شذرات
قلم
الـعـيـد الـسـعـيــد
نحمد الله – سبحانه وتعالى – أن من علينا ببلوغ شهر الصيام ووفقنا لصيامه وقيامه كما نحمده – عز وجل – أن بلغنا آخر لياليه، ونسأله – جل في علاه – أن يكتبنا فيه من المقبولين، داعين المولى – جل جلاله – أن يعيده علينا أعوامًا عديدة وأن يكتب لنا فيه من الخير والرحمة ما يرفع منازلنا في الأولين والآخرين .
وبعد الصيام فإن ربنا – سبحانه وتعالى – يكافئ عباده الصائمين بفرحتين، فرحة عند انقضاء شهر الصيام بعد صيامه كما أمر به، وفرحة حين يلقى ربه – سبحانه وتعالى – فهي فرحة بعظيم الجزاء على ذلك .
وفرحة الصائم حين فطره وانقضاء الشهر المبارك بأداء حق ربه – عز وجل – الذي أوجبه عليه فيه من صيام وقيام وأعمال بر وإحسان، ليست فرحة انفكاك وإنما هي فرحة بما وفقه الله إليه من أداء الواجب وهداية للحق .
وهذه الفرحة تكتمل بالعيد السعيد وما فيه من الفرح والسرور والبهجة من الكبار الصغار والرجال والنساء، فهي فرحة عارمة يشترك بها الجميع من الأهل والأقارب والأصدقاء والزملاء والجيران وأبناء الوطن والأمة الإسلامية أينما حلوا وكانوا .
ولما للعيد من أهمية وفرحة، ولما فيه من خير وطاعات لا تنفصل عن الخيرات والطاعات في شهر الصيام، إلا أنها تكون بثوب مغاير لما كانت عليه خلال شهر رمضان المبارك لما فيها من الفسحة المباحة والفرحة التي تعيد النشاط والحيوية وتقوي العزيمة لمواصلة الخير والمداومة عليه في قابل الأيام – بإذن الله تعالى – فقد يكون من المناسب الإعداد والاستعداد لهذا العيد بأعمال تجعلنا نستفيد ونفيد من العيد وأيامه .
ومن الأعمال والبرامج التي قد تساهم في الاستفادة من العيد واستغلاله في الطاعات واغتنامه في الأجر والثواب والألفة والمحبة والصلة والتواصل ما استخلصه في النقاط التالية :
1 – تهيئة الأبناء والبنات والأخوة والأخوات والأقارب والمعارف بتعريف عام بالعيد وشرح مبسط عن أحكامه وآدابه والواجبات والمسنونات والمباحات فيه، وذلك بأسلوب سهل وشكل مبسط يُلامس أفكارهم وعقولهم والبيئة التي يعيشون فيها .
2 – إعداد وتجهيز هدية مناسبة للعيد ( للصغار والكبار ) وتكون كل هدية مناسبة في محتواها لمن سوف تقدم له، فالصغار هديتهم مكونة مما يناسبهم ويناسب فرحتهم، وكذلك هي للكبار .
3 – تهيئة الأبناء والبنات ( خاصة الصغار ) لاستقبال الزوار والمهنئين بالعيد، وذلك من بتعويدهم على عبارات السلام وردها، وعبارات التهاني وردها، وعبارات الترحيب وردها، والضيافة وأولوياتها بالتقديم ( من ماء وقهوة وعصير وحلويات وخلافها ) وآداب الجلوس والمجلس والحديث فيها .
وهناك أمور نغفل عنها كثيرًا في الأعياد والمناسبات الاجتماعية، ومن ذلك استغلال هذه المناسبة في برامج وأعمال هادفة ومفيدة، بل وتقوي عرى التواصل والتلاحم بين أفراد الأسرة، ولعلي أذكر منها :
4 – الإعداد لبرامج ترفيهية للصغار والكبار، والنساء والرجال، وتكون منظمة سواء داخل المنزل أو في الاستراحات أو الأماكن العامة، ويوضع عليها جوائز أيًا كانت وليس شرطًا أن تكون جوائز ذات قيمة مبالغ فيها، فهي تدخل البهجة والسرور على المشاركين، وفي نفس الوقت تحيي فيهم روح المنافسة والتقارب والتواصل .
هذا بالنسبة للتهيئة ليوم العيد، أما يوم العيد في خطوات تطبيقية لما سبق الإعداد له والتهيئة إليه قبل العيد ، ومن ذلك :
1 – شهود صلاة الفجر جماعة، والاستعداد والتهيئة لشهود صلاة العيد لجميع أفراد الأسرة الكبار والصغار، الأولاد والبنات، وكذلك الوافدين للعمل لديك من سائق وعاملة منزلية وحارس ونحوهم ( وهذا بالطبع بحسب الاستطاعة والإمكانية ) بالاغتسال ولبس الملابس الجديدة وقبل الخروج تناول تمرات تطبيقًا للسنة في هذا اليوم السعيد .
2 – التكبير بصوت مرتفع ، وبالطبع من خروجه للمصلى لصلاة العيد، ومن المهم هو إحياء تلك السنة وتدريب الأبناء والصغار على العمل بها وإحيائها .
3 – الخروج إلى مصلى العيد بكل وقار وسكينة وهدوء ورفق وبشاشة وجه وحسن محيا .
4 – الحرص على الصدقة على الفقراء والمساكين، وكذلك كسب قلوب الأطفال الصغار وإدخال الفرحة والبهجة إلى قلوبهم بما تجود به يمينك من هدية وعطية لهم في هذا اليوم المبارك ( ومن المهم تربية الأبناء الصغار على الإنفاق والصدقة بدفعهم إلى توزيع الصدقات على الفقراء والمحتاجين في هذا اليوم المبارك ) حتى الابتسامة تكفي دون الهدية؛ لأن الابتسامة أكبر هدية للأطفال والكبار .
ومن المهم في هذا اليوم أن تخرج بقلب أبيض نظيف، أبيض وأنظف من ثيابك التي ترتديها في هذا اليوم العظيم، فتخرج للصلاة وقد نقيت قلبك من الأضغان والأحقاد، ومن الحسد والبغض والكره للناس، لتكسب الأجر والثواب العظيم من رب السموات والأرض – سبحانه وتعالى – .
5 – عقب الصلاة احرص على التهنئة بالعيد السعيد للجميع، للكبار والصغار، الرجال والنساء، وبدأ بوالديك، ثم الأخوة والأخوات، ثم الأقارب من الأعمام والأخوال وأبنائهم، ومن ثم الجيران والأصدقاء والزملاء ( والتهنئة تكون بالمباشرة، أو بالاتصال لمن بعد منهم، وإن تكاسلت فلا تبخل على نفسك برسالة جوال، أو بريد الإلكتروني مجاني ) ولا تنسوا تهنئة الوافدين للعمل في هذه البلاد المباركة من العمال والخدم والسائقين، فهم في غربة وشعورك بهم وتهنئتك لهم تنسيهم شيئًا من غربتهم وما تحملوا الغربة من أجله، وهذا من شكر المنعم – سبحانه وتعالى – على ما أنعم به علينا من نعم لا تعد ولا تحصى .
6 – هيئ هدية خفيفة وهادفة ومفيدة لمن يأتون لتهنئتك بالعيد، كـ ( مغلف يحتوي على كتيب أو مطوية أو شريط ، أو كلمة بقلمك، أو جميعها ) لتكون هدية متميزة ومفيدة منك لهم في هذا اليوم المبارك العظيم .
وغير ذلك مما يعطي للعيد كينونته ومكانته في قلوب الجميع صغارًا وكبارًا، رجالاً ونساءً، فهذه المعاني الحقيقية التي تكون في العيد هي التي يجب أن نقوم بها ولا نغفل عنها، مبتعدين في ذلك عن العبث المهلك، والسفور والمجون واللهو المتنافي مع المعاني السامية لهذا العيد، وغيره من أيام الله التي شرعها لعباده المؤمنين .
لنواصل بعد هذا اليوم حياتنا بصيام ست من شوال ويومي الاثنين والخميس من كل أسبوع والأيام البيض من كل شهر وعشر ذي الحجة ويوم عاشوراء وغيرها من الأيام التي ندبنا إلى صيامها، ولا ننسى مواصلة قيام الليل، والسنن الرواتب قبل وبعد الصلوات المفروضة، وسنة الضحى، وتفقد حال المحتاجين والمعسرين والأيتام والشيوخ، وغيرها من الأعمال الخيرية التي نثاب على القيام بها .
فإننا متى كنا كذلك، كانت أيامًا أيام خير وسعادة، وكانت حياتنا حياة ربانية نثاب عليها ونحصد الأجر العظيم من ربٍ كريم يضاعف الحسنات ويباهي بنا ملائكته ويضع لنا القبول في الأرض بين عباده، وييسر لنا أمورنا كلها .
فحري بنا أن نستغل الأوقات ونستثمرها بما يعود علينا بالخير العميم والنفع العظيم .
تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام
وأعاد الله علينا وعليكم مواسم الخيرات والبركات
وأعاد الله علينا وعليكم مواسم الخيرات والبركات
ووفقنا لاستغلالها الاستغلال الأمثل
وجعلنا من عباده الشاكرين الركع السجود
وغفر الله لنا ولكم ولوالدينا ووالديكم
ومن له حق علينا وجميع المسلمين
ومن له حق علينا وجميع المسلمين
وختم بالصالحات أعمالنا، وجعلنا الجنة مثوانا
إنه ولي ذلك والقادر عليه – جل في علاه –
شذرات بقلم
أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
الرياض
الرياض
25/9/1431هـ
نشر في صحيفة أثير الإلكترونية
http://www.atheer3.com/articles.php?action=show&id=1137