2011/04/27

أخلاقيات الهكر !!!



شذرات
قلم

أخلاقيات الهكر




كثيرًا ما نسمع عن "الهكر" ونشاهد أثارهم عبر العالم الإلكتروني؛ وما يقومون به من أعمال متميزة ورائعة؛ بل بالبطولية في القدرة على اختراق المواقع والمنتديات والأجهزة والبرامج، ولكن متى تكون كذلك؟

لعلي أخاطب هنا هؤلاء الشباب المسلمين عمومًا وأبناء هذا الوطن المبارك على وجه الخصوص، الذين يعيشون زمان الثورة العلمية والتقدم الحضاري والتكنولوجي وبشكل سريع وملحوظ، فقد حباهم الله بقدرات فذة، وإمكانات رائعة، وميزات فريدة ميزتهم عن غيرهم وجعلتهم يتعايشون مع أحداث الزمن الذي يعيشون فيه حتى أصبح منهم "هكرًا" يشار إليهم بالبنان، هؤلاء الشباب الذين يمتلكون عقلية لا يستهان بها من القدرة على التفكير والفطنة والنبوغ التي تمكنهم من المناورة واستغلال الثغرات الإلكترونية وتحويلها لصالح ما يرغبون تحقيقه من اختراق هذا الموقع أو ذاك المنتدى أو فك شفرة برنامج أو جهاز معين.

فـ"الهكر" هو إنسان غير عادي؛ في القدرة على استخدام التقنية والمعلومات الإلكترونية بكل حرفية وحذاقة ونبوغ، في عالم إلكتروني متلاطمة أمواجه بملايين المواقع والمنتديات والبرامج والتقنيات التكنولوجية المعلوماتية التي تتزايد يومًا بعد يوم؛ بل كل ثانية لا كل يوم أو ساعة.

ولا شك أن تلك القدرات يدعمها ما يعرفه وما تعلمه من أسرار الأجهزة والبرامج وكيفية التعامل معها، من واقع محبة وألفة بينه وبين الإبحار في هذا العالم والتقدم فيه وفي علومه وفنونه والمناضلة من أجله وأجل الإبداع في ميادينه.

وما يقوم به "الهكر" من أعمال هي سببًا للعداوة والتمادي في استمرار الفعل وردة الفعل وقيام حرب الإلكترونية بين "الهكر" والهدف، وقد تتطور إلى عداوة مباشرة أو غير مباشرة من الإذاء في النفس أو المال أو غيرها، وهذا لما تقوم عليه وترتكز غالبًا من هدف التدمير والتخريب لأهداف وغايات مختلفة وبدوافع أسباب وظروف مختلفة تحفزهم على القيام بهذا العمل.

ولكن !!!  

نعم ولكن يجب على "الهكر" أن يتخلق بأخلاقيات المهنة والهواية والثقافة والعلم الذي يملكونه ويتمتعون به؟

فكما هو معلوم ومعروف أن لكل مهنة أخلاقيات يلتزم بها المنتسبين لهذه المهنة، ومن خالفها يكون مخالفًا لأبسط أبجديات المهنة، ويكون موقفه ضعيفًا أمام أقرانه؛ بل قد يكون منبوذًا بينهم، ولعل من أبسط هذه الأخلاقيات ما يلي:

  • أن لا يكون "التهكير" من أجل الإساءة والتخريب والتشفي من الأقارب والأصدقاء وأبناء الوطن والمسلمين.
  • احترام المواقع الخدمية والعامة والخاصة ومصادر رزق الآخرين من المبرمجين ونحوهم.
  • احترام الثقافات والعمل على تبادلها مع الآخرين دون التجاوز في ذلك.
  • أن لا تسجل نجاحك على أكتاف الآخرين.
  • المناصحة والتحذير للمواقع المسيئة والقائمين عليها، نحو المسيئة: (للإسلام، للمصطفى – صلى الله عليه وسلم – لأمهات المؤمنين، للأمة الإسلامية، الجنسية، المشككة بالدين) وغيرها، بالإقلاع عن فعلهم، وتحذيرهم من مغبة ذلك وما يترتب عليه.
  • عدم التعدي على حقوق الغير وكشف الأسرار والتجسس على الآخرين.
  • أن لا يكون في الاختراق مخالفة شرعية.
  • أن لا يكون في الاختراق مخالفة للأنظمة والمواثيق.
  

وغير ذلك من الأخلاقيات والمبادئ التي يجيب على "الهكر" التقيد والالتزام بها.

ومتى التزم "الهكر" ذلك، فإنه وبلا شك سوف يحظى باحترام وتقدير الجميع، وسوف يصبح بطلاً حقيقيًا يشار إليه؛ بل ويرجع إليه في مثل هذا الأمر لتخصصه وتمكنه منه ولرقيه ودقته في احترام أخلاقيات المهنة.

ومتى خالف "الهكر" تلك المبادي وغيرها من أخلاقيات مهنة "التهكير" فإنه سوف يخالف قيمه ومبادئه ابتداءً، وبالتالي سوف يخالف أخلاقيات "الهكر" وأخلاقيات المجتمع وأخلاقيات الأمة، والانشغال بما يسئ للأمة من التطاول على حريات الناس وتعكير صفو حياتهم والنيل من مواقعهم ومنتدياتهم الأسرية والعامة والخاصة.

فيا شباب الأمة يا من أنعم الله عليكم بنعمة القدرة والمعرفة والتميز، أحرصوا على إفراغ طاقاتكم واستغلال مواهبكم وما أنعم الله به عليكم من نعمة في ميدان الدعوة إلى الله ونصرة الأمة ورفعة وطنكم والرقي بمقدراتكم، ولا تكون معول هدم وإفساد وهدم وتخريب.

فكونوا من عباد الله الشاكرين، وشكر النعم لا يكون في تسخيرها فيما حرم الله من إذاء الأمة وممتلكاتها الخاصة والعامة، وإنما يكون في تسخيرها فيما يرضي الله ويحقق الهدف الأسمى للخلق من الدعوة إليه وتحقيق العبودية له وحده دون غيره.



شذرات بقلم
أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
المهـ رحال ـاجر
الرياض
23/5/1432هـ