2012/03/22

الإجـازة

شذرات قلم
الإجـــــــــــازة



الإجازة متنفس من روتين الحياة اليومية، وفرصة لاستعادة النشاط والحيوية وإعادة النظر ومحاسبة النفس وترتيب الأفكار والأعمال المستقبلية ...
فالإجازة فريضة بشرية وجبلة إنسانية، يخلد إليها الفرد لقصد الراحة، فقد أثبتت الأبحاث والدراسات التربوية والنفسية والعلمية والاجتماعية، وكذلك الطبية المتخصصة، أن الإنسان بعقله وجسمه بحاجة إلى راحة من روتين العمل اليومي ...
فضغوط العمل وتفاقم مشكلات الحياة اليومية، تجعل الإنسان يعيش في حياة رتيبة قاتلة يشعر خلالها بأنه كالآلة في تقديم برامج حياته اليومية، وبالتالي لا يشعر بحقيقة الحياة وطعمها ...
لهذا فإن الإجازة هي الوقود اللازم لاستمرار عجلة النشاط الإنساني في بوتقة الحياة الدنيوية للوصول إلى الحياة الأبدية السعيدة في الآخرة – بإذن الله تعالى – ...
ولن تعطي الإجازة ثمارها المرجوة إلا بعد استغلالها الاستغلال الأمثل فيما يعود بالنفع على الفرد من خلال السبل الصحيحة والسليمة...
فينبغي محاسبة النفس فيما عملت في أيامها الماضية، وتصحيح المسار بسلوك الطريق المستقيم، وكذا صرفها في التعبد لله (من أداء مناسك العمرة، وزيارة مسجد رسول – صلى الله عليه وسلم – وصلة الرحم، وزيارة الأخوة في الله، والعمل على إزالة ما قد يقع في النفوس من غل أو نزاع، والسعي في المصالحة والسير في طريق الدعوة إلى الله، وإبداء المناصحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر – كل حسب إمكاناته وقدرته – على ضوء الظروف المحيطة به، وتقديم ما يفيد الأمة الإسلامية في سبيل خدمة الدين الإسلامي الحنيف: ليجني ثمار إجازته مفعمة بالطاعة والعمل الصالح والأجر والمثوبة من – سبحانه وتعالى –..
هذا ونسأل الله العلي العظيم أن يوفقنا لقضاء أوقاتنا فيما يعود علينا وعلى أمتنا بالخير والنفع العميم؛ إنه على كل شيء قدير؛؛؛


شذرات بقلم
أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
المهـ رحال ـاجر
الرياض
13/2/1430هـ

2012/03/20

التواصل الأسري

شذرات قلم
التواصل الأسري

عندما نقول التواصل فإننا نذهب إلى الصلة والترابط والالتئام والاجتماع، ومن المهم أن يكون الاحترام المتبادل بين المتواصلين موجودًا ، وكذا احترام وجهات النظر الأخرى، فمتى كان ذلك حاضرًا وكان التواصل قائمًا تبلور ذلك إلى الوئام والمحبة الصافية الصادقة – بإذن الله تعالى – لأن التواصل يذيب كل الشفرات والاستفهامات المؤدية إلى القطيعة، وفيه تتحقق العلاقات الحميمية بين المتواصلين، وإن اختلفت درجاتها بين طرف وأخر، والتي قد تلحظ من خلال التعابير الظاهرة على الوجوه، وكذلك ما يصل إلى الذهن من برمجيات ورسائل سريعة لتحديد قوة درجة قبول التواصل بين الطرفين، والتي يستشعرها المتواصلون من نظرات العين وتعابير الوجه وحركة الجسم ونبرت الصوت وغيرها، إلا أنها تبقى جميعًا داخل إطار التواصل المنشود، وإن كان في أقل درجاته، فقيام التواصل واستمراريته هو الهدف والجوهر من علاقات التواصل بين البشرية عمومًا وبين أفراد الأسرة بشكل خاص، وهو ما يهمنا هنا.
فالتواصل بين أفراد الأسرة المصغرة (أي الزوج والزوجة والأبناء) يكون في الحوار والتشاور والتفاهم والإقناع والاتفاق، تحت مضلة التعاون وتشاطر المسؤوليات للحفاظ على كيان الأسرة والوصول بها إلى بر الأمان، وهذا لا يختلف بالنسبة لأفراد الأسرة بشكلها الواسع (أي أفراد القبيلة أو العائلة من الآباء والأحفاد وأبناء العم) مع التوسع في تلك المقومات، فمتى سادت بينهم روح لغة الحوار والتشاور والتفاهم والاتفاق والإقناع، وطغت عليهم روح المساعدة والتنسيق في توزيع الأدوار والمسؤوليات، والعمل بروح الفريق الواحد، وتأصلت فيهم لغة ومفاهيم واحدة أو متقاربة ومتوافقة غير متضاربة ولا متباينة، كان التواصل بينهم عنوانًا بارزًا .

وبحمد الله وتوفيقه فإن أُسرتنا " أسرة المطرودي " تفاعلت وتواصلت مع نداءات لحمتها رغم المشاغل وبُعد المسافات؛ إلا أنها ضربت المثل في التواصل واللقاءات والاجتماعات المختلفة "العامة والخاصة" على مدار العام، ويتوجها الاجتماع السنوي الذي يلتقي ويتواصل من خلاله كل أفراد الأسرة .

إلا أن الرغبة والشوق إلى تواصل أشمل ولقاءات أوسع، وصلة رحم أعمق، تحثني إلى طرح بعض الأفكار والمقترحات التي قد تسهم في تحقيق تلك الرغبة (إضافة إلى ما سبق وأن طرحته سابقًا والمنشور في الإصدار الأول من مجلة الأسرة المباركة تحت عنوان: "الاجتماع الأسري") .

فللتواصل أساليب وآليات وطرق تساعد على تحقيقه بين أفراد الأسرة، ولكن قبل أن نعرف تلك الأساليب والطرق والسبل المؤدية للتواصل؛ فإنه يحسن بنا أن نتعرف على بعض المعوقات التي قد تقف حاجزًا أمام التواصل، أو تكون سببًا في تأخره، ومما لا شك فيه أننا إذا عرفنا تلك الأسباب عرفنا السبل الموصلة للتواصل بشكل تلقائي .

فمن تلك المعوقات على سبيل المثال :

  1. غياب أساليب التواصل الإيجابي والحوار الهادف والبناء، ولعل من أسباب ذلك:
  • غياب تنشئة الأبناء منذ الطفولة على التواصل وأهميته .
  • عدم تدريب الأبناء على مبادئ الحوار وآداب التعامل مع الآخرين .
  • التأثر بالمظاهر البراقة في الاجتماعات دون البحث عن الجوهر .
  1. الخضوع لضغوطات التبعية السلبية لأسرتي الزوجين، فتكون الأسرة هي المحاور بدلاً من التواصل .
  2. التنشئة الاجتماعية السلبية التي في أحيان كثيرة لا تشجع على التواصل الإيجابي والفعال مع الآخر .
  3. الاستسلام لضغوط العمل والمتطلبات الأسرية المرهقة، التي تؤدي إلى إهمال جانب التواصل مع الأسرة في محيطها الصغير ممـا ينعكس سلبًا على التواصل الأسري بشكل عام .
  4. الاعتقاد بأننا لسنا بحاجة إلى الاتصال والحديث مع الآخرين، وإن حصل وتحدثنا تحدثنا باتجاه واحد "أي نحتكر الحديث ونأخذ الصدارة في ذلك" دون مراعاة للآخرين والتحاور معهم ومعرفة ما لديهم من رؤى وأفكار .
إن اهتمام الآباء بتربية الأبناء منذ طفولتهم على التواصل وتنشئتهم على لغة الحوار والآداب داخل محيط الأسرة بين الأب والأم والأبناء، ينعكس إيجابًا على الحياة الأسرية في محيطها العام، لأنه يؤسس الثقة لديهم ويساعدهم في التواصل ومناقشة قضايا الأسرة التي ينتمون إليها، ويجعلهم يستشعرون أهمية الأمر لما نشئوا عليه وما ترسخ لديهم من دعائم المودة والرحمة والسكينة والوعي بأهمية التواصل وفوائده الاجتماعية، الأمر الذي يجعلهم يتفننون في سبل وطرق التواصل وتعلمها والاستفادة من تجارب الآخرين، ومن تلك الطرق والآليات والسبل والوسائل التي تعزز التواصل بين أفراد الأسرة ما يلي :

  • حسن العشرة بالمعروف وكف الأذى، وعدم اللوم والشكوى وغيرها من منغصات التواصل .
  • الحرص على أداء الواجبات اتجاه الأسرة قبل المطالبة بالحقوق منها .
  • العناية بنشر الوعي والأخلاق والآداب والنصح والتوجيه داخل الأسرة .
  • زرع روح الحياة الجادة المنتجة لعموم أفراد الأسرة .
  • الحث على المسابقات الهادفة والدروس النافعة ونقل الخبرات الإيجابية .
  • التعود على طلاقة الوجه والابتسامة الصادقة وإفشاء السلام .
  • الحرص على حسن اختيار الألفاظ المهذبة والمؤدبة والطيبة التي تدخل السرور على النفوس وتزيل ما قد يوجد فيها من احتقان .
  • تقديم الهدايا مهما كانت رمزية إلا أنها تؤثر تأثيرًا إيجابيًا بليغًا .
  • اغتنام الفرص للتقرب والتودد والتحبب في كافة المناسبات والمشاركة فيها .
  • التواصل عبر كل السبل من اللقاءات والاتصالات الهاتفية والإلكترونية والبريدية ورسائل الجوال وغيرها، فقد تفوق تلك الرسائل تأثيرًا لكل مشاعر اللقاء وتقارب الأبدان .
  • الحرص على التسامح ومسح ما قد يقع في القلوب بشيء من عتاب المحب اليسير الذي ينقي السرائر ويصفي النفوس .
  • الحرص على الإصغاء للآخر مهما كان مخالفًا في الرأي، أو كان ذو طرح غريب وشاذ .
  • إدراك الفروق الثقافية بين الجميع، وإدراك اختلاف الأفكار، وكذلك التوجهات الفكرية، واختلاف الأطروحات والأهداف منها، فإن إدراك ذلك كله والتفاعل معه يساهم في التواصل بشكل إيجابي وفعال .
  • أن نبتعد عن أساليب الهمز واللمز الخفي "حتى عند المزاح" لأنه قد يفسر تفسيرات أخرى فيكون سببًا للقطيعة وعدم التواصل .
  • الوضوح في طرح الأفكار وعند الحديث وخلال الحوار .
إن التواصل الأسري لهو بنيان للمجتمع بأسرة، إذ أن المجتمع مكون من لبنات أسرية، فمتى تماسكت تلك الأسر وسادة الطمأنينة والسكينة عليها انعكس ذلك إيجابًا على المجتمع وتفاعل دورها في البناء والتشييد على وشائج متينة وقواعد صلبة مؤسسة على الود والحب والإخلاص والثقة، وبالتالي هذا المجتمع يؤثر إيجابًا بتلك المقومات على المجتمعات المحيطة، وبدوره ينعكس ذلك على العالم بأسرة .
فالأسرة الصغيرة هي نواة العالم بأكمله، فمن الأب والأم والأبناء إلى الأسرة الكبيرة ومنها للمجتمع إلى العالمية، وهذا الترابط نتيجة التطور الهائل الذي نعيشه اليوم وحول هذا العالم إلى قرية صغيرة يؤثر كل فرد فيها، فتماسك الأسر والمجتمعات يساهم بشكل فاعل إلى وئد الاضطرابات والحروب في مهدها، فكل ذلك محمل على كاهل الأسرة وقيامها بمسؤولياتها اتجاه أبنائها ومجتمعها والعالم برمته
فبالتواصل يكون تحفيز القدرات الإنسانية وتفعيلها في كل أمر إيجابي، وبعدم التواصل تكون النتيجة عكسية فتثور الأحقاد والضغائن والاضطرابات، فتكون القطيعة وتنشأ بؤر الفساد وتنبعث براثن الشر والحروب والهلاك في البر والبحر.
 
شذرات بقلم
أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
المهـ رحال ـاجر

2012/03/18

كلنا فداء الدين والوطن

شذرات قلم
كلنا فداء الدين والوطن


العزاء لقائد الأمة خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين، ولذوي الفقيد والشعب السعودي ومنسوبي وزارة الخارجية وأبناء الوطن العاملين في سفارات وممثليات ومكاتب وملحقيات الوطن في الخارج في فقيد الوطن المغدور / خلف بن محمد بن سالم العلي، الموظف بسفارة خادم الحرمين الشريفين لدى جمهورية بنغلاديش -  تقبله الله من الشهداء -.
فالعلي وكل سعودي يفخر أن يقدم نفسه فداء لدينه ووطنه؛ نعم نفخر بذلك وإن كان الغدر والخيانة من فئة ضالة خارجة عن الدين والقانون وكل المبادئ والأعراف التي كفلها الإسلام لأبناء الإسلام والمسلمين وغيرهم من البشرية، بل أكد على حفظ دماء المبعوثين والرسل، الذين يعرفون اليوم "بالدبلوماسيين" فقتلهم والتطاول عليهم هو خرق لميثاق رعى الإسلام حرمته وصيانته، قبل الدبلوماسية والمواثيق الدولية.
فما تمارسه اليوم بعض المجموعات المسلحة الخارجة عن النظام والسلطة الشرعية في بنجلاديش وغيرها من البلدان العربية والإسلامية وغير الإسلامية هو نوع من الفوضى والتخبط، وهي تصرفات لا تمت للإسلام بأي صلة، بل أنها تسئ وتضر بالإسلام وأهله، فقتل الأبرياء غيلة وسفك دمائهم بغير حق، هو دليل واضح على تطرف ولوثة فكر تلك الجماعات التي تقدم على مثل تلك الأعمال المشينة وعدم استقامته.
فكم نحن أبناء الأمة الإسلامية من حكام وحكومات وشعوب، معنيون بمحاربة هذا الفكر الضال والعمل على التحذير منه، والسعي لتصحيح تلك الأفكار والعودة بها للطريق الحق.
فما حدث من غدر لمسؤول قسم شؤون الرعايا في سفارة خادم الحرمين الشريفين لدى جمهورية بنغلاديش، وقبله الدبلوماسي السعودي في كراتشي / حسن بن مسفر القحطاني، وقبلها ما تعرضت له القنصلية السعودية في إيران، لهي إشارات وإنذارات خطر، تدل على أن هذا الفكر آخذ بالتفشي والانتشار انتشار النار في الهشيم، فإن لم يتم التحرك الفوري لمواجهته ومقارعته بأساليب علمية وفكرية من ذوي الاختصاص، فإنه سوف يواصل انتشاره؛ ويكون خطرة أشد خطرًا على الأمة والعالم من المفاعلات النووية والأسلحة الجرثومية.
خاصة وأن المملكة العربية السعودية –والله الحمد– تتميز بتطبيق الشريعة الإسلامية وتستمد من مصدره – القرآن الكريم – كل أنظمتها وتشريعاتها، كما أنها تتميز بعلاقات قوية ومتينة بالمجتمع الإسلامي والعربي والدولي، عبر المنظمات الدولية والإقليمية والعلاقات الثنائية، التي تنفرد بسياسات متوازنة ومنضبطة، وليست متقلبة ومتحولة ومضطربة، الأمر الذي خلق مناخات من الترابط والتلاقي في كثير من الأهداف والغايات والاستراتيجيات، التي تخدم الأمم لتحقيق المصالح المشتركة والتعايش السلمي البناء، وفق الشرعيات الدولية التي تخلق أجواء من التنسيق الأمني للحيلولة دون الانزلاق في الصراعات، مرتكزة في ذلك على أرضية صحيحة وصلبة.
الأمر الذي أدركته القوى المعادية التي تسعى جاهدة لإحداث الشروخ في علاقات المملكة بالدول الشقيقة والصديقة لها من خلال مثل تلك الأعمال الإرهابية المشينة التي ينبذها كل دين وعقل وعرف.
ولكن هذه المحاولات لا تنطلي على المملكة بقيادتها الحكيمة، بل أن هذه المحاولات مصيرها الفشل نتيجة إصرار المملكة وأشقائها وأصدقائها على إتمام المشوار الذي يسيرون عليه عبر كل القنوات خاصة الدبلوماسية منها، وهو ما يجعل الجميع يتطلعون إلى حكومة المملكة التي لن تتوانا في تحمل مسؤولياتها في حفظ وحماية بعثاتها الدبلوماسية في الخارج، كما هي تعمل عليه من أجل حفظ وحماية البعثات الدبلوماسية على أراضيها.
ولعل من بين تلك الخطوات ما تقوم بها من العمل على استعادة المغرر بهم والمنتهجين للمنهج العدائي الإرهابي، لتخلق لهم أجواء من الطمأنينة للعودة للحق وتجسيد الروح الإسلامية الحقيقية ونظرته الشمولية للحياة والأمم والشعوب.

شذرات بقلم
أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
المهـ رحال ـاجر
الرياض