2012/10/23

مـدن حـضــاريـــة

خاطرة

مـدن حـضــاريـــة

على الطرق
بين مناطق ومدن ومحافظات المملكة

(أصل هذه الخاطرة قديم وسبق تقديمة لوزارة الشؤون البلدية والقروية في عام 1429هـ)

 

اطلعت على مقال الدكتور / محمد بن عبدالله العوين (سافر يا حبيبي وارجع: محطات ‏طرق تجبرك على ألا تقف إلا في مبتغاك البعيد..!) المنشور في العدد رقم (14625) ‏من هذه الصحيفة الغراء، الموافق يوم السبت 27/11/1433هـ(http://www.al-jazirah.com/2012/20121013/ln15.htm )الذي تحدث فيه عن ‏المحطات على الطرق البرية بين مناطق ومدن المملكة في مختلف الاتجاهات، وما تعانيه ‏من سوء خدمات وقصور في الأداء.‏

إنني أشاطر الدكتور / محمد، تلك الحالة التي يعاني منها جميع مرتادي الطرق، وهذا من ‏خلال ما دونته من خواطر حول تلك المحطات والمؤمل أن تكون عليه.‏

وتعقيبًا على ذلك؛ أضع بين أيدكم هذه الخاطرة ‏والمتمثلة في تقديم مدخل إلى فكرة إنشاء مدن حضارية على الطرق البرية التي تربط بين مناطق ‏المملكة ومحافظاتها ومدنها ببعضها.‏

إذ لا يخفى على أحد ما يحتاجه المسافر خاصة على الطرقات الطويلة إلى أماكن يتوقف فيها ‏للراحة والصلاة والتزود بالمؤن والغذاء وبعض الاحتياجات، وإجراء بعض الصيانة الخفيفة ‏لسيارته.‏

وفي هذا الوقت الذي تعيش فيه بلادنا الغالية أوج ازدهارها ورقيها، وسيرها في خطى حثيثة ‏وواثقة للجذب السياحي إليها سواء من المواطنين أو المقيمين أو من مواطني دول مجلس التعاون ‏أو من الدول العربية أو من السياح الأجانب من الشرق والغرب.

ولآن معظم هؤلاء المسافرين والسياح يستخدمون المواصلات البرية في معظم تنقلاتهم فأجدها ‏مناسبة أن أتقدم بفكرة هذا المشروع مساهمة في دعم السياحة الداخلية، وإبراز معالم النهضة التي ‏تعيشها مملكتنا الحبيبة – حرسها الله من كل مكروه – ويتمثل هذا المشروع في (إنشاء مدن ‏حضارية على الطرق الواقعة بين المناطق والمدن) لتكون معلمًا بارزًا من المعالم السياحية في ‏بلادنا.‏

وفي طرحي لهذه الفكرة فإني أحاول أن أعطي مدخلاً إلى مشروع تلك الفكرة، التي تبقى في ‏الأصل فكرة قابلة للطرح والمناقشة والتعديل بما يجعلها تتناسب مع أهمية تفعيل مثل هذا ‏المشروع – وهذا بالطبع في حال استحسان الفكرة – .

الـفـكـــرة :‏

تتلخص الفكرة في إنشاء وتشييد (مجمع أمني وخدمي وتجاري أو مدينة حضارية) على الطرق ‏السريعة والزراعية التي تربط بين المناطق والمدن في مختلف أرجاء المملكة.‏

وتكون تلك (المجمعات أو المدن الحضارية) عبارة عن مراكز أمنية وإسعافية وتجارية وخدمية ‏لهذه الطرق، وبالوقت نفسه تمثل معلمًا حضاريًا لهذه الطرق وللمناطق والمدن التي تقع في ‏حدودها؛ يمزج في تصميمه المعماري بين الماضي والحاضر، مستشرفًا لمستقبل زاهر – بإذن ‏الله تعالى –.‏

الـهــدف :‏

الهدف من تشييد تلك (المجمعات أو المدن الحضارية) هو إبراز أحد أهم اهتمامات المملكة بالطرق ‏ممثلة بوزارة النقل، ووزارة الشؤون البلدية والقروية، والهيئة العامة للسياحة والآثار؛ وغيرها من ‏الجهات ذات العلاقة؛ بغية ترسيخها في عقول المسافرين والسياح وعابري طرق المملكة من ‏خلال واقع مشاهد وملموس، وبصورة فنية وحضارية، ولتكون معلمًا سياحيًا خاصًا وفريدًا ‏لمناطق المملكة، يتذكره كل عابر لهذه الطرق من الضيوف والسياح والزوار للمملكة من الحجاج ‏والمعتمرين والمصطافين والعاملين في المملكة.‏

الشكل التصميمي :‏

تمتاز مناطق المملكة بنماذج متعددة من التصاميم المعمارية القديمة والحديثة، وكل منطقة ‏ومحافظة تمتاز بطراز معين من المباني الأثرية، وهي لوحات فنية متميزة وفريدة، لهذا فإنه من ‏المناسب أن تكون تلك المدن الحضارية مستوحات في تصميمها المعماري من تلك التصاميم؛ ‏بحيث يكون تصميم تلك المدن (المدن الحضارية) وفق الطراز المعماري القديم الممزوج بالطراز ‏الحديث لتشكل بذلك لوحة فنية معمارية متميزة ومعبرة في آن واحد.‏

مكونات المشروع :‏

تكتمل الغاية من هذا المشروع في مكوناته، فلعل من أهم مكوناته ما يلي:‏
‏1 – الشكل العام للمشروع:
أ – مجمع تجاري وخدمي وأمني وإسعافي في موقع واحد.‏
ب – يكون في موقعين على جانبي الطريق يربط بينهما جزيرة معلقة (جسر) ‏تحتوي على المطاعم والسوق التجاري والمعارض وغيرها، ويكون هناك ‏محطتين للتزود بالوقود على جانبي الطريق، وتوزع المكاتب الإدارية للقطاعات ‏العاملة والمستفيدة من الموقع، ومراكز الصيانة وغيرها موزعة بين الجانبين ‏وتكون الجزيرة همزة وصل بينها وكذلك يستفاد منها كمنطقة دوران.‏

‏2 – الشكل التفصيلي لمكونات المشروع: بحيث يتكون المشروع في مجموعه مما ‏يلي:‏
أ – محطة (للتزود بالقود، ولتغيير الزيت والبنشر وخلافه).‏
ب – مكاتب إدارية، وتخصص للقطاعات العاملة والمستفيدة من الموقع ، كـ :
‏1 – أمن الطرق.
2 – الجوازات.
3 – الدفاع المدني.‏
4 – الهلال الأحمر.
5 – الإرشاد السياحي.
6 – الإعلام.
7 – فرق الصيانة.
8 – الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد.‏
‏(وغيرها من الجهات المستفيدة من الموقع).‏

ج – مسجد (ومصلى للنساء) بكامل خدماته.‏
د – مقرات خدمية، وهي كثيرة منها على سبيل المثال:‏
1 – استراحة (غرف للتأجير بالساعة).
2 – دورات مياه.‏
3 – مطعم / مطاعم عالمية.
4 – أسواق (سوبر ماركت).‏
5 – كافتيريا للقهوة وللوجبات السريعة.
6 – معارض للملابس والعطورات.‏
7 – ورشة للصيانة "الخفيفة"
وغيرها من المقرات الخدمية المطلوبة عادة.‏

هـ– مركز لسيارات ووحدات الدفاع المدني.
و – مركز لسيارات ووحدات الهلال الأحمر.‏
ز – مواقف للسيارات الرسمية وسيارات الموظفين العاملين في تلك المدن.‏

3 – مواقف: يخصص مواقف عامة، تستوعب الشاحنات والحافلات والسيارات ‏الصغيرة.‏

الـتـنـفـيــذ :‏

تتبنى الجهة ذات العلاقة (كوزارة النقل، أو وزارة الشؤون البلدية والقروية) فكرة إنشاء هذه المدن ‏الحضارية على الطرق التي تربط مناطق المملكة ومحافظاتها ومدنها وقراها ببعضها، ويعنى ‏بدراستها وتصميمها فريق عمل؛ من خلال تشكيل لجنة مشتركة من الجهات المعنية بالعمل بتلك ‏المدن، كـ: وزارة النقل، وزارة الشؤون البلدية والقروية، ووزارة الداخلية؛ ممثلة في (أمن ‏الطرق، الجوازات، الدفاع المدني) وهيئة الهلال الأحمر السعودي، الهيئة العامة للسياحة والآثار، ‏ووزارة الثقافة والإعلام، ووزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، وشركة أرامكو ‏السعودية، وغيرها من الجهات ذات العلاقة للخروج بمتطلبات تلك الجهات ليتم تصميم تلك المدن ‏وفق الاحتياج، مع الأخذ بعين الاعتبار بمتطلبات التوسع المستقبلية، وكذلك العوامل المناخية ‏والمواقع الجغرافية لمواقع تلك المدن الحضارية.‏

نتائج مرجوة من المشروع :‏

في نظري أنه سوف يتحقق – بإذن الله تعالى – من هذا المشروع عدد من النتائج منها على سبيل ‏المثال:‏
1.‏ أن تكون هذه المدن معلمًا يبرز من خلاله النهضة التي تعيشها بلادنا الغالية ‏‏– ولله الحمد والمنة – .‏
2.‏ تهيئة تلك المدن بنقاط أمنية، وبكل متطلباتها وتجهيزاتها الأمنية اللازمة.‏
3.‏ تهيئة تلك المدن بمراكز للعناية بالسلامة (الدفاع المدني والهلال الأحمر) ‏وإبراز عناية المملكة بهذا الجانب.‏
4.‏ دعم السياحة الداخلية بالمملكة بمشروع معماري حضاري متميز، ويجاد مقر ‏للإرشاد السياحي في متناول كل مستخدمي الطريق.‏
5.‏ دعم الجانب الثقافي والإعلامي والدعائي من خلال تهيئة مقر يعنى بهذا ‏الجانب في تلك المدن ليتواصل مع الجمهور معها في الجوانب الثقافية والإعلامية ‏والإرشادية وغيرها من الجوانب.‏
6.‏ نشر الوعي والدعوة للإسلام بين أبناء الجاليات المرتادة لتلك المدن.‏
7.‏ يمكن أن يطلق على كل مدينة أسم أحد أعلام بلادنا البارزين.‏
8.‏ سوف تعكس تلك المدن الحضارية صورة ايجابية لدى مرتاديها من ‏السعوديين وغير السعوديين، مما يجعل لها صدى في كل مكان.‏


وفي الختام أرجو أن أكون قد وفقت في طرح تلك الخاطرة، التي أجزم أن غيري كثير قد سبقوني ‏بخواطر أخرى تصب في مجموعها لخدمة هذا الوطن الغالي علينا جميعًا، والتي نؤمل من خلالها ‏أن نرى تلك الأفكار والمقترحات واقعًا ملموسًا يستفيد منه المواطن والمقيم على ثرى تلك الأرض ‏الطاهرة قريبًا – بإذن الله تعالى –.‏



خاطرة بقلم
أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
المهـ رحال ـاجر
الرياض
20/10/1429هـ

نشرت في صحيفة الجزيرة يوم الثلاثاء 7/12/1433هـ؛ الموافق 23/10/2012م
في العدد رقم (14635) صفحة عزيزتي الجزيرة ص 18، بتصرف من الصحيفة)
http://www.al-jazirah.com/2012/20121023/rv1.htm