشرت في صحيفة الجزيرة
http://www.al-jazirah.com/2012/20120906/rj5.htm

في العدد رقم 14588
الصادر يوم الخميس الموافق 19 شوال 1433هـ
صفحة (وجهات نظر) ص 34 الطبعة الأولى