2012/09/27

الفاشلون

شذرات قلم

الـفـاشـلــون


للأسف أننا نمارس كثيرًا في حياتنا اليومية العملية مع أطفالنا أعمالاً وتصرفات، تنافي ما ‏‏نناديهم به للتربي عليه، من الفاظ وسلوكيات وقيم وتصرفات وضبط النفس عند الغضب.‏

فمتى تضايقنا من تصرفات الأطفال عند (اللعب أو الخطأ أو عدم المعرفة أو التجاوز) أو غير ‏ذلك، أطلقنا عليهم عبارات وأوصاف لا تليق اطلاقًا، ولا تتوافق مع ما نوحي لهم بأن يتربوا ‏‏عليه.‏

فأعمالنا وأقوالنا وتصرفاتنا تنافي ما نطالب به أطفالنا أن يكون عليه من خلق وأخلاق ‏وآداب.‏

مما جعلهم في حيرة من أمرهم، بين أمرين متناقضين؛ ما يطلب منهم أن يكونوا عليه، وما ‏يرونه ويسمعونه، حتى كاد الأمر أن يصل إلى انفصام الشخصية لديهم.‏

وكذا ما يلقاه الأطفال من المعلمين والمعلمات في الميدان التربوي من معاملة سيئة والفاظ ‏نابئة وسماع عبارات تحطيم وكسر جناح، عكس ما يجب أن يجيدوه ويسمعوه ويروه من ‏عبارات ومشاهد تربوية - وهذا من بعض الدخلاء على التعليم - خاصة في المراحل الأولى ‏من التعليم الابتدائي.‏

الفشل ليس جبلة يخلق عليها الإنسان، ولكن هو نتاج عوامل خارجية وصدمات نفسية يتعرض ‏لها؛ خاصة في مراحل عمره المبكرة.‏

فالطفل الذي يعنف ويوصم بالفشل دائمًا، يتبلد لديه الإحساس، وتكثر لديه العقد النفسية، ‏ومشاعره تتنامى مع الزمن لتكبر معه ويكون كذلك حقيقة.‏

وهنا نقول أن الفاشل الحقيقي ليس هذا الطفل، وإنما من وصمه بالفشل، ونمى تلك المشاعر ‏السلبية لديه من طفولته ونعومة أظفاره.‏

حتى أننا نجد اليوم أشخاصًا يتقبلون هذا الوصف؛ لأنه تبلد إحساسهم اتجاه ذلك، لكثرة ما ‏وصموا به من طفولتهم.‏

الوصم بالفشل ومترادفاته السلبية، تغرس في نفس الطفل غريزة الفشل والحقد والكراهية.‏

ليصبح بعد ذلك عضوًا غير نافع في مجتمعه، منبوذًا من كل بيئة إيجابية؛ إلا بيئة الفساد ‏والدمار.‏

ومن هنا لا بد من غرس قيم النجاح ومشاعر الثقة والعزة لدى أطفالنا منذ مراحل ‏طفولتهم ‏المبكرة، ليكونوا أعضاء فاعلين منتجين في مجتمعهم وباذلين لأمتهم، لهم منجزات وإبداعات ‏ونجاحات متميزة يفاخر بها الجميع.‏

وسوف ينعكس ذلك بالإيجاب على الوالدين والمعلم والمعلمة والأسرة الصغيرة والممتدة ‏والمجتمع والوطن، في قابل أيام حياته ومستقبله، بعد أن يكبر ويكون له دور حقيقي في ‏مجتمعه وأمته.‏

إذًا علينا تعزيز الثقة لدى أطفالنا، وغرس كل معاني الحب والسعادة والإيجابية لديهم، فهم ‏رجال الوطن ومستقبل لأمة الذي تستشرفه في غدها الواعد.


‏شذرات بقلم
أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
المهـ رحال ـاجر
الرياض
‏11/11/1433هـ