2013/07/23

همم الرجال لا حدود لها

شذرات قلم
همم الرجال لا حدود لها


قبل عدة سنوات كنا في مانيلا في مهمة عمل رسمية، ودار بيننا حديث عن الدراسة وأهمية إكمالها، فكان من بيننا أخي أبا محمد الذي عقد العزم على مواصلة دراسته؛ وكان حينها لا يحمل إلا شهادة الكفاءة المتوسطة، فشمر عن ساعدي الجد بعد أن توكل على الباري – سبحانه وتعالى – وبدأ المشوار منتسبًا في الثانوية العامة؛ حتى كان له ذلك؛ بل كان من العشرة الأوائل على مستوى المملكة في الثانوية العامة، ثم جدد العزيمة والتحق بالجامعة حتى حصل عليها، وها هو اليوم يرسل لي رسالة عبر "الواتس أب" ليخبرني أنه حصل على درجة الماجستير؛ حيث قال في رسالته: (اللهم لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضا، جرت اليوم مناقشة رسالة الماجستير، وبفضل من الله تمت إجازتها، فله الشكر والثناء سبحانه على ما أنعم به على عبده) بهذه الكلمات المليئة بالحمد والثناء لله – سبحانه وتعالى – زف خبر نيله هذه الدرجة العلمية التي كانت قبل سنوات حلم يراوده؛ إلا أنه بفضل الله – عز وجل – تمكن من تحقيق ذلك.
كيف لا يكون ذلك وهو عبد شاكر لنعمة ربه عليه.
 
قال الشاعر:
إذا كان شكر الله للعبد نعمة ... عليها من الله له يجب الشكر
فكيف له بالشكر والشكر نعمة ... ولو والت الاحقاب واتصل العمر
 
وقال آخر:
لك الحمد مولانا على كل نعمة ... ومن جملة النعماء قولي لك الحمد
فلا حمد إلا أن تمن بنعمة ... فسبحانك لا يقوى على حمدك العبد
فرغم أنه على رأس العمل، ورب أسرة، ولديه ارتباطات أسرية واجتماعية، ورغم بعده عن أرض الوطن وتنقله من بلد إلى بلد بحكم طبيعة عمله؛ إلا أنه عمل على تحقيق حلمه ولم يستسلم للعوارض والعوائق والمشاق والصعوبات التي واجهها خلال مسيرته الطويلة التي بدأت من مانيلا مرورًا بجاكرتا ثم الرياض ثم طوكيو ثم عمان، ولن تنتهي عند هذا الحد، فهمته عالية وهكذا هي همم الرجال، همم عالية عملاقة تعانق قمم الجبال في علوها وشموخها، فلا تقف عند هامات الرجال الجادين الذين يعملون ويثابرون بكل جد وإخلاص وتفاني من أجل تحقيق أهدافهم السامية.
 
الناس يتفاوتون في أهدافهم وفي سبل تحقيقها، ويختلفون في هممهم التي تحلق بهم لبلوغ تلك الهمم والغايات التي قصدوها وعقدوا العزم على تحقيقها.
 
فهناك من يحلق بالسماء بهمته ويحلق معها غاضًا الطرف عما يكون في مدارج التحليق من معوقات وصعوبات؛ بل أنه بهمته يجعل من تلك الصعاب عتبات لسلم يرتقي به لبلوغ قمة المجد، فلا تلهيه أي مشاغل، ولا يشغله أي شاغل عن تحقيق ما أراد من طموح عالي ترتقي إليه غاياته الرفيعة المثلى.
 
وهكذا هم المؤمنون الصادقون يطيرون بهممهم العالية حتى بلوغ قمم الجبال والتربع عليها.
 
فكل التهاني والتبريكات لأخي أبا محمد تحقيق هذا الهدف، وبإذن الله قريبًا نبارك لك حصوله على درجة الدكتوراه، والله نسأل أن يوفقنا جميعًا لطاعته، وأن يجنبنا معصيته، وأن يرزقنا لإخلاص في القول والعمل، كما نسأله أن يعلي مراتبه في الدنيا والأخرة وأن يجعل هذه الدرجة عونًا على طاعته ونصرة دينه والذود عن سنة نبينا محمد صلَّ الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين؛؛؛

 
 
شذرات بقلم
أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
المهـ رحال ـاجر
الرياض
الثلاثاء 1434/9/14هـ

2013/07/22

كيف تصبح مديرًا فاشلاً في أسبوع ؟!؟

شذرات قلم
كيف تصبح مديرًا فاشلاً في أسبوع ؟!؟



هناك العديد والعديد من الدورات والبرامج التي تعقد لتحقيق هدف محدد في أسبوع؛ كـ:
  • كيف تتعلم اللغة الإنجليزية في أسبوع!
  • كيف تتعلم اللغة الفرنسية في أسبوع!
  • كيف تصبح مديرًا ناجحًا في أسبوع!
  • كيف تصبح رجل أعمال في أسبوع!
  • كيف تصبح إعلاميًا في أسبوع!
  • كيف تصبح وكيف تكون وكيف تحقق؛ في أسبوع؛ وفي يوم؛ وفي ثلاثة أيام؛ في العديد من المجالات الإيجابية والطموحة التي ينشدها المتميزيين وأهل الطموح !
إلا أنه لا يوجد شيئًا منها لتحقيق الفشل في يوم أو أسبوع أو أكثر أو أقل، لأن الفشل لا يحتاج إلى دورات وبرامج في نظر الكثير؛ فقط لا تعمل؛ سر عكس الاتجاه؛ تخبط، تصبح فاشلاً!
والحقيقة أن الفشل الحقيقي؛ فن لا يدركه الكثير من الفاشلين، وحتى تكون مديرًا فاشلاً بامتياز، فإليك بعض الخطوات التكتيكية التي تجعلك مديرًا فاشلاً؛ بل وتكون مضرب المثل في الميدان الوظيفي؛ ومن ذلك:
  1. تنكر لزملاء الأمس، وكأنه لم يكن بينك وبينهم علاقة ود وزمالة ورفقة وعمل.
  2. لا تذكر ولا تعترف بجميل سابق لأحد من الزملاء، بل أكد بأنك وصلت لكرسي الإدارة بجهدك وعرقك وجدارتك؛ لا بإخلاصك للمسؤول وتقديم العديد من الخدمات التي جعلته يرشحك لكرسي الإدارة.
  3. تعامل مع جميع الزملاء بكل "جلافة" (وإن استطعت أن تريهم العين الحمراء ففعل) حتى تفرض شخصيتك الإدارية.
  4. اعمل على التخلص من جميع الكفاءات الإدارية في إدارتك؛ واستبدلهم بموظفين مستجدين لا يفقهون شيئا في الإدارة؛ حتى تحكم سيطرتك عليهم وتمرر ما تريده من قوانين ارتجالية ورجعية عفى عليها الزمن، وحتى لا ينكشف أمر عدم قدرتك على الإدارة أمام المسؤول الذي ظنك إداري محنك من خلال أسلوب حملك لحقيبة سفره في مطارات لندن وجاكرتا وبرلين وبيروت وغيرها.
  5. لا تضع لك خطة عمل ورؤية استراتيجية مكتوبة وواضحة؛ بل احتفظ بها في "الكور" حتى لا يطلع أحد على خواء عقلك من أي تنظيم إداري وتصبح "طماشة" القاصي والداني.
  6. استخدم السلطة العليا لتحقيق مرادك وتخبطاتك الإدارية، فكلما أردت أمرا قل: "حسب التوجيه، حسب التعليمات، حسب المفاهمة مع المسؤول ، حسب حسب حسب".
  7. عطل المعاملات والإجراءات حتى تسمع من صاحب المعاملة عبارات التبجيل والثناء لشخصك؛ كقوله: "طال عمرك، سم، أبشر" وغيرها من العبارات التي تجعلك تشعر بقيمتك وأهميتك.
  8. فاجئ زملاءك بقرارات ارتجاليه في الإدارة، ولا تجعل أحد منهم يعرف مهام عمله بالضبط؛ واقنعهم بأن هذا من أساليب الإدارة الحديثة؛ وكذالك دربهم جميعًا على الاستعداد للقيام بإنهاء جميع الأعمال الشخصية الخاصة بالمسؤول، وأن هذه هي المهمة الأساسية لهم، وأن واجباتهم الوظيفية هي ثانوية (ولكن أحذر أن يسحبوا البساط من تحت قدميك فتفشل في كل شيء)!
  9. اعمل على تغير طاقم العمل في الإدارة ليكونوا من منطقتك حتى تضمن ولاءهم لك؛ وإن لم يتيسر ذلك فعلى الأقل اجعل من تعتمد عليه وينوب عنك في الإدارة من منطقتك؛ ولا تفشي أي من أسرار العمل للموظفين من المناطق الأخرى.
  10. كن في موقع وظيفي لا تستحقه؛ مع وجود من هو أجدر منك به، حتى تتعثر وتفشل بسرعة؛ كحال الطفل عندما يلبس حذاء أكبر من مقاس قدمه فإنه يتعثر ولا يستطيع المشي.
  11. دائمًا تحدث عن التنظيم والتنظيم والتنظيم؛ حتى يقتنع الناس أنك مدير منظم (بالطبع لا في الإدارة؛ بل في رسم طريقك نحو الفشل الذريع).
  12. أغلق أذنيك عن سماع أي نصيحة أو اقتراح أو نقد أو نحوه، واعتبر أن من يفعل ذلك عدوًا لك، لتكون بذلك مثال المدير الفاشل دون مقارنة!!
وقبل الختام أقول لك : هنيئًا لك هذا الفشل الذي تستحقه بامتياز وجداره!!!!!
وللمزيد يمكنك التواصل معي لكي أرشدك لأكاديمية متخصصة في هذا الفن الإداري الفريد الذي قل من يتقنه على أصوله !!!!
 
ودمتم ناجحين سالمين من الكرسي المعبود؛ كرسي الإدارة!!!
 

شذرات بقلم
أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
المهـ رحال ـاجر
القاهرة
1434/9/12هـ
نشر في صحيفة العالم الأن الإخبارية الإلكترونية
http://noworld.net/articles.php?action=show&id=478