2011/01/25

التطنيش والحقران !؟!

شذرات
قلم


التطنيش والحقران!؟!

 



يُعتقد أن التطنيش والحقران؛ هما: سلوك اجتماعي حضاري مدني قديم حديث متطور.

وهو فن قليل من الناس من يتقنه؛ والكثير يحاول ولكنه يفشل في تطبيقه، وهناك من يحسن التعامل معه حسب الحاجة.

ولكن هل بالفعل التطنيش والحقران، هما سلوك حضاري؟

وهل هما بمعنى واحد؟ أم أن هناك فروق بينهما؟

بالطبع هما ليس واحد، فهناك فرق بينهما؛ وفرق واسع وشاسع.
فالتطنيش : هو عدم الاهتمام والاكتراث للأمر، وعدم المبالاة، دون قصد الإهانة والإذلال وتجاهل شخص بعينه، وإنما يكون بعدم إعطاء الأمر أكبر من حجمه وتناسي أي سهام موجهة نحوه وكأن شيء لم يكن، ويقال " طنش تعش تنتعش" ومتى أتقنت فن التطنيش سلمت من القولون العصبي وتقرحات المعدة والجلطات وارتفاع ضغط الدم والسكر والفشل الكلوي، وجميع الأمراض.

وغالبًا من يتقن هذا الفن، يكون باردًا هادئًا، لا ينشغل بتوافه الأمور، ويكون راجح العقل، بعيد النظر، غير سابق للأحداث.

وهذا بالطبع ليس التطنيش الناتج عن غل وحقد، فهذا هو ما يعرف بالحقران، الذي هو : الحقران : فهو تعمد تجاهل الشخص الذي أمامك بقصد الإهانة والإذلال له وكسر شوكته، وهو كالترياق، يقتل من لدغ به، وكما يقال في المثل: ( الحقران يقطع المصران).

وغالب من يتقن هذا الفن، يكون قاسي القلب، يجيد اللعب على الأوتار الحساسة والسير على الحبال المتحركة، غير متسامح، بارع في التخطيط والتكتيك بكل خبث ومكر ودهاء.

لذا نجد من يتقن هذا الفن، قليل الأصحاب، كثير العداوات، يعيش في دوامة المشاكل والخصومات، قلق البال، مشغول الفكر، مهتم بكل الأمور صغائرها وكبائرها، يحلل كل الكلمات والحروف، صوته مبحوح، وتراه أشعث أغبر هرم مصاب بكل داء وعله.

أما المطنش، فهو مرتاح البال، هادئ الأعصاب، يعيش بكل طمأنينة، فكره نظيف، لا يبالي بصغائر الأمور، لديه صدقات كثيرة، ودوريات كبيرة، ومناسبات متتالية؛ لأنه محبوب من هذا وذاك ويعيش بصحة وعافية ورشاقة جسم وشباب دائم.

والتطنيش أنواع وأشكال، ويحكم ذلك الموقف والمكان والزمان، فأحيانًا الموقف يوجب عليك التطنيش؛ كأن تسمع كلمات فضة من إنسان فض، فعندها يتوجب عليك الترفع عن ذلك والتطنيش، وكأن شيء لم يكن، وفي أحيان المكان يحتم عليك التطنيش؛ كأن تكون في حفلة أو مناسبة أو مكان عام، فيتوجب عليك التطنيش حتى لا تكون سببًا في إفساد المناسبة أو التشويش فيها أو إثارة مشكلة كبيرة،وغير ذلك من الأسباب التي تحتم عليك التطنيش والتغاضي وعدم الالتفات للأمر.

ويلجأ الإنسان العاقل للتطنيش ليكون بعيدًا عن المشاكل وخراب الديار والانشغال بأمور تافهة على حساب أمور مهمة، وكذلك للترفع بالنفس الرزينة عن كل مواطن الزلل، والسمو بالنفس والحفاظ على رقيها ومكانتها وذوقها العالي، وبيان قوتها وعدم ضعفها أمام سفاسف الأمور، قال تعالى : ( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس).

شذرات بقلم
أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
المهـ رحال ـاجر
21/2/1432هـ
( للأسف الموضوع لم يكتمل )

2011/01/23

الفخر والتفاخر !!!

شذرات
قلم


الــفــخــــر والتـفــاخــر




الفخر هو التباهي على بني الإنسان، بأنه أعلى من غيره وأرفع منهم مقامًا، مما يجعله يترفع على الخلق ويتغطرس في معاملته معهم لأنه معجب بنفسه ويفاخر بما وهبه الله – سبحانه وتعالى – من الصفات والقدرات والإمكانات والخواص، التي انفرد بها عن غيره، فحمقه وجهله وتكبره، جعله يفاخر بهذا حتى يورد نفسه المهالك؛ وحسبنا ما وقع به إبليس – لعنه الله – عندما افتخر على آدم بأن الله – عز وجل – خلقه من نار وآدم من طين، والنار أفضل من الطين؛ وافتخر بذلك فتكبر وعصى الرحمن ولم يستجب لأمره بالسجود له.

وبالطبع أقصد هنا التفاخر المذموم الذي يمقته كل ذو عقل مدرك واعي.
فكل فخر مذموم هو آفة من الآفات القاتلة لصاحبها، وهو من الصفات السيئة المنبوذة المحذر منها؛ لنهايتها المخزية المؤدية لجهنم – والعياذ بالله منها – بعد أن تدمر الأخلاق وتقتل الإيمان وتميت القلوب، فكل فخر بغير الإسلام والجهاد فيه والدعوة إليه خاسر وباطل، قال – سبحانه وتعالى – : ( أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن أمن بالله واليوم الأخر وجاهد في سبيل الله لا يستون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين، الذين أمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون، يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم، خالدين فيها أبدًا إن الله عنده أجر عظيم) التوبة،"19–22".

فربنا – سبحانه وتعالى – هنا أنكر التفاخر في سقاية الحاج وعمارة بيته، وبين فيما يكون التفاخر لما لهم من الفضل والدرجات العالية، وما ينتظرهم من الجزاء؛ وهو الجنة والأجر العظيم، ولم يقر خالقنا – جل جلاله – التفاخر بهذه الأعمال، مع ما لها من مكانة ومزية عند العرب؛ بل بين الحق – عز وجل – ما يكون التفاخر والتسابق فيه حقيقة، لما فيه من الجزاء والفضل والدرجات العالية.

ويدخل في ذلك التفاخر في الأنساب، وبأمجاد الآباء والأجداد، والبكاء على التراث والأطلال، وكذا التفاخر بالأجسام والأموال والأولاد والمساكن والصحة والمناصب، والنعم عمومًا، وذلك لما تسببه من حزازات وفرقة وتنافس وتناحر بالباطل بين الناس، وحسبنا قول نبينا – صلى الله عليه وسلم – ( أنا سيد ولد آدم ولا فخر).

وفي الغالب نجد أن من أسباب هذا التفاخر بين الناس، هو العجب بالنفس، وأنه هذا المفاخر يملك صفات تميزه عن غيره جعلته يصل إلى ما وصل إليه من جاه ومنصب ومال ومكانة اجتماعية.

وقد يكون هذا المفاخر وضيعًا لا قدر ولا قيمة له في مجتمعه، فيلجأ للفخر والتفاخر على غيره لتسديد ما يشعر به من نقص، موهمًا نفسه أن يملك شيئًا من الصفات الحسنة التي تجعله أفضل من غيره.

وغالب من يفاخرون ويتفاخرون بأنفسهم هم أناس حمقا لا يعتد بهم ولا بتصرفاتهم.

ولكن متى تذكر الإنسان أنه من تراب وإلى التراب، وانه كان نطفه وقد خرج من مجرى البول مرتين، وأنه في هذه الدنيا عابر سبيل، مهما طال به العمر أنه راحل لا محاله، وأنه مطالب خلال هذه الرحلة بالتزود بالأعمال الصالحات والحسنات التي يثقل بها ميزانه يوم العرض الأكبر، أعرض عن هذا العمل ونشغل بما هو أكبر وأهم لحياته في الآخرة الباقية.

ومتى كان كذلك فإنه ولا شك لن يفاخر بذلك؛ بل سوف يفخر بدينه الإسلام، وبعقيدة الصافية، وبما أنعم الله عليه به من نعم، وانشغل بشكره – سبحانه وتعالى – عليها، وعرف قدر تلك النعم فقدرها حق قدرها، فخر ساجدًا عابدًا لخالقه ومولاه – عز وجل – طائعًا له مؤمنًا به مصدقًا لنبيه – صلى الله عليه وسلم – وكان مخلصًا تقيًا مجاهدًا في سبيله داعيًا إليه، متجردًا من الدنيا ومطامعها وكل ما يشغله عن خالقه ودينه وأخرته.

قال – سبحانه وتعالى – ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ) الحجرات (13) .




شذرات بقلم
أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
المهـ رحال ـاجر
الرياض
19/2/1432هـ