2010/12/26

ثقافة التفحيط وإبداع المفحطين !!!



شذرات
قلم




ثقافة التفحيط
وإبداع المفحطين






التفحيط هو الصوت الصادر عن إطارات السيارة نتيجة سرعة دورانها وانحرافها السريع من جهة لأخرى ، أو هو التلاعب بالسيارة تحت سرعة معينة لتقديم حركات استعراضية مثيرة .

وهناك من يقول أنها رياضة الجنون والهلاك والدمار السريع .

وظاهرة التفحيط ظاهرة عالمية إلا أنها تنتشر بدول الخليج بشكل أوسع، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل لعل من أبرزها؛ عدم وجود رياضات بديلة؛ كتسلق الجبال، أو الطيران الشراعي، أو الألعاب المائية وغيرها من أنواع الرياضات التي يمارسها الشباب في دول شرقية وغربية تتوفر فيها مثل تلك الرياضات وغيرها .

وتمارس هذه الظاهرة في أماكن عامة، ودون توفر وسائل السلامة والأمان لممارسيها ولمتابعيها، مما يشكل عليهم خطرًا يصل لحد الموت أو الإصابات المقعدة .

ولكثرة عشاقها ومتابعيها نشأت المنافسات بين ممارسيها، وبداء عشاقها بتوثيقها وتسجيلها، وتخصيص مواقع لها على الشبكة الإلكترونية لعرض المقاطع المتميزة عنها؛ بل أن وصل الحال بالمهتمين بها بأن وضعوا لها ضوابط منافسة وإمكانات فريدة وسيارات معينة، والتنافس في تطبيق حركات خطرة ومميتة، وغير ذلك من الأمور التي تساهم في انتشارها والتنافس عليها .

كل هذا في غياب تام من الأسرة والمجتمع والجهات الأمنية والمعنية بالشباب والثقافة؛ والحفاظ على ثروات الوطن ومقدراته من الهلاك والزوال .

نعم غياب من الأسرة، لعدم معرفتها بحال أبنائها وأماكن تواجدهم وما يقومون به من أعمال صالحة كانت أم مسيئة !!

وغياب من الجهات الأمنية لعدم حزمها في منع مثل تلك الظواهر بالبحث والدراسة لمعالجتها والوصول إلى حلول ناجعة للقضاء عليها والحفاظ على ثروة الأمة من شبابها الذي تؤمل عليه الأمة الآمال .

وغياب من الجهات المعنية بالشباب والثقافة من إيجاد متنفسات لهؤلاء الشباب لقضاء أوقات فراغهم وتفريغ طاقاتهم والحفاظ عليهم فيما يعود عليهم بالنفع وعلى مجتمعهم وعلى الوطن والأمة .

وكذلك في غياب من رجال التربية والتعليم والدعوة والتوجيه لتوجيه الشباب وتنشأتهم التنشئة الصحيحة السليمة ودلالتهم على الطريق الهادف والمفيد لهم ولمجتمعهم ووطنهم وأمتهم .

وفي ظل هذا الغياب من تلك الجهات التي هي ركيزة مهمة في توجيه الشباب والعناية بهم، فقد الشباب فقه ثقافة التفحيط وفسروها بمعرفتهم وبما يرضي غرائزهم ويحقق رغبات مشجعيهم على القيام بذلك .

لأن التفحيط وبكل بساطة؛ هو طاقة كامنة لديهم، وإبداع متميز في دواخلهم، وفن يتوقد في أفكارهم، وقدرات هائلة تتوهج في صدورهم، وفراغ كبير يطمعون في استثماره، فلم يجدوا أمامهم في ظل هذا الغياب والغفلة عنهم إلا التفحيط لابراز قدراتهم وتفجيرها وفق البيئة التي يعيشون فيها ويفهمونها .

وليس هناك إبداع أكثر من القيام بتلك الحركات المثيرة والسريعة والجنونية والسيارة تسير على هذه السرعة العالية، وهذا الفن الذي يجعله يسيطر على مقود القيادة فيرمي بالسيارة يسرة ويمنة، وتلك القدرة التي تجعله يحدد مساره بكل دقة واقتدار فيطبق الحركة المطلوبة كما رسمت له، وهذه الثقافة التي جعلته يترجم رغبات المتجمهرين على حساب حياته وسلامته وسلامة المتابعين .

فهو بهذا العمل الخطير يثبت ذاته وموهبته الخارقة، بعد أن غفل عنه الأهل والمجتمع، وهمشوه ولم يرعوه ويهتموا به، حتى وصل إلى هذا الطريق الذي إن نجا من الموت لم ينجوا من الانزلاق في طريق المخدرات والمسكرات والفساد الأخلاقي، خاصة وأن الفئة العمرية للمفحطين تتراوح بين سن 17 سنة إلى 30 سنة، مرحلة مهمة وتشكل منحنى خطير في حياة الشاب، وغياب الوعي والمتابعة والتوجيه لها في هذه الفترة تؤدي بها إلى الانحراف السريع والتيه في مستنقعات الهلاك .

لقد أبدع المفحط وأثبت ذاته وحقق مراده؛ بغض النظر إن كان على الصواب أم الخطأ !!

لكن نحن ماذا صنعنا ؟ وماذا حققنا ؟ من أجل الحفاظ على هذا المفحط وشباب الأمة ومستقبلها الزاهر ؟

يجب أن نصحوا من غفلتنا وأن نلتفت إلى شبابنا ومستقبل وطننا وأمل أمتنا وجيله الصاعد الواعد .

نعم يجب أن نصحوا وأن نفيق من هذا السبات المهلك وتلك الغفلة القاتلة التي أهلكت معها أهم ثروات الوطن ومقدراته، فما قيمة الوطن دون الشباب ؟

يجب علينا أن نفيق وأن نقوم بأدوارنا، بدأن من البيت ثم المدرسة ثم المجتمع ثم المؤسسات الحكومية وغير الحكومية المعنية بالحفاظ على مقدرات الوطن وثروته الحقيقية .

يجب أن نلتفت لأبنائنا كأباء وأمهات، وطلابنا كمربين ومعلمين، وواجباتنا اتجاه شباب الأمة كمجتمع متماسك يحرص على حفظ الأمانة وصيانتها، وكمسؤولين أمام الله ثم ولي الأمر اتجاه شباب الوطن من جهات أمنية ودعوية وثقافية وشبابية ورياضية، في الصدق في أداء مهامنا والقيام بمسؤولياتنا الملقاة على رقابنا .

إن التوعية والتوجيه واكتشاف الطاقات والإبداعات والمهارات لدى الشباب وتوجيهها التوجيه الصحيح، هو الحل الأنجع للقضاء على هذه الظاهرة – بإذن الله – أما السجن والغرامات والمطاردة، ففي نظري أنها لن تُجدي؛ وذلك لسبب بسيط وهو أننا لم نعالج السبب الرئيس في فشوا وانتشار تلك الظاهرة بين الشباب .

الوضع جد خطير والأرقام مخيفة والمشاهد مروعة والمقابر تزخر والمستشفيات تأن والشوارع تعاني والبيوت ثكلى، وهذا كله بسبب التفحيط وغياب الجميع عن أدوارهم الحقيقية في هذه الحياة اتجاه هؤلاء الفئة التي تسعى لتفريغ طاقاتها وإبراز مواهبها وقدراتها لتثبت وجودها في الحياة؛ لأنهم ينأون أن يكون على هامش الحياة لا قيمة لهم ولا اعتبار .

هذه خاطرة تسلسلت حروفها دون ترتيب أو تخطيط بعد أن رأيت مقطع حادث المفحط المشهور " سلطان الدوسري " الذي توفي قبل أيام وهو يفحط في شارع الغروب بحي العزيزية جنوب مدينة الرياض، أسال الله لنا وله المغفرة والرحمة والثبات على الحق .





 
شذرات بقلم
أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
الرياض
19/1/1432هـ
 
 


2010/12/23

ثقافة حزام الأمان ... بين السلامة والأناة ؟!؟

ثقافة حزام الأمان

بين السلامة والأناة








في يوم الخميس الماضي؛ يوم عاشوراء مررت بنقطة تفتيش " أم سدرة " طريق الرياض القصيم السريع، وطلب مني رجل الأمن الرخصة والاستمارة، ثم التوقف لتحرير مخالفة عدم ربط حزام الأمان، ولا إشكال هنا أنا مخالف وأستحق هذه المخالفة.

ولكن المشكلة هي المفاجأة التي حفزت رجل أمن الطرق أن يحرر لي هذه المخالفة، وهي قوله عندما طلبت منه أن يتجاوز هذه المخالفة: ( عدم ربطك للحزام يدل على أنك مستهتر برجل الأمن) ؟؟؟!!!

حقيقة تعجبت لهذا الرد، وقلت له : لم أستهتر ولكن أنتم من أعان على ذلك، فقبل سنوات كان هناك حملة وشدتم في تطبيق النظام، ثم بعد ذلك تراخيتم ولم تعودوا تسألوا عن حزام الأمان أصلاً ؟ فرد قائلاً : ( كان يوم شفت النقطة ربطت الحزام، وإذا تجاوزت النقطة فك الحزام ؟؟؟ ) عجبي من هذا الرد وتلك النظرة للحزام ؟ وكأن الموضوع شخصي وانتصار للذات !!!
والعجيب بدل من أن أسمع من رجل الأمن أي تعليمات أو نصائح أو إرشادات حول حزام الأمان وأهميته، أسمع منه تلك التعليمات المشددة لاستغفال رجال الأمن !!!

فبدل أن أعطي دروس توعوية وقائية " الوقاية خير من العلاج " رايح يعلم الناس كيف يلتفون على النظام ويجعلون منه العوبة؛ ففقد هيبته وأصبح نظام لا روح فيه .
إذا كان رجل الأمن الذي يفترض أنه أول العارفين بأهمية حزام الأمان، وأول المعرفين به، وأول المطبقين له، هذا مستوى ثقافته عن حزام الأمان وعن السلامة المرورية لسالكي الطريق، وما للحزام من دور بعد الله – سبحانه وتعالى – في التقليل من الإصابات عند وقوع الحوادث – لا قدر الله – فماذا نقول عنا نحن البعيدين عن ذلك ؟ وصدق المثل القائل : ( فاقد الشيء لا يعطيه ) .
ناهيك عن وعي الجهة المعنية بالتوعية بالسلامة المرورية وسلامة السائقين والركاب من أي أذى على الطريق، عندما أغفلت التوعية المرورية بالتوعية المادية ووضعتها في أعلى قسيمة المخالفة المرورية وبالخط العريض بضرورة التسديد قبل ثلاثين يومًا من تسجيلها لتفادي مضاعفتها للحد الأعلى، وكأنها جهة جباية أموال لا جهة معنية بالسلامة والأمن لسالكي الطريق !!!
كم كنت سأكون سعيدًا أنا وغيري لو وجدت من رجل الأمن هذا وغيره عبارات توعوية وإرشادية، وعلى قسيمة المخالفة وخلفها مطبوع عبارات إرشادية، وحصلت مع هذه القسيمة على نشرة أو نشرات توعوية وإرشادية عن السلامة .

كم تمنيت أن تتولى الجهات المعنية بأمن الطرق وبالمرور برفع المستوى الثقافي والتوعوي لدى أفرادها، قبل نشرهم في نقاط التفتيش وإشهار أقلامهم لتحرير المخالفات المرورية فحسب ( نعم المخالفات المرورية مطلوبة، ولكنها وسيلة وليست غاية ) .

وكذلك أن تواصل حملات التوعية والسلامة المختلفة، لتحقيق التواصل مع السائقين وسالكي الطريق، لضمان حركة مرورية سلسلة، ولتأمين السلامة للجميع – بإذن الله – ولتفادي كافة إشكالات الحوادث والمخالفات المرورية على الطرق .

ولرسم صورة حسنة عن تلك المؤسسة وأنها معنية بالسلامة أولاً لا بالجباية من خلال نشر أفراد ثقافتهم مركزة على إيقاع المخالفات وكأنه يتشفى من سالكي الطريق لتعويض نقص يشعر به اتجاه الآخرين .

كم نتطلع إلى خطة أمنية شاملة ومستمرة للتوعية المرورية لترسيخ الثقافية المرورية وخلق الحس الأمني لدى السائقين وقبل ذلك لدى أفراد ورجال الأمن، لنصل إلى احترام قوانين وأنظمة المرور والسلامة المرورية والتقيد بالسرعة القانونية وربط حزام الأمان واختفاء كافة أشكال المخالفات والتجاوزات المرورية والأمنية .



كتبه
أبوعبدالعزيز
الرياض
13/1/1432هـ

( موضوع معد للنشر في أحد الصحف اليومية )

صمام الأمان !!!


شذرات

قلم







صمام الأمان
 


الحمد لله القائل في محكم التنزيل ( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم )، والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين حامل رسالة الله ومنقذ بشريته ومخرجها من الظلمات إلى النور بإذنه، وهاديهم إلى الصراط المستقيم، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد :


يحرص الخبراء والصناعيين ورجال المال والأعمال من عمل صمام أمان يضمن سلامة تجارتهم ومنتجاتهم من الخسارة والعطب والفساد !!


فكيف بالنسبة للإنسان والأمم والشعوب ؟
فإن وجود صمام أمان يحفظ على الأمة أمنها واستقرارها ورغد عيشها، مطلب مهم وضروري يحرص كل فرد مخلص وصادق من أفراد الأمة على توفيره للغاية السامية من وجوده في هذه الحياة .


ولعل من أهم صمامات الأمان للأمة هي القيم، التي يكتسبها الإنسان من البيئة التي ينشأ ويترعرع فيها، لذا نجد أن الأسر تهتم بزرع القيم التي ترى أهمية غرسها في أبناءها منذ طفولتهم؛ حيث تربيهم وتنشئهم على بوتقة معينة من القيم التي تؤمن بها؛ من القيم الدينية والثقافية والمهنية والسلوكية والاجتماعية، وفق ما تعتقده هذه الأسرة وتؤمن به، حيث يتأثر الناشئ بتلك المقومات فتظهر على سلوكه وتعلمه واختياراته ومواقفه وحاجاته وذوقه، وتجعله يصدر الأحكام وفق تلك القيم التي تشربها منذ نعومة أظفاره .


إن تعزيز القيم الإنسانية السليمة والصحيحة والاهتمام بها؛ يتطلب تضافر جهود الأسرة والمدرسة والحي والمجتمع ممثلاً في كل أطيافه ومؤسساته الحكومية والأهلية؛ خاصة في هذه المرحلة وتحت عجلة التقدم التكنولوجي الهائل والمتغير الذي يشهده العالم اليوم؛ في ظل تطور وسائل الاتصال والمعلومات التي أزالت الحدود وقربت المسافات وجعلت من العالم قرية صغيرة؛ تتلاطم بكم هائل من العادات والتقاليد والقيم المتباينة .


فالاهتمام بتعزيز القيم الإنسانية السليمة، بات مطلب وطني للحفاظ على هويتنا الدينية الصحيحة والاجتماعية السليمة وخصوصيتنا المستقاة من تعاليم ديننا الحنيف، تلك القيم التي يجيب غرسها في نفوس أطفالنا وتنشئة شبابنا وتطبيعهم اجتماعيًا عليها .


فالقيم السليمة من الركائز الأساسية المهمة في تكوين الشخصية لدى الفرد، وهي صمام أمان تمكنه من تأكيد مبدأ الرقابة الذاتية لسلوكياته التي تنعكس على المجتمع والأمة.


والقيم هي المحرك للطاقة والموجه للأهداف السامية التي تصنع مجتمعًا متقدمًا في كافة الميادين .


ولنا في القيم التي أقرها الإسلام خير مثال؛ حيث مكنت الحضارة الإسلامية من أن تكون مضرب المثل في التحضر المبني على قيم العدالة والإخاء والمساواة تحت إشعاع نور تعاليم الدين الإسلامي الحنيف .


فالقيم الصحيحة المبنية على تعاليم دينية ومفاهيم سليمة ومعتقد نقي هي الضمان والأمان – بإذن الله – لاستقرار المجتمع ونمائه واستقامته .


فكم نحن في أمس الحاجة إلى نشر الوعي الديني ، وتعزيز قيم التعاون وحسن التعامل ومبدأ التكامل والخلق الرفيع (وإنك لعلى خلق عظيم) فلم يصف ربنا – عز وجل– نبينا وقدوتنا محمد –صلى الله عليه وسلم– بهذا الوصف؛ إلا بعد أن تأصلت القيم السليمة فيه من الإيثار والصدق والأمانة وحسن الخلق وغيرها من الخلق الحسنة العظيمة في كل تعاملاته .


فالقيم هي العامل الفعال ليقظة ضمير الأمة وفاعلية الشعوب وقدرتها على العطاء لبناء حضارة يشع نورها ليملأ الأرض بالخير والسعادة والأمن والاستقرار والرخاء .


فمتى انعدمت القيم فسدت الخلاق وانهارت الأمة وسقطت حضارتها .


والأمل معقود بعد الله – سبحانه وتعالى – في أبناء أمة الإسلام ورجالات الأمة المخلصين من المسؤولين وطلبة العلم والدعاة الربانيين ورجال الحسبة والمخلصين في هذه البلاد المباركة – أرض الحرمين الشريفين – لتأصيل القيم الإسلامية السليمة، وتعزيزها في نفوس نشئ الأمة وشبابها، كل من موقعه وعبر وسيلته التي يتمكن من خلالها إرساء تلك الأسس والمبادئ القيمة التي تشكل صمام أمان للأمة الإسلامية عمومًا ولمجتمعنا على وجه الخصوص .


وما تلك الملتقيات التي تعقد بين الفينة والأخرى إلا دليل على هذا الوعي والإدراك لحاجات الأمة، وشبابها على وجه الخصوص، لفتح قنوات من التعاون والشراكات لتعزيز تلك القيم وغرسها على أسس علمية سليمة، وفق إستراتيجية تنتهجها هذه المؤسسة المباركة " الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " – نسأل الله لها وللقائمين عليها العون والتوفيق والسداد – في إطار الحرص على تنمية المفاهيم الإيجابية والقيم السليمة وتحصين جسد الأمة من الأفكار المنحرفة والضلالات الهدامة .


تتطلع الأمة إلى ملتقى "خير أمة" الثالث الذي يعقد هذا العام تحت عنوان "الشراكة في تعزيز القيم" والذي يعقد بعد أيام، أن يحتضن مشاركات فاعلة للخروج بخطة عمل واضحة المعالم وبرامج وأنشطة تطبيقية لترسيخ القيم الصحيحة، وآليات تعليمها والثبات عليها وتفعيلها، ورصد أسباب ومظاهر انحسارها وانتشار المفاهيم السلبية خاصة لدى الشباب، وفق دراسات وورش عمل تفاعلية مشتركة للإسهام في تقديم الحلول العلمية والعملية لمعالجة المشكلات الأخلاقية والحد منها، وكذلك الإسهام في وضع المعايير والمؤشرات التي تحكم تطبيق القيم في المجتمعات من خلال الشريعة الإسلامية، ورفع الوعي الثقافي لدى المجتمع بالقيم الأخلاقية والمعرفية في الخطاب الديني عبر استخدام كافة تقنيات التواصل الحديثة الممكنة، بتبني منهج الوسطية والاعتدال في ذلك، للوصول إلى الغايات والأهداف المنشودة، خاصة ما هو متعلق بأمورحياتنا اليومية.
وختامًا أسأل الله أن يبارك في هذه الجهود، وأن ينفع بهذا الملتقى، وأن يجزل للقائمين عليه، ولمن هو تحت رعايته وجميع العاملين عليها الأجر العظيم ويجعل ما قدموا في ميزان حسناتهم وأن يوفقهم لخير الدنيا والآخرة .


والله من وراء القصد، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين ؛؛؛




شذرات بقلم
أبوعبدالعزيز
الرياض
13/1/1432هـ

2010/10/05

أنـا الحـســاس !!!



شذرات
قلم


أنـا الـحــســـــاس !!!




نسمع ونشاهد ونلحظ كثيرًا وصم فلان من الناس بإنه إنسان حساس !!!
وغالبًا ما نجد من يردد تلك الكلمة ويطلقها جزافًا على الناس لا يعرف معناها !!! ولا حتى حروفها !!
بل نجده قد سمع بها فطربت لها أذنه واستحلاها لسانه وأخذ يدندن بها هنا وهناك، دون مراعاة لأثارها ومستلزماتها وعواقبها وخلفياتها وكل شي عنها وحولها .
ولو قلنا له عرف لنا الإنسان الحساس يا من تدندن بها، لوقف مشدوهًا ولا تلعثم ولم يستطع النطق بحرف واحد !!
لأنه وبكل بساطة يجهل معناها، فهو كالببغاء يردد كل ما يسمع دون أن يفقه ما يقول ...
فعجبًا لأمره !!
فكل إنسان له صفات تختلف جذريًا عن غيره من البشر، فسبحان الخالق الذي خلق الخلق وجعل لكل منهم صفة تختلف عن غيره من البشر .
ومن تلك الصفات التي يتصف بها بعض الناس، صفة الحساسية، وهذه الصفة تختلف من فرد إلى أخر فمنهم من يكون مفرطًا بالحساسية من كل أمر، ومنهم من هو دون ذلك.
وقد قيل عن الإنسان الحساس، أنه : ( أكثر الناس فهمًا لنفسه وأقلهم إساءة للآخرين ) ويمكن أن نعرف الإنسان الحساس – مفرط الحساسية – بأنه : (الإنسان ذو الحساسية الزائدة الذي يتأثر سريعًا بما يشاهد أو يسمع من العوامل الخارجية المحيطة به) وهو (الإنسان الذي يعطي الأمور أكبر من حجمها، ويتأثر بها) وهذا يعتبر داء وعله .
والإنسان الحساس بطبعه يرى أنه إنسان صادق وأن أقواله وأفعاله صحيحه، دون أقوال وأفعال الآخرين التي لا يتقبلها بسهوله لكونها تحتمل عكس الصحة لديه، وينظر إليها من منظار الخطأ .
لذا فإننا نجد صعوبة في التعامل معه، لكون أي كلمة عفوية تجرحه، وإن كانت لا تعنيه، فيترجم ويفسر أقوال وتصرفات الآخرين من منظوره الخاص، فيحمل الأمور محامل أخرى لحساسيته، والأدهى والأمر أنه ينظر إلى الآخرين بأنهم حساسين ولا يتقبلون الأمور، فنجده يعيش في عزلة، وعند المناقشة ينسحب فورًا ويتعذر بأعذار غير مقبولة، بل يصل به الأمر عند الاعتذار أن يقول أنه اعتذر حتى لا يجرح مشاعر من حوله أو يثبط هممهم ويفشل أعمالهم لكونهم حساسين .
هذه هي الحساسية المفرطة وصاحبها.
والشخص ذو الحساسية المفرطة يحتاج إلى قدرة خاصة وفن في التعامل معه، إذا أن الخطاب والتعامل والتحاور معه لا يكون مباشرًا، بل لا بد من التحاور والتخاطب والتعامل مع قلبه وعواطفه التي بدورها تترجم ما نريد أن نخاطب به عقله، فمتى سيطرنا على عواطفه وقلبه استطعنا أن نتخاطب مع عقله، على أن نكون حذرين طول فترة تعاملنا معه، فلا نخطابه بالعنف أو بالشدة؛ بل نخاطبه باللين واليسير والهدوء .
فالتعامل مع الناس فن من الفنون التي يقل من يجيدها ويتقنها، فمعرفة الناس وصفاتهم وطريقة التعامل مع كل واحد منهم، أمر صعب لا يتقنه إلا صاحب الخبرة المتمكن من ذلك، ليستطيع المسايرة والمعايشة والتعامل معه دون أي تشنج أو مشادة تخرجهما عن الجادة الحق والطريق الصواب .

ولكن !!!
اليوم أصبح الناس يصمون كل من خالفهم بالإنسان الحساس !!
وكذلك من كان طيبًا ويملك قلبًا طيبًا قالوا عنه حساس !!!
وكذلك الإنسان المتسامح الذي لا يحب المشاكل ويتنازل عن حقه ، قالوا عنه حساس !!!
وكل عمل يعمله لا يروق لهم أو يكدر صفوهم ، مباشرة قالوا عنه حساس !!!!
والغريب أن من يبادر بهذا الوصف يكون أقرب الناس إليك !!؟؟؟!!

بينما الحساسية المتوازنة مقبولة وجميلة ولطيفة في حد ذاتها، بل أنها تجعل من صاحبها شاعرًا ذواقًا، وإنسان مقبولاً لدى الجميع، ومجالسته لا تمل والتعامل معه مكسب وخبرة.
ومع ذلك أستأذنك يا من وصمت الناس بالحساسية بهذه الهمسة :
لا تنشغل بالناس ونشغل بنفسك عنهم، ونقي قلبك من الضغينة والحقد والحسد، وتجاوز تلك العقبة بالحب والتسامح ونقاء القلب وجمال الروح ومحبة الآخرين والدعاء لهم، وعمل على تصحيح مسارك والتخلص مما أنت واقع فيه من تقصير ونقص في كل الجوانب، وتوكل على الحي الذي لا يموت – سبحانه وتعالى – فإنه هو من ينجيك مما أنت واقع فيه، لتعيش حياتك الدنيوية عاملاً لحياتك الأخروية التي هي موعد الخلق جميعهم .
وتذكر يا من وصمت بأنك حساس ولست كذلك؛ بأنك على خير وإلى خير قادم – بإذن الله تعالى – وقلب تلك الصفحة التي لطخها السواد من قاموس حياتك إلى صفحة بيضاء نقية تواصل بها طريقك نحو الهدف المنشود والقمة الشامخة، وتذكر بأن من وصمك بتك الأوصام إنما هو إنسان مقصر حاقد عاجز عن السير في الطريق الذي أنت تسير فيه .
وليس أمامه إلا الاستهزاء والاستنقاص منك بوصم وأخر لتعيش في جحيم وخذلان؛ لذا هو حرص على تلطيخ صفحات حياتك بالسواد رغبة في تكسير مجاديفك لمنعك من مواصلة المشوار والوصول للقمة والغاية التي ترقبها في جنة عرضها السماوات والأرض .
ولتكن تلك الكلمات مصادر طاقة لك لتعزيز الثقة بنفسك، ولتعينك على استعادة قواك لتواصل المشاور بكل عزم وقوة، دون ليونه أو خنوع لمأرب هذا المسكين الذي كشر عن أنياب الخيبة وفقدان الأمل .
إن الإنسان الحساس هو إنسان يعتز بذاته وبأفكاره وأعماله وما يقدمه من أعمال وما له من دور في الحياة والمجتمع ، لأنه إنسان صادق مع نفسه يحترم ذاته ويحترم من أمامه ويتأثر بما حوله وبالتالي يتفاعل مع الأحداث إيجابًا بكل ما يستطيع .
أما الإنسان الواصم فهو إنسان عديم الإحساس لا يحترم ذاته ولا جنسه ولا من حوله ولا يشعر بالآخرين ولا يتفاعل معهم إلا سلبًا ليعوض عما يشعر به من نقص؛ فهي محاولة المفلسين أمام الناجحين المتألقين .

ومتى رُميت بأوصام الاستنقاص فثق وتيقن بأنك إنسان مبدع وإنسان معطاء ، وإنسان اجتماعي متفاعل مع محيطك بكل ثقة واقتدار .
الإنسان الحساس ليس إنسانًا مائعًا دلوعًا صعب التعامل معه كما يصورونه؛ بل هو إنسان رقيق متفاعل مع من حوله بكل حواسه ومشاعره وإنسانيته .

الحساس هو إنسان جدًا مرهف؛ وبالتالي لا يتعامل مع الناس إلا بالطريقة التي تليق بهم، فتجده يتحرى ويبحث عن الأسلوب المناسب لكل إنسان على حده، وفق مايتناسب مع شخصية الذي أمامه، وبذلك يكون هو المتعب في كل الظروف والأحوال، وهذا لأنه يفكر مليون مرة قبل لا ينطق بالكلمة، بل ويخاف أشد الخوف من أن الكلمة قد تضايق متلقيها، بينما الناس – وهذه ظاهرة منتشرة – لا يكلفون أنفسهم عناء البحث عن الكلمات المناسبة التي لا تضايق من وجهت له،لذا نجد الإنسان الحساس متعبًا جدًا لشدة حرصه على انتقاء الكلمات والجمل، وطريقة التعامل مع الآخرين، وفي الوقت نفسه يعاني من زحام الكلمات التي يسمعها من أُناس لا تفكر فيما ستقوله قبل أن تطلق لألسنتها العنان في قذف الجمل والكلمات التي ربما تكون جارحة وقاسية في وقعها على المتلقي، وبين تفكيره كيف يتعامل مع كل إنسان وفق ما يرضيه وما يناسبه، فهو بمفهوم أوسع وأشمل "كأنه بين المطرقة والسندان" .
فالحساسية صفة جميلة إن وجدت في الإنسان، ولكن لمن يعرف أن يتعامل مع صاحب هذه الصفة بكل رقي ومصداقية، سيجد من خلال ذلك كل الانسجام والراحة، لأن صاحب هذه الشخصية لا يفكر مطلقًا بتنقيص قدر من أمامه، بل يمكن أن يعطيه من الوصف ما قد يكون صاحبه غافلا عنه.
فالحساسية المنتقدة والمنبوذة من بعض الناس من وجهة نظري؛ هي خصلة جميلة لمن يريد أن يتعرف على مواطن الجمال والراحة والشفافية والتعامل الراقي، ولمن يريد أن يدركها ويتلمسها عن قرب ويسعد بها .

ومن يفتقد تلك الصفة الإنسانية يلجأ إلى تصويرها بصور مشوهة ليخفي ما يعاني منه من عيوب لا ترتقي إلى ذاك الإنسان الذي حاز إعجاب الناس، وربعوه على القمة تكريمًا له وتقديرًا لما قدم ويقدم لهم من صدق ومحبة وتواصل، وهذا ما يفتقده الواصمون بالحساسية ...



شذرات بقلم
أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
25/10/1431هـ
القاهرة
































2010/09/19

وإذا أُحرق القرآن ... ألا نخجل من أنفسنا ؟؟؟


شذرات

قلم


وإذا أُحرق القرآن ... ألا نخجل من أنفسنا ؟؟؟



سبحان الذي يداول الأيام.

يعيش العالم هذه الأيام حكاية حرق القرآن الكريم، وما أدراك ما حرق القرآن !!؟؟!!

يخرج علينا ضعاف النفوس وأصحاب الهوى والمصالح المادية والسياسية والفكرية بأنواع من الأطروحات والقضايا التي تخدم مصالحهم، ومن خلالها يحققون ما يرمون إليه ويهدفون .

ونحن للأسف الشديد "ندندن ونطنطن" وفي أحيان كثيرة نخدم صاحب الأمر ونحقق ما يريد وزيادة، بأسرع مما يتوقع، وبأقل التكاليف وأقصر الطرق .

حادثة حرق القرآن الكريم !!!

نعم حرق القرآن الكريم جريمة لا يمكن السكوت عنها، ولا يمكن قبولها، ولا يمكن المساومة عليها، ولكن !!!

من حرق القرآن الكريم ؟

هـم ؟

أم نحـن ؟

نعم هذا هو السؤال البديهي الذي يجب أن نطرحه قبل أن نشن الحرب العشواء على من أراد حرق كتاب الله – سبحانه وتعالى – الذي أنزله وتكفل بحفظه !!!

حرق القرآن الكريم من قبلهم حقيقة هو حرق لقراطيس، كتب عليها كلام الله – جل جلاله – وفي حرقها قد يكون إكرام لها من إهانتها وتدنيسها وتلويثها، وهو رمز إلى الحرب على الإسلام كدين وعدم قبوله، وبالتالي عدم قبول أتباع هذا الدين !!

وهذا التصرف في أقل أحوله هو مخالفة لما ينادون به من الحرية وحقوق الإنسان وغير ذلك من الشعارات البراقة التي سرعان ما تنقشع الأقنعة أمام زيفها عندما تتعارض مع مصالحهم وأهدافهم، فتظهر الوجوه على حقيقتها وتنسى كل ما تنادي به من أباطيل وأقاويل !!

فأين حقوق الإنسان من القضية الفلسطينية ؟ وأين حقوق الأطفال من أطفال غزة ؟ وأين حقوق الشعوب والحرية من السودان والعراق وأفغانستان وجنوب الفلبين وجنوب تايلند ؟ وتيمور الشرقية ؟؟

وقف العالم الغربي صفًا واحدًا أمام انفصال تيمور الشرقية حتى تحقق لها ذلك !! لماذا ؟ لأنها جزيرة ذات أغلبية نصرانية تتبع لأكبر دولة إسلامية !!!

وكذلك الحال بالنسبة لجنوب السودان !!

ولكن ما الذي جعلهم يتجرؤون على مثل تلك الأفعال ؟

عندما يظهر هذا في الدانمارك ويحرق كتاب الله أمام الملأ، ثم يتبعه ذاك الساقط الأمريكي الذكي بالإعلان عن رغبته في حرق القرآن الكريم، بدعوى ظاهرها الدفاع عن المسيحية وأمريكا وباطنها إنقاذ كنيسته ونفسه من الديون المادية ونيل الشهرة والمكانية الإعلامية والسياسية وتحقيق أهدافه من خلال هذه الدعوى التي لو نفذها لما جنى إلا الدمار والعار والخوف؛ وربما القتل .

دون أن نغفل أنه كاره حاقد على الإسلام وأتباعه، وأنه متعصب ومتطرف كما هو حال كثير من أعداء الإسلام الذين يظهرون التسامح ولكن ما يبطنونه هو أشد مما أظهره هذا المبشر الفاسق.

تباينت الردود واختلف التوجهات بين تنديد وشجب واستنكار ومناشدات ومظاهرات وتهديدات وكتابات وأطروحات هنا وهناك من العرب والمسلمين والنصارى واليهود وكل الأجناس والأديان "وكل منهم على ليلاه يدندن"

وهكذا هي حال المفلسين، عندما يغمرون ويحرقون، يحاربون الإسلامي حتى يبرزون ويشتهرون وتكون لهم المكانة والحصانة والقيادة، كما هو الحال بالنسبة لصاحب الرسوم المشينة التي سخر من خلالها بنبينا محمد –صلى الله عليه وسلم– .

ولكن أعود لما طرحته سابقًا من تساؤلات، عما جعلهم يقدمون على مثل تلك الأعمال المشينة ؟

الجواب وبكل سهولة ...

أننا لما أحرقنا نحن القرآن الكريم، نعم أحرقناه قبل أن يحرقه هؤلاء الكفرة أعداء الإسلام بالنار، فقد أحرقناه نحن بالابتعاد عنه، وبالغفلة عن محتواه، وتدبر معانيه، وتطبيق أحكامه، والوقوف عند أوامره وزواجره.

لقد أحرقنا كتاب ربنا – سبحانه وتعالى – بعدم قراءته وفهمه وتدبره، بل جعلناه لوحات نزين بها جدران بيوتنا، وتعاويذ نعلقها في سياراتنا، وزخارف نزين بها أعمالنا الفنية، وواصلنا المسير في البعد عن أحكامه ومعانيه.

نعم أحرقنا كلام ربنا بالتعامل بالرباء، وقول الزور وشهادته، وأكل أموال الناس واليتامى بالباطل، وشرب الخمور والمسكرات والمخدرات، واستحلال الزنا والمعازف، والتشاحن والتباغض بين الأقارب والأرحام والجيران.

نعم أحرقنا القرآن الكريم بالفساد والرشوة والظلم والكذب والخيانة والتبرج والسفور، والنيل من العلماء والتطاول على الدين ورجاله الأتقياء المخلصين.

فبما أننا نحن من أحرق القرآن الكريم وابتعد عنه فحري أن يحرقه غيرنا، لأنه هان علينا فهنا على الآخرين، فتطاولوا علينا وعلى ديننا وجعلونا عتبة يصعدون بها للقمة على ظهورنا.

ولكن بوعد الله – عز وجل – بحفظ هذا الكتاب، الذي بحفظه هو حفظ لدينه دين الإسلام، كانت تلك الدعوى وما سبقها من دعاوى هي بوابة خير للإسلام ( وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ) إذ جعلت الكثير ممن لا يعرفون عن الإسلام شي أن يسألوا عن هذا الدين، وماهيته، فيطلعون عليه ويتعرفون إليه عن قرب، فإذا بهم يسلمون ويدخلون دين الإسلام، فتنقلب الآية والسحر على الساحر، والحمد الله رب العالمين .

فحري بنا أن نخجل من أنفسنا، وأن لا نردد عبارات الشجب والاستنكار، ونخرج للمظاهرات والمسيرات، ونقيم الندوات والمؤتمرات والمحاضرات، ونحارب ونقاطع، ونحن أول من خان كتاب الله وأحرقه عملاً واقعًا ملموسًا !!!

نعم حري بنا أن نخجل وأن نستحي وأن لا نرفع صوتًا حتى نعود إليه ونتأمله ونعلم ما فيه ونعمل به، فنقف عند حدوده، ونجتنب نواهيه، ونتخذه دليلاً ومرشدًا للحق والخير والفلاح، بعد ذلك لن يتجرأ هذا الساقط أو غيره من إعلان أي نوع من الحروب على الإسلام، وإن أبطن البغض والكراهية والعنصرية ضده وضد أهله وحملة لوائه، لأننا سوف نكون عزيزين بالإسلام فالله يعز من يعز دينه .








شذرات بقلم
سليمان بن صالح المطرودي
أبوعبدالعزيز
11/10/1431هـ
الفلبين






2010/09/17

حدثتني جدتي !!!

 


شذرات

قلم

وذكرى أيام الوطن الخالدة

" حدثتني جدتي - رحمها الله - "

في مثل هذا اليوم تحل الذكرى الثمانون ليومنا الوطني المجيد .
وفي هذه الذكرى الخالدة أعيش تلك الأجواء الوطنية الصادقة التي كانت تعيشها جدتي أم عبدالله – رحمها الله – وقد توفيت عام 1409هـ؛ عن عمر يناهز 120 عامًا، توفيت وكان لسانها رطبًا بذكر الله – سبحانه وتعالى – والدعاء للإمام عبدالعزيز بن عبدالرحمن – طيب الله ثراه – بقولها: (اللهم أغفر وأرحم للإمام ابن سعود، وأحفظ أولاده، اللهم أعزهم ولا تعز عليهم، اللهم أثرهم ولا تأثر عليهم ) فبمثل هذه الكلمات كانت تصدح دائمًا؛ وليس هذا فحسب؛ بل تجاوز الأمر إلى أنها كانت تشركه في الأضحية و(تتثاوب) له عند كل وجبة غداء أو عشاء، وقد حاولت أن أعرف سرَّ ذلك الإصرار والمداومة في الدعاء لذلك الرجل ولأبنائه !؟!

وعرفت من خلال القصص التي كانت تسردها عن ما عاشته وشاهدته في حياتها قبل حكم هذا الإمام – رحمه لله – وتوحيد الجزيرة؛ من الجوع والخوف والعري والفاقة في كل أمر، وقلة الحيلة وذات اليد، في المأكل والملبس والصحة والأمن والجهل والمشقة في جميع شؤون الحياة؛ وكيف بدأت تلك الأحوال في التلاشي والتحول؛ فمن الاحتطاب إلى الغاز، ومن السراج إلى الكهرباء، ومن التداوي بالكي إلى المستشفيات المتخصصة، ومن الجوع إلى رغد العيش، ومن الخوف والظلم والفتن والمحن إلى الأمن والعدل والرخاء، ومن تروية المياه المالحة إلى الماء العذب في كل منزل ومكان، ومن غزل الصوف إلى أزهى الموديلات والملبوسات، ومن الدواب إلى السيارات والطائرات، ومن الخيام وبيوت الطين إلى الفلل والقصور، ومن البدع والجهل والخرافات إلى نشر العلم ونور الإسلام، وغير ذلك من مظاهر حياة الرفاهية والعيش الرغيد الذي نعم به المواطن بعد مولد هذا الكيان العظيم على يد مؤسسه الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود – طيب الله ثراه – على مدى اثنين وثلاثين عاماً بدأت باسترداده لمدينة الرياض في الخامس من شوال عام 1319 هـ؛ ثم بدأت مسيرة البناء التي لا نزال جميعاً نقطف ثمرتها ونتبوأ ظلها أمناً، ورخاءً، وتقدماً، وعزة، وصناعة تاريخ التقدم لكل أبناء هذه الأرض الطيبة المباركة ومهد الرسالات وأرض السلام التي أرسى فيها القائد المؤسس قواعد الدولة القوية، المؤسسة على نور العدل وكلمة الحق مستمداً دستورها ومنهجها من كتاب الله الكريم، وسنة نبيه محمد – صلى الله عليه وسلم – .
فلم تكن جدتي – رحمها الله – تفخر بالانتساب إلى هذه البقعة الطاهرة وتعلن انتمائها لقيادتها الرشيدة مجرد ذكرى عابرة، بل كانت تتنفسها مع كل نفس، وكانت توصي بذلك وتحدث به؛ وتحث على بذل كل جهد وعمل روحي ووجداني لخدمة هذا الوطن في ظل قيادته الرشيدة، فرحمك الله يا جدتي كم كنت ثاقبة الرؤية وصادقة في تلك الدعوات، ومحقة في تلك الوصية، فها نحن الأحفاد نعاهد الله ثم نعاهدك ونعاهد ولاة أمرنا بأن نكون أبناءً بارين ومخلصين لوطننا وقيادتنا في كل أمر وبصدق ونية صالحة .

وكيف لا نكون كذلك وبلادنا هي قبلة المسلمين وهي حاملة لوائه ... دعوة إليه، وخدمة له ولأبناء الأمة الإسلامية، وعمارة لبيوت الله وللمراكز الإسلامية في جميع أصقاع المعمورة، وما يشهده الحرمان الشريفان في مكة المكرمة والمدينة النبوية، والمشاعر المقدسة في منى عرفات ومزدلفة والجمرات من توسعات كبرى وعملاقة، وإعادة للبنية التحتية والبناء والتشييد والتطوير، خدمة لضيوف الرحمن ولراحتهم للعيش في أمن وأمان وطمأنينة، إلا شاهد من تلك الشواهد .

كما أن بلادنا وفي خط موازي لخدمة الإسلام تضطلع بحمل لواء الدفاع عن قضايا الأمة الإسلامية والعربية، وتنسيق العمل وتوحيد الآراء وجمع الكلمة وتوحيد الصفوف، ردعًا للصدع وأسباب الخلاف بين الدول العربية والإسلامية، وحقنًا للدماء وحفاظًا على وحدة تلك الدول وقطعًا لأي طريق يؤدي إلى التقسيم والشتات .

ولعل من شواهد هذا التضامن وروح الأخوة والألفة ما نعيشه تلك الأيام من وقفة صادقة مع باكستان الشقيقة لمواجهة ما لحق بها من أضرار جراء الأمطار والفيضانات التي شردت أبناءها وأهلكت ودمرت العديد من المدن والقرى، حيث جاء التوجيه الإنساني من ملك الإنسانية بحملة مفتوحة لجمع التبرعات لإغاثة الشعب الباكستاني، بجانب الدعم الحكومي الغير محدود من تسيير جسر جوي إغاثي وإرسال فرق الإنقاذ والمستشفيات الميدانية المتعددة والمتخصصة وكذلك الاستمرار في دعم القضية الفلسطينية وشعبها، إلى جانب ترسيخ مبدأ الحوار بين أتباع الأديان، إلى غير ذلك من المواقف التي لا يتسع المقام لذكرها لأنها تحتاج إلى مجلدات ومجلدات، ولكن هذه إشارات وبعض رؤوس أقلام للتذكير فحسب .
إن المملكة العربية السعودية عندما تحل بها مثل تلك المناسبات والذكريات التي نتذكر من خلالها هذا السجل الذهبي الحافل لما تقوم به من أعمال عظيمة وجليلة وعملاقة، بؤ المملكة مكانة عالمية مرموقة، مكنها من حصد العديد من الجوائز والأوسمة والشكر العالمي، الذي لم تسعى إليه ولم تنتظره؛ لأنها قامت بما قامت به من أعمال ومواقف وخطوات اتجاه أبناءها والأمة الإسلامية والعربية والعالم بأسرة، عن قناعة ومبادئ راسخة وقوية ومتينة تنطلق منها للاضطلاع بتلك المسؤوليات الجسام .
وختامًا نسأل الله أن يحفظ على بلادنا أمنها واستقرارها ورخائها ، وأن يتغمد جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن ، بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته ، وأن يغفر ويرحم لمن توفي من أبنائه وأن يطيل بعمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ، وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وسمو النائب الثاني، وأن يجعلهم ذخرًا لهذا الوطن وأن يعينهم على حمل المسؤولية وأداء الأمانة ومواصلة المسيرة .


شذرات بقلم
أبوعبدالعزيز
8/10/1431هـ






2010/09/04

العيد السعيد

شذرات

قلم

الـعـيـد الـسـعـيــد






نحمد الله – سبحانه وتعالى – أن من علينا ببلوغ شهر الصيام ووفقنا لصيامه وقيامه كما نحمده – عز وجل – أن بلغنا آخر لياليه، ونسأله – جل في علاه – أن يكتبنا فيه من المقبولين، داعين المولى – جل جلاله – أن يعيده علينا أعوامًا عديدة وأن يكتب لنا فيه من الخير والرحمة ما يرفع منازلنا في الأولين والآخرين .

وبعد الصيام فإن ربنا – سبحانه وتعالى – يكافئ عباده الصائمين بفرحتين، فرحة عند انقضاء شهر الصيام بعد صيامه كما أمر به، وفرحة حين يلقى ربه – سبحانه وتعالى – فهي فرحة بعظيم الجزاء على ذلك .

وفرحة الصائم حين فطره وانقضاء الشهر المبارك بأداء حق ربه – عز وجل – الذي أوجبه عليه فيه من صيام وقيام وأعمال بر وإحسان، ليست فرحة انفكاك وإنما هي فرحة بما وفقه الله إليه من أداء الواجب وهداية للحق .

وهذه الفرحة تكتمل بالعيد السعيد وما فيه من الفرح والسرور والبهجة من الكبار الصغار والرجال والنساء، فهي فرحة عارمة يشترك بها الجميع من الأهل والأقارب والأصدقاء والزملاء والجيران وأبناء الوطن والأمة الإسلامية أينما حلوا وكانوا .

ولما للعيد من أهمية وفرحة، ولما فيه من خير وطاعات لا تنفصل عن الخيرات والطاعات في شهر الصيام، إلا أنها تكون بثوب مغاير لما كانت عليه خلال شهر رمضان المبارك لما فيها من الفسحة المباحة والفرحة التي تعيد النشاط والحيوية وتقوي العزيمة لمواصلة الخير والمداومة عليه في قابل الأيام – بإذن الله تعالى – فقد يكون من المناسب الإعداد والاستعداد لهذا العيد بأعمال تجعلنا نستفيد ونفيد من العيد وأيامه .

ومن الأعمال والبرامج التي قد تساهم في الاستفادة من العيد واستغلاله في الطاعات واغتنامه في الأجر والثواب والألفة والمحبة والصلة والتواصل ما استخلصه في النقاط التالية :

1 – تهيئة الأبناء والبنات والأخوة والأخوات والأقارب والمعارف بتعريف عام بالعيد وشرح مبسط عن أحكامه وآدابه والواجبات والمسنونات والمباحات فيه، وذلك بأسلوب سهل وشكل مبسط يُلامس أفكارهم وعقولهم والبيئة التي يعيشون فيها .

2 – إعداد وتجهيز هدية مناسبة للعيد ( للصغار والكبار ) وتكون كل هدية مناسبة في محتواها لمن سوف تقدم له، فالصغار هديتهم مكونة مما يناسبهم ويناسب فرحتهم، وكذلك هي للكبار .

3 – تهيئة الأبناء والبنات ( خاصة الصغار ) لاستقبال الزوار والمهنئين بالعيد، وذلك من بتعويدهم على عبارات السلام وردها، وعبارات التهاني وردها، وعبارات الترحيب وردها، والضيافة وأولوياتها بالتقديم ( من ماء وقهوة وعصير وحلويات وخلافها ) وآداب الجلوس والمجلس والحديث فيها .

وهناك أمور نغفل عنها كثيرًا في الأعياد والمناسبات الاجتماعية، ومن ذلك استغلال هذه المناسبة في برامج وأعمال هادفة ومفيدة، بل وتقوي عرى التواصل والتلاحم بين أفراد الأسرة، ولعلي أذكر منها :

4 – الإعداد لبرامج ترفيهية للصغار والكبار، والنساء والرجال، وتكون منظمة سواء داخل المنزل أو في الاستراحات أو الأماكن العامة، ويوضع عليها جوائز أيًا كانت وليس شرطًا أن تكون جوائز ذات قيمة مبالغ فيها، فهي تدخل البهجة والسرور على المشاركين، وفي نفس الوقت تحيي فيهم روح المنافسة والتقارب والتواصل .

هذا بالنسبة للتهيئة ليوم العيد، أما يوم العيد في خطوات تطبيقية لما سبق الإعداد له والتهيئة إليه قبل العيد ، ومن ذلك :

1 – شهود صلاة الفجر جماعة، والاستعداد والتهيئة لشهود صلاة العيد لجميع أفراد الأسرة الكبار والصغار، الأولاد والبنات، وكذلك الوافدين للعمل لديك من سائق وعاملة منزلية وحارس ونحوهم ( وهذا بالطبع بحسب الاستطاعة والإمكانية ) بالاغتسال ولبس الملابس الجديدة وقبل الخروج تناول تمرات تطبيقًا للسنة في هذا اليوم السعيد .

2 – التكبير بصوت مرتفع ، وبالطبع من خروجه للمصلى لصلاة العيد، ومن المهم هو إحياء تلك السنة وتدريب الأبناء والصغار على العمل بها وإحيائها .

3 – الخروج إلى مصلى العيد بكل وقار وسكينة وهدوء ورفق وبشاشة وجه وحسن محيا .

4 – الحرص على الصدقة على الفقراء والمساكين، وكذلك كسب قلوب الأطفال الصغار وإدخال الفرحة والبهجة إلى قلوبهم بما تجود به يمينك من هدية وعطية لهم في هذا اليوم المبارك ( ومن المهم تربية الأبناء الصغار على الإنفاق والصدقة بدفعهم إلى توزيع الصدقات على الفقراء والمحتاجين في هذا اليوم المبارك ) حتى الابتسامة تكفي دون الهدية؛ لأن الابتسامة أكبر هدية للأطفال والكبار .

ومن المهم في هذا اليوم أن تخرج بقلب أبيض نظيف، أبيض وأنظف من ثيابك التي ترتديها في هذا اليوم العظيم، فتخرج للصلاة وقد نقيت قلبك من الأضغان والأحقاد، ومن الحسد والبغض والكره للناس، لتكسب الأجر والثواب العظيم من رب السموات والأرض – سبحانه وتعالى – .

5 – عقب الصلاة احرص على التهنئة بالعيد السعيد للجميع، للكبار والصغار، الرجال والنساء، وبدأ بوالديك، ثم الأخوة والأخوات، ثم الأقارب من الأعمام والأخوال وأبنائهم، ومن ثم الجيران والأصدقاء والزملاء ( والتهنئة تكون بالمباشرة، أو بالاتصال لمن بعد منهم، وإن تكاسلت فلا تبخل على نفسك برسالة جوال، أو بريد الإلكتروني مجاني ) ولا تنسوا تهنئة الوافدين للعمل في هذه البلاد المباركة من العمال والخدم والسائقين، فهم في غربة وشعورك بهم وتهنئتك لهم تنسيهم شيئًا من غربتهم وما تحملوا الغربة من أجله، وهذا من شكر المنعم – سبحانه وتعالى – على ما أنعم به علينا من نعم لا تعد ولا تحصى .

6 – هيئ هدية خفيفة وهادفة ومفيدة لمن يأتون لتهنئتك بالعيد، كـ ( مغلف يحتوي على كتيب أو مطوية أو شريط ، أو كلمة بقلمك، أو جميعها ) لتكون هدية متميزة ومفيدة منك لهم في هذا اليوم المبارك العظيم .
وغير ذلك مما يعطي للعيد كينونته ومكانته في قلوب الجميع صغارًا وكبارًا، رجالاً ونساءً، فهذه المعاني الحقيقية التي تكون في العيد هي التي يجب أن نقوم بها ولا نغفل عنها، مبتعدين في ذلك عن العبث المهلك، والسفور والمجون واللهو المتنافي مع المعاني السامية لهذا العيد، وغيره من أيام الله التي شرعها لعباده المؤمنين .

لنواصل بعد هذا اليوم حياتنا بصيام ست من شوال ويومي الاثنين والخميس من كل أسبوع والأيام البيض من كل شهر وعشر ذي الحجة ويوم عاشوراء وغيرها من الأيام التي ندبنا إلى صيامها، ولا ننسى مواصلة قيام الليل، والسنن الرواتب قبل وبعد الصلوات المفروضة، وسنة الضحى، وتفقد حال المحتاجين والمعسرين والأيتام والشيوخ، وغيرها من الأعمال الخيرية التي نثاب على القيام بها .

فإننا متى كنا كذلك، كانت أيامًا أيام خير وسعادة، وكانت حياتنا حياة ربانية نثاب عليها ونحصد الأجر العظيم من ربٍ كريم يضاعف الحسنات ويباهي بنا ملائكته ويضع لنا القبول في الأرض بين عباده، وييسر لنا أمورنا كلها .
فحري بنا أن نستغل الأوقات ونستثمرها بما يعود علينا بالخير العميم والنفع العظيم .


تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام
وأعاد الله علينا وعليكم مواسم الخيرات والبركات
ووفقنا لاستغلالها الاستغلال الأمثل
وجعلنا من عباده الشاكرين الركع السجود
وغفر الله لنا ولكم ولوالدينا ووالديكم
ومن له حق علينا وجميع المسلمين
وختم بالصالحات أعمالنا، وجعلنا الجنة مثوانا
إنه ولي ذلك والقادر عليه – جل في علاه –




شذرات بقلم
أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
الرياض
25/9/1431هـ



نشر في صحيفة أثير الإلكترونية
http://www.atheer3.com/articles.php?action=show&id=1137












































2010/09/03

قبل الوداع !!!



شذرات
قلم


 




قـبـل الـــــوداع


في لحظات ما قبل الوداع، خيم الصمت على حياتي، وانكفأت على نفسي ولم أجد في هذا العالم الرحب لي مكان يشاطرني همي وحزني في وداع من أحببت وسكن قلبي حبه !!!


هي لحظات صعبة أتجنبها وأهرب منها، فكيف لي أن أعيشها رغم قساوتها وصعوبتها لأنها لحظات تنزع من قلبي من سكن فيه وأحببته، فمشاعر الوداع صعبة مرة على كل إنسان .

كثير من العشاق والمحبين غردوا وكتبوا في وصف كل شي إلا الوداع صعب عليهم وصفه، فكيف لهم يصفون لحظات وداع الحبيب الذي طالما اشتاق القلب والنفس إلى لقياه ؟!؟
ولكن هي سنة الحياة التي لا مفر منها، فمضت الأيام وانقضى الشهر المبارك، فوجب علينا أن نسلم بوداع من أحببناه وطالما انتظرناه واشتقنا إليه بكل رضى وقبول .

وداعاً رمضان
نقولها بكل مرارة، وأنواره بدأت تنطفي شيئًا فشيئًا ولم يبقى إلا لحظات وسويعات، فيأفل نجمه بعد أن سطع وسعدنا به ليلاً ونهارا .

فلا أجد بدًا إلا أن أقدم لكم التعازي في قرب فراقه ورحيله، إن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع، وإنا على فراقك يا شهر رمضان لمحزونون .


وأرجو أن لا تأخذوا بخواطركم علي لأني أعزيكم في وقت تنتظرون فيه التهاني بمقدم العيد السعيد .


وعزاءنا في شهر الخيرات أن عمل المؤمن لا ينقضي ولا يتوقف عند مواسم معينه، بل هو ممتد ومتواصل، فالرب – تبارك وتعالى – جعل لنا مواسم الخيرات في كل وقت وحين على مدار العام، ويضاعفها لعباده المتقين متى حافظوا عليها وبادروا إليها بقلوب مؤمنة صادقة .

نعم ها نحن نودع رمضان شهر الصيام والقيام، ولكن الصيام لا يتوقف عند هذا الشهر فقد شرع لنا صيام أيام أخر طوال العام، وكذا القيام فهو كل ليلة من ليالي العام، وكذا الصدقات وأعمال البر والخير والإحسان والمحافظة على الصلوات باقي الشهور والأيام .


لحظات الوداع صعبة ولا تنسى، ولوعتها بقلب المؤمن حارقة لا تبلى، ودموع الفراق تجرح والوجنات بصادق العبرات على أيام شهر رمضان التي انقضت ولياليه التي تولت أسرع من لمح البصر، انقضى على ما احتوته الصحاف من الأعمال الصالحات التي نسأل الله أن يتقبلها قبولاً حسنًا .
وعلامات قبول تلك الأعمال هو ما نكون عليه بعد شهر الصيام والقيام من استمرار على الأعمال الصالحات والطاعات والمباحات، والبعد عن المحرمات والفحش وقول الزور والثبات على التوبة والاستقامة على الحق وعدم الزيغ والفساد والتياهان .
إن من نودعه بحرقة ومرارة هو شهر الخير والإحسان، شهر الذكر والقرآن، شهر العبادة والإيمان، شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النيران .
فحري بنا ونحن نودعه أن نعاهد الله ثم أنفسنا أن لا نرتد على أدبارنا فننقلب خاسرين، وأن نوفي بالعهد بالثبات على الحق وعدم العودة للمنكرات والمخالفات، وأن نداوم على ما كنا عليه من أعمال خلال هذا الشهر المبارك، وأن نواصل مشاعر التلاحم فيما بيننا وبين إخواننا المسلمين عامة والفقراء والمساكين والمحتاجين خاصة، وأن نواصل فعل الخيرات والحسنات وكل الطاعات، وأن نجدد شهر رمضان في كل أيام حياتنا .

أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يعيد شهر الصيام والقيام علينا وعلى سائر المسلمين أعوامًا عديدة وأزمنة مديدة وقد تحقق للأمة الإسلامية ما تصبوا إليهمن عز وتمكين ، وسؤدد في العالمين .



والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته




وكل عام وأنتم بخير





شذرات بقلم

أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
الرياض

24/9/1431هـ