2011/12/20

الـصـمــت

شذرات قلم
الصمت
الصمت لغة قل من يجيدها؛ وفن قل من يتقنه.
الصمت هو شي يصعب على الجميع تفسيره.
والصمت هو أفضل جواب لكثير من الأسئلة.
الصمت ليس دليل ضعف؛ بل هو في مواقف كثيرة دليل قوة.
فكم من حاقد يريد أن يوقعك بحفرة الكلام، وتلجمه بالصمت.
وكم من متربص يريد أن يخجلك بالبكاء أمام الناس، فتخذله بالضحك بوجهه أمام العالم.
فكم ندمت الأمم على الكلام؛ إلا أنه لم يندم من أحسن السكوت والصمت في المواقف التي تستلزم ذلك.
فالصمت يجعلك تعيد النظر في الأمور، وتزن الكلمات، وتنتقي الألفاظ، وتدير الحوار وتسيطر على الموقف.
صمت الواثق؛ يرغم الآخرين على كشف أوراقهم، والبوح بما في سرائرهم.
صمت العاقل؛ يعجل بحل المسائل والمشاكل دون أي ضجيج.
صمت الحكيم؛ يجبر الآخرين على الاحترام، ويجمع القلوب ويحفظ الألسن من التطاول.
صمت الفارس؛ ينهي فاعلية أسلحة من أمامه مهما كانت قوية، ويجردهم من قدراتهم الجسدية والفكرية.
فالصمت فن وقليل فاعله، ومن أتقنه وألم بأبسط أبجدياته ما ندم ولن يندم؛ لأنه سوف يكون الأقوى ومن يشار إليه بالفخر والاعتزاز.
أرشدنا الحبيب – عليه أفضل الصلاة والسلام – إلى الصمت عندما قال : (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر؛ فليقل خيرًا أو ليصمت).
وهذا يدلنا ويرشدنا إلى أن الكلام يوقع صاحبه فيما لا تحمد عقباه.
لذا فإننا مطالبين بحسن اختيار الكلمات واصطفاءها وانتقاءها بكل دقة وعناية، وأن نختصرها ونختزلها بقدر المستطاع، وننقيها من الحشو الزائد، أي أن يكون الكلام فصيحًا بليغًا لا حشو ولا فلسفة فيه.
وأن يكون الكلام لدواعي تستوجب ذلك، وأن يتحرى المتكلم الصدق والموضوعية فيما يقول.
فالإنسان العاقل المدرك الحكيم؛ هو من لا يتلفظ ولا ينطق بأي كلمة إلا بعد تفكير وروية، ليجنب نفسه مواطن الزلل التي لا تحمد عقباها.
وما عدا ذلك يكون الصمت أسلم وأمن من الهذر والهرج والمرج، وبالتالي إسقاط النفس في المصايد، وكسر هيبة ووقار المهذار صاحب الكلام.

شذرات بقلم
أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
المهـ رحال ـاجر
الرياض 25/1/1433هـ