2011/01/08

الـوهــم !!!


شذرات
قلم


الـوهـــم


  
 
داء الوهم أسطورة فنية فرعونية قديمة، يهدف منها إيهام الناس بوقوع أحداث غير حادثة من خدع بصرية وخفية يد وقدرات باهرة يتم التدرب عليها وإتقانها لأداء الدور المطلوب بشكل لا يقبل الشك والريبة، ويجعل المتابع للأحداث مقتنعًا بحدوثها؛ بل ومشدوهًا لكيفية حدوثها .

وهذا راجع لقدرة الموهم بإيهام المتابع بحدوث أمر لم يقع في الأصل !!!

وهذا بالطبع بالنسبة للألعاب المهارية التي يتم تقديمها لترفيه المشاهدين وإمتاعهم بحركات وأعمال تصور على أنها خارقة للعادة، تذهل المتابعين والمشاهدين وتجذب أكبر قدر من الجمهور وتجعلهم يدفعون المبالغ المالية للاستمتاع بالمشاهدة والمتابعة والإثارة .

أما الوهم الذي وجد من يعيش أحداثه وواقعه من الشباب – وللأسف – فهو ما أعنيه هنا في هذه الشذرات؛ حيث وجد من يعيش الوهم الناتج عن خيال يتصوره في مخيلته ويصنع أحداثه ووقائعه، ثم يعيش في بوتقة تلك الخيالات على أنها حقيقة؛ بل قد يصل به الحال إلى عدم الاعتراف بالواقع الذي يعيشه حقيقة، محلقًا مع هذا الوهم، مؤمنًا بأنه حقيقة، وهذا بالطبع مؤشر خطير على دخول الإنسان في عالم أخر، واستسلامه لملاءات مخيلته وبراثن الوهم التي تدخله في نفق الكآبة والأمراض النفسية المزمنة، وبالتالي الإنحراف عن الجادة الحق والتيه في أزقة الضياع والهلاك.

لذا يجب أن نكون واعين لكامل تصرفاتنا ومسار مخيلتنا، فلا نكون ساذجين لدرجة الاستسلام لتلك الأوهام والرضوخ لملاءات مخليتنا، وأن نكون على صلة بالله – سبحانه وتعالى – في كل أمور حياتنا، وأن نتقبل واقعًا بإيمان صادق ورضى كامل؛ لأن عدم الإيمان والرضى هي التي تمكن مخليتنا من الانطلاق في أفق الخيال الواسع، ومن ثم يسيطر هذا الخيال على عقولنا وقلوبنا فنكون أسرى لهم فنخسر كل شي بسببه (وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين) .

إن الاستسلام لهذا الداء القاتل يجعل صاحبه يعيش في صراعات لا نهاية لها، ويجعل منه إنسان عاجز متقوقع على نفسه وفي مكانه غارقًا في أوهامه، وبالتالي لن يطول الهامة، ولن يتحقق له إلا الخيبة والخسران، وسوف يجر ذيول الفشل على بيته ومجتمعه ووطنه.

إن الوهم هو خيال وسراب ودخان عقول يائسة ومحبطة ومتعجلة، لا تدرك الحقيقة من واقعها ولا تقدر الأمور بأقدارها وموازينها، وعجز قدرتها على التعايش مع الحياة وفق واقعها، وجنوحها للهروب من واقعها من خلال أقصر الطرق وأقربها للنفس العاجزة المتخاذلة المستسلمة .

لا بد أن نعيش واقعنا بحقيقته، مؤمنين بالله – عز وجل – متكلين عليه، راضين بما قسمه لنا من أمور الدنيا، منقين صدورنا من الحسد والطمع والجشع، والتعلق بهذه الدنيا، وأن نعيش حياتنا الدنيوية عابرين بها للدار الآخرة: (أفمن وعدناه وعدًا حسنًا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين) .

لنعود إلى رشدنا وما هدانا ربنا من طرق الحق المبين، من ملازمة التوبة والاستغفار والتسبيح والتهليل والتحميد، وأداء الوجبات والبعد عن المحرمات والمعاصي، والصدق مع الله في كل شؤون حياتنا في السر والعلانية .

هداني الله وإياكم للحق والطريق المستقيم، وأبعد الله عنا الوهم وسبله، وجعلنا من عباده المؤمنين الموقنين الذاكرين الشاكرين لما أنعم به علينا خالقنا من نعم لا تعد ولا تحصى .



شذرات بقلم
أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
المهـ رحال ـاجر
الرياض
4/2/1432هـ


2011/01/07

فيروس التسويف !!!

فيروس
التسويف
الفيروس القاتل للنجاح



التسويف وما أدراك ما التسويف !!

التسويف هو ذاك الفيروس القاتل لكل طموح ونجاح !!

التسويف فن كل منا يتقنه وللأسف الشديد !!

فكم أجلنا من الأعمال؟ وكم أخرنا من الإنجازات؟ وكم أهدرنا من الفرص؟

وكم أضعنا من الأوقات؟ وكم فرطنا في العبادات والطاعات والأعمال الصالحات؟

وكم تقاعسنا عن القيام بالواجبات وأداء المهمات؟ وكم وكم وكم ؟؟؟

وكل ذلك بعامل التسويف القاتل، وفيروس التسويف المهلك !!!

إن سيطرة فيروس التسويف علينا جعلنا نخادع أنفسنا بالتأجيل ووجود الوقت الكافي لأداء الواجبات والقيام بما هو مطلوب منا، تحت معول التمني والأمل المفقود بسيطرة هذا الفيروس على ذواتنا وميولنا للكسل والتراخي عن الإنجاز في الوقت الآني والتسويف بالإنجاز في وقت أفضل وظروف أحسن .

حتى تحولت حياتنا إلى الفوضوية والرتابة المقيتة وزعزعة الثقة في دواخلنا والاستسلام للخوف والفشل والضعف المؤدي لقتل تحقق الأهداف والوصول للغايات .

ولا بد من وقفة حازمة جازمة نابعة من دواخلنا بصدق وعزيمة للقضاء على هذا الفيروس والتخلص منه؛ والبدء في مرحلة جديدة كلها حيوية ونشاط وهمة عالية وروح تنافس شريف في كل أمر يحقق الهدف من هذه الحياة والفوز بها ببطاقة التأهل للشرب من الحوض المورود ومن ثم دخول جنة عرضها السماوات والأرض .

وهذا لا يتأتى إلا من خلال قوة الإرادة الداخلية للإنسان، ومن ثم البيئة الحسنة التي ينشأ فيها وهي البيت والحي والمجتمع، ومن ثم الرفقة الصالحة التي تعينه على الخير وتدله عليه، عدم الركون للأمل الذي يبعد عن الآخرة؛ بل يجب الاستعداد ليوم الرحيل بكل زاد يمكننا من العبور بإذن الله تعالى بسلام.

وهذا كله حتى لا يأتي يوم ونعظ على أصابع الحسرة والندم، وتراكم الأعمال والذنوب والمعاصي التي تجعلنا نتثاقلها ونفرط في التوبة فننجرف في عالم البعد عن الله والمعصية والذنوب والفواحش والهلاك – عافنا الله وإياكم من ذلك – .

فالتسويف خطره عظيم على الفرد والمجتمع والأمة، ومن أشد الأمراض فتكًا بالوقت وإهداره دون فائدة، وهو شعار الفاشلين في كل ميدان "دراسي ومهني واجتماعي وخلقي وأخلاقي وإداري ومالي".

ناهيك عن كونه يسقط صاحبه من عيون الآخرين لما عرفوه عنه من التسويف، فلا يسمع ولا يقبل منه أي وعد بإنجاز أي عمل مهما كان، وبالتالي فإنه سوف يكون منبوذًا من المجتمع لا قيمة له ولا اعتبار .

فلنحرص جميعًا على الوقوف بوجه هذا الفيروس القاتل ومحاربته والقضاء عليه بالعزيمة الصادقة، والإنجاز الفوري وعدم التراخي لكل عمل، والوقوع فريسة سهلة بين فكي التسويف المهلك المدمر لنا ولمجتمعاتنا وأمتنا .



شذرات بقلم
أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
المهـ رحال ـاجر
الرياض
3/2/1432هـ

الـسـعــادة


شذرات
قلم

السعادة

 
السعادة عالم ينشده كل إنسان؛ بل كل مخلوق على وجه البسيطة، وهي الشعور بالراحة والاطمئنان والرضى والبهجة والسرور، وهي المحرك الحقيقي للإنسان للعمل للفوز بالسعادة بالدارين .

يقول الدكتور مصطفى السباعي، في الإرشاد للوصول إلى السعادة : ( أدِّ واجبك على خير ما يرضي الله، واخدم الناس على خير ما يرضي الناس، وتعلَّم أكثر مما تستفيد من العلم به، وافتح قلبك لأكرم ما في الحياة من مباهج، وأغمض عينك عن أقبح ما فيها من أسواء، تكن سعيداً في الأرض وفي السماء) .

فمتى كسب الفرد رضى الله – سبحانه وتعالى – شعر بالسعادة، ومتى خدم المحتاجين شعر بالسعادة، ومتى تجاوز الزلات وتغاضى عن الهفوات وأحسن الظن شعر بالسعادة .

فالسعادة لا تتحقق إلا بعمل وجهد يستحق الحصول عليها والنعيم بها واقعًا حسيًا ومعنويًا، برسم خطط ووضع أهداف توصل إلى السعادة والتلذذ بها حقيقة والعمل على الحفاظ عليها بشكر الله على الإنعام بها.

السعادة هي مطلب لكل إنسان في حياته الدنيوية والأخروية، وهي التي تقوده إلى النظرة الإيجابية من زاوية التفاؤل والأمل، وهي التي تجعله صادق المشاعر اتجاه الآخرين محب مخلص طيب القلب، لا يعرف الحقد ولا الحسد ولا الغدر والكراهية، وهي التي تجعله يخطط لأهداف راقية وعالية، ويجدد في أساليب حياته للبعد عن الروتين والنمطية، وهي التي تجعله ثابت الخطى متزن في أقواله وأعماله وتصرفاته ومواقفه، بعيدًا عن المزاجية المتقلبة والانفعالية المدمرة، وهي التي تجعله يستمتع بأداء أعماله بنفسه ويشبع رغباته وهواياته، بعيدًا عن الاتكالية والخدمة من الآخرين، وهي التي تجعله يستغني عن سؤال الناس والحاجة إليهم؛ لأنه يملك كنز القناعة الذي يغنيه عن ذل السؤال والحاجة للغير ، وهي التي تجعله يختلط بالناس ويفرح بهم وبوجودهم حوله؛ لأنه لا يحمل لأحد حقدًا أو غلاً في قلبه، وهي التي تجعله يبحث عن الأعمال التي يستمتع بالقيام بها حتى وإن كانت بدون مقابل؛ لأنه لا يفكر بالربح المادي، وهي التي تجعله ينظر للأشياء من حوله بنظره إيجابية؛ لأنه لا ينظر من خلال المنظار السلبي للأمور مطلقًا، وهي التي تجعله ينظم شؤون حياته كلها؛ لأنه لا يحب الفوضى ولا التسويف، وهي التي تجعله يجدد في أمور حياته؛ لأنه لا يحب الركون للروتين والنمطية، وهي التي تجعله يعتني بصحته؛ لأنه يعلم أن الصحة نعمة يجب الحفاظ عليها بالشكر أولاً وبالبعد عن السلوكيات الخاطئة التي تنعكس سلبًا على صحته وسلامته الجسدية، وهي التي تجعله يؤمن بأن الحياة الدنيوية دار ممر وعبور للدار الأبدية فما يكون فيها من منغصات وتعب ونصب وأحزان وأفراح؛ إنما هي للاختبار والابتلاء، فإن شكر كان له الأجر، وإن صبر كان له الأجر كذلك فهو مأجور بكلى الحالتين، ولا يكون منه ذلك إلا لأنه ينشد تحقق السعادة الأبدية في جنة عرضها السماوات والأرض .

لذا فإن من ينشد السعادة نجده ذاكرًا لله مستغفرًا له تائبًا عائدًا إليه في كل شؤون حياته وأحواله، ونجده يرحم الضعفاء والمحتاجين والأيتام والأرامل ويساعدهم، ولا يحمل في قلبه ذرة حقد على أحد، وصدره نقي من الشوائب والموبقات، وتجده حسن المظهر، زكي الرائحة، منور الوجه ، صادق الحديث، منجز الوعد، وفي بالعهد، لا يمل مجلسه .

وهذا فقط لأنه نشد السعادة الربانية، وسار في طريقها، فمكنه الله – عز وجل – من التلذذ بها والعيش في إطارها في هذه الحياة الدنيوية؛ لينعم بها في الحياة الأخروية بإذن الله – سبحانه وتعالى – .

وفقني الله وإياكم للسعادة وطريقها، وجعلني الله وإياكم من السعداء في الدارين .
 
شذرات بقلم
أبوعبدالعزيز
المهـ رحال ـاجر
سليمان بن صالح المطرودي
الرياض
2/2/1432هـ





2011/01/06

الـظـلـم !!!

شذرات
قلم


الـظــلــم





يمكن تعريف الظلم بأنه وضع الشيء في غير محله كما اتفق على ذلك أئمة اللغة.

والظلم: هو البغي والتعدي على الحقوق، سواء كانت لغيره؛ كأكل أموال الناس بالباطل، والتعدي عليه جسديًا ومعنويًا بالضرب والشتم، وكذلك التسلط على الضعفاء وقهرهم .

ويكون الظلم لصاحبه شخصيًا؛ بحيث يظلم نفسه بمخالفة الحق والفطرة وإتباع الشهوات والملذات والنفس الأمارة بالسوء، وترك الواجبات والانغماس في المحرمات والمعاصي والموبقات؛ فيكون بذلك ظلم نفسه ظلمًا كبيرًا، وقال الله – عز وجل – في هؤلاء : ( وما ظلهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ) .

ويقال أن في العدل النجاة؛ والعدل لا يكون إلا بتقوى الله – سبحانه وتعالى – أما البغي والتعدي على حقوق الآخرين فهو ظلم وذنب عظيم يفضي للشر والفساد والهلاك في الدنيا والآخرة، قال – سبحانه وتعالى – : ( وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا ) وقد حرم ربنا الظلم على نفسه، كما جاء في الحديث أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال فيما روى عن ربنا – تبارك وتعالى – في الحديث القدسي : ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا ) وحرمه على خلقه، ولعظمة الظلم أعلن نبينا – صلى الله عليه وسلم – حرمته في أعظم موقف حيث قال في خطبة الوداع : ( ألا إن دماءكم وأمواكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ) .

والظلم ينتج عنه نتائج مهلكة للفرد والأمة في الدنيا والآخرة، ( اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة )، ومن مظاهر الظلم وتفشيه بين الأمم محسوسة ومشاهدة بالعيان، فمتى زال الأمن وساد الخوف، وكثرت الفتن والحروب، وارتفعت الأسعار، وقلة البركة، وكثرة الأمراض، واستشرت المصائب والآفات، فإن هذه علامة على وقوع الظلم بين الناس وانتشاره وعدم محاربته، قال ربنا – جل في علاه – : ( وما أصابكم من مصيبة فيما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير )، ولا يرتفع الظلم إلا بالتوبة النصوح والعودة إلى الله وصراطه المستقيم .

فالظلم قبيح في كل صوره وأنواعه، ولكنه أشد قباحة عندما يحاك الظلم بغلاف الشريعة والنظام والقانون والسلطة، واستغلالها لمنع الحقوق وسلبها من مستحقيها تحت تلك المظلة وجعل صواري الحق شماعة لتعليق عليها المظالم وتمريرها .

عاقبته وخيمة وأليمة وآثاره خطيرة في الدنيا والآخرة، فلنحذر منه ولنتواصى على القضاء عليه ودفعه عنا وعن معاملاتنا وتعاملنا مع الصغير والكبير والقوي والضعيف، حتى يسود العدل وينتشر الحق ويعم الخير بين الناس؛ فبه يصلح الراعي والرعية وتسعد البشرية وتأمن الأمة، وتزدهر البلاد بالخيرات وتنعم بالأمن والأمان وتكون المحبة والأخوة والوفاء والتراحم والتواصل بين الأقارب والأرحام وجميع أفراد الأمة .

أسأل الله أن يجنبنا الظلم وأن يوفقنا للعدل، وأن يجعل أوطاننا أمنة مطمئنة ترفل بالعدل وبالخيرات وبالأمن والأمان والعيش الرغيد؛؛؛




شذرات بقلم
أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
الرياض
1/2/1432هـ