2014/03/15

رحمك الله يا ابن العم

شذرات قلم
رحمك الله يا ابن العم
 
 
في يوم فاضل وساعة فاضلة من يوم الجمعة الموافق ١٤٣٥/٥/١٣ه؛ توفي إبن العم الشاب/ عبدالعزيز بن سليمان بن حمود بن عبدالله المطرودي - رحمه الله - أثر حادث.
 
فُجْع الجميع بخبر وفاته - رحمه الله - إلا أن قلوبهم المؤمنة بقضاء الله وقدره جعلتهم يسلمون وهم يرددون "إنا لله وإنا إليه راجعون".
 
فقد كان - رحمه الله - محبوبًا عند الجميع؛بشوش الوجه، مبتسمًا عند اللقاء، لا تمل مجالسته، لا يتحدث إلا صادقًا، ويمازح بأدب وخلق رفيع، احترم نفسه واحترم الآخرين، فاحترمه الجميع لزامًا عليهم لما وجدوه منه.
 
يسأل ويناقش ويتحدث بما هو هادف ومفيد، يمقت الغيبة والنميمة والخوض بأحاديث لا قيمة لها ولا فائدة منها، وإن لم يعجبه المجلس ذكر الله وغادره بهدوء.
 
في أي مجلس حل، تجد الجميع مبتهجين بمقدمه.
 
فالصبر الجميل على فقد أبا سليمان، اليوم نشيعه ونودعه بالحب والدعاء، والحمد والثناء لله - سبحانه وتعالى - على ما قضى، ولا نقول إلا "إنا لله وإنا إليه راجعون".
 
في صدع من الأرض أودع وودع، وفارقه الأهل والأحباب والأصحاب، وهم حزينون على فراقه، ويتبادلون فيه العزاء تلو العزاء، لما له من مكانة خاصة في القلوب؛ بناها - رحمه الله - بالمحبة والصدق والجود والكرم، وطيب النفس ودماثة الخلق، ليكون له من أصحاب تلك القلوب اليوم الوفاء له بالدعاء والذكر العاطر والأعمال الصالحة؛ قاصدين أجرها له.
 
فنعم الأخ المودع، ونعم الأهل والأخوة والأصدقاء والمحبين المودعين له.
 
فأحسن الله عزاءنا جميعًا وجبر مصابنا في وفاته، وإن الله ما أخذ وله ما أعطي، وكل شيء عنده بأجل مسمى فالصبر واحتساب الأجر عند الله هو البلسم لكل داء ومصاب.
 
والحمد الله رب العالمين؛؛؛
 
 
أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
المدينة المنورة
1435/5/13هـ

2014/03/09

مسؤولية تربية الأبناء ... بين الإفراط والتفريط !!!

شذرات قلم
مسؤولية تربية الأبناء
بين الإفراط والتفريط


كنت في حديث مع أحد الأقارب حول مسؤولية تربية الأبناء، وكان النقاش طويلاً؛ وفيه بعض الحدة للاختلاف حول وجهات النظر والفهم الخاطئ حول بعض مسؤوليات تربية الأبناء.
 
وكان هناك الاتفاق على بعض الجوانب والاختلاف على البعض الأخر؛ خاصة فيما يتعلق بتأمين المتطلبات والمستلزمات التي يطلبها الأبناء؛ ولعلي أختصر ذلك في هذا الحوار حول النقاط التي كان الاختلاف حولها:
 
قال: اللي ما هو ملتزم بالعيال وتربيتهم ومصاريفهم وكامل شؤونهم لا يتزوج!
 
قلت: الاعتدال مطلب مهم؛ وليست الحياة إما أبيض أو أسود، فهناك ألوان كثيرة تحتاج التعامل معها والعمل بها؛ فالأبناء هم أمانة عند والديهم، وهم جواهر ثمينة ونفيسة، وعجينة طرية قابلة للتشكيل لأي صورة تميل إليها، فإن كانت تربيته على الخير والمحبة والتقى والصلاح كان - بإذن الله - كذلك، وكانت حياته سعادة في الدنيا والآخرة، وإن كانت تربيته غير ذلك، نبت على ما رُبيَّ عليه، وفي كل الأحوال التوفيق والهداية من عند الله، ولكن الأبوين سبب قوي في هذا التشكيل.
 
فمتى كان الوالدين قدوة صالحة للأبناء بالقول والفعل، كان الأثر كذلك دون أي ضجيج، لأن صالح النفس يجذب إليها النفوس الأخرى؛ وإن بعدت!
 
قال: أنت ملزم أن تشتري لابنك السيارة التي يحبها ويعشقها!
 
قلت: لست ملزمًا أن أفعل ذلك؛ ولكني أشتري له سيارة تسد حاجته وتغنيه عن الحاجة للناس؛ لا سيارة فارهة تثقل كاهلي بالديون، لينعم هو برفاهية مكذوبة ويصبح بعد فقري وسجني أضحوكة من صفقوا له!
 
قال: أنت ملزم أن تبني لأبنك فلة خاصة ليعيش بها وهو أسرته في المستقبل!
 
قلت: أبي لم يفعل ذلك معي؛ ومع ذلك عشت في حياة سعيدة وسط أسرتي؛ وهل أفعل ذلك حتى أعيش وحيدًا مع الأمراض في كبري؛ ولا يعيش معي إلا الحسرة والندامة والألم وهم الدين الذي تحملته لينعم أبني بفلته وينساني؟!؟
 
قال: أنت ملزم أن تؤمن لأبنك مستقبله!
 
قلت: أفعل الأسباب بما لا يشق عليَّ؛ والمستقبل علمه عند الله – سبحانه وتعالى – ومستقبله في الآخرة أهم من الدنيا كلها؛ ألا هل كان اهتمامنا بالمستقبل الحقيقي لنا ولهم؟!؟
 
انشغلنا بالدنيا وتوافهها عن الدار الأخرة ونعيمها؛ حتى كانت منا الغفلة عن تربية الأبناء وبناء بيت أسري مسلم حقيقي، ليثمر ذرية طيبة مباركة صالحة مصلحة - بإذن الله – وتلك الثمرة لا تتأتى إلا من خلال التربية السليمة على منهاج دين الإسلام وقواعده الشرعية واخلاقه الإيمانية.
 
فالأبناء هبة ربانية عظيمة، ونعمة من المنعم الوهاب – سبحانه وتعالى – ومسؤولية الآباء نحوهم ثقيلة، وليست كغيرها من المسؤوليات، فقد أمر الله – جل وعلا – بتربية الأبناء على طاعته – سبحانه – ومحبة دينه الذي رضيه لعباده، وغرس العقيدة الصافية فيهم منذ نعومة أظفارهم، ومن ثم سائر أمور الحياة وتعاملاتها.
 
إلا أننا قدمنا أمور الدنيا ومتطلبات الحياة وزخارفها على غيرها، بالانشغال عن تلك التعاليم وغرس تلك القيم والمبادئ، بالتأثير المباشر وغير المباشر بشؤون الحياة ورفاهيتها، في ظل المؤثرات السلبية المعاصرة المتعددة والمتجددة كل لحظة؛ خاصة في ظل تطور وسائل التواصل الإعلامية والإلكترونية !!!
 
فحري بنا العودة للتربية والتنشئة الصحيحة والسليمة على ضوء الكتاب والسنة والآداب والسلوك القيمة الفاضلة، وكثرة الدعاء للأبناء بالهداية والصلاح والاستقامة على الحق والثبات عليه، والاهتمام بأمور دينهم وعقيدتهم أولاً، ثم بأمور حياتهم ومتطلباتهم ثانيًا.
 
التربية مسؤولية عظيمة .. قليل من يستطيع القيام بها ويدرك حقيقة عظمها !!!



شذرات بقلم
أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
المهـ رحال ـاجر
الرياض
1435/5/8هـ