شذرات قلم
ما بين طلب الإمارة والترشيح لها
يحرص الخلق على الإمارة؛ وتولي الرئاسة والإدارة وقيادة الأمة – إلا من رحم الله منهم – وهذه جبلة جبل عليها الناس في حب الإمارة والزعامة، حتى أفضت إلى النزاعات والخلافات وظهور المفاسد وتفشي الفتن بين الناس والأمم؛ لكثرة من يتولى الإمارة من غير أهلها ومستحقيها.
وقد ورد النهي النبوي الصريح من نبي الهدى – عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم – عندما قال لعبدالرحمن بن سمرة – رضي الله عنه – : (يا عبدالرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة، فإن أُعطيتها عن مسألة وُكلتَ إليها، وإن أُعطيتها عن غير مسألة أُعنتَ عليها..).
كما جاء التحذير من نبينا من طلب الإمارة بقوله – صلى الله عليه وسلم – : (إنكم ستحرصون على الإمارة، وستكون ندامة يوم القيامة، فنِعْم المرضعة وبِئْست الفاطمة).
وطلب الإمارة يفضي إلى مظاهر عديدة وأمراض خطيرة تنعكس سلبًا على صاحبها وعلى من تحت يده والمجتمع بأسره، ومن هذه المظاهر: (العجب بالنفس والإصرار على الرأي وعدم التنازل عنه وإن ظهر خطأه وبطلانه بالحجة والدليل، والعمل على بيان عيوب الآخرين ونقد أعمالهم وأفكارهم ومقترحاتهم، وتصدر المجالس والمنابر بغض النظر عن أهليته لها، والتعسف في استخدام السلطة عندما يكون رئيسًا والتهرب منها عندما يكون مرؤوسًا) وغير ذلك من المظاهر، التي يقوده إليها فساد النية وعدم الإخلاص وضعف النفس ودنو الهمة وإتباع الهوى وارتكاب المخالفات من أجل تحقيق المصالح الشخصية التي تطيل مدة مكثه على كرسي الإمارة.
لذا يتبين لنا منافع التحذير النبوي من طلب الإمارة لما تفضي إليه، أما طلب الوظيفة المناسبة لتخصص الإنسان ومستواه العلمي وقدراته المهنية فهذا مطلب تستدعيه المصلحة ولا أظنه داخل تحت طلب الإمارة؛ بل هو التكامل والتوازن في شغل الموقع المناسب ليفيد ويقدم ما يستطع أن ينفع به الأمة من خلال الوظيفة التي تناسبه وتناسب قدراته وإمكاناته.
وحال الإمارة تعطى ولا تسأل؛ وهي تكليف وليست تشريف، فمتى أعطيت للإنسان وكان أهل لها وقادرًا على القيام بمهامها قبلها وتحملها وكان له من الله العون والتوفيق؛ ومتى وأعطيت له وعلم في نفسه عدم القدرة والأهلية لها اعتذر عنها وكان له من الله الأجر والثواب ومن المعطي التقدير والاحترام " ورحم الله امرئ عرف قدر نفسه " فهي أمانة تقوم عليها حقوق وواجبات ومسؤوليات عظيمة، تثقل الكاهل وتحيط بالعنق.
وهناك فرق بين طلب الإمارة وعرضها، والاتهام بطلبها من عارضها !!!!
شذرات بقلم
أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
المهـ رحال ـاجر
الرياض
15/11/1432هـ
أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
المهـ رحال ـاجر
الرياض
15/11/1432هـ