2014/10/11

طابع السنة الجديدة

شذرات قلم
طابع السنة الجديدة


هكذا هي دورة الحياة بين ليالي وأيام وأسابيع وشهور وأعوام، تمضي سريعًا، لا تستأذن أحد عند انقضائها.
 
وبين نهاية عام وبداية عام آخر، محطة توقف يتوقف فيها المرء لمراجعة ما أودع وما قدم في السنة المنقضية، وما يعزم على إيداعه في السنة المقبلة.
 
فاختلاف الناس في استقبال العام؛ بين محاسب لنفسه على تقصيره فيما فرط من أوقات، وبين مدقق فيما أنجز من استثمارات وإنجازات وإبداعات، وبين عاكف على إعداد وتصميم طابع خاص لأعماله في السنة الجديدة، وأمنيات يحددها أهدافًا له، ويجتهد في العمل لتحقيقها، بون شاسع وكبير، والسعيد من وفق للفوز بقطف السنة المنتهية، ليستقبل السنة الجديدة بكل فرح وسرور.
 
ومن الطوابع الخاصة بالسنة الجديدة التي يسعد بها الإنسان في حياته الدنيوية والأخروية، طابع التوبة لله وتقواه في السر والعلن، فما أجمل زاد الإنسان عندما يكون تائبًا متقيًا لله في كل أعماله وأقواله ولحظات حياته، وطابع التفاؤل، فما أجمل أن نعيش بالتفاؤل والأمل، وطابع استغلال الوقت والحفاظ عليه بوضع جدول زمني للأعمال التي يتوق الفرد لإنجازها خلال العام، فيستغل كل اللحظات دون إفراط أو تفريط، وطابع الأهداف المحددة بعينها، والتي تنقل صاحبها من هامش الحياة إلى أصحاب البصمات والتواقيع التي تؤثر على الخارطة في الحاضر والمستقبل، فما أروع أن تكون عضوًا فاعلاً في الحياة، وطابع التحلي بالأخلاق العالية الحميدة والعلاقات الإنسانية الفاعلة، والتخلص من كل خلق ممقوت ينفر منه أصحاب الهمم العالية، وطابع الشعور بالآخرين والتألم لآلامهم، والإيجابية في كل موقف تكون فيه دقات القلب إنسانية، فلا خير بقلب لا ينبض لنبض آهات أي محتاج إليه، وطابع المواطنة الصادقة، وحب الوطن وعدم المزايدة عليه، وصدق المشاعر اتجاهه في كل لحظة وحين.
 
نسأل الله أن يجعل هذا العام عام خير وبركة، وأن يحفظ بلادنا من شرور الأعداء.
 

شذرات بقلم
أبي عبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
المهـ رحال ـاجر
الرياض
1435/12/17هـ

2014/05/16

الموظف بين " أنا" ... و" الواقع "

شذرات قلم
الموظف بين " أنا" ... و" الواقع "
 
 
 
يضيع الموظف مستقبله الوظيفي، ومسيرته الوظيفية، بين "أنا" و"الواقع" الذي يعيشه، كأن يتحدث كثيرًا عن إنجازات وإبداعات له في ماضي حياته الوظيفية، وعندما تنظر إلى واقعه الحاضر، تجده خلاف كل ما يتغنى به ويردده!
 
فهو يعيش في دوامة من الإهمال وعدم المبالاة بمهام وواجبات وظيفته؛ بل هو إلى التفريط أقرب، وإلى الفشل يسير ويخطو!
 
فالواقع خير كاشف وفاضح ...
 
فلماذا "أنا" في كل مجلس؟
 
فـ"أنا" لا تكون بالأمس!
 
وإنما "أنا" تكون باليوم!
 
كم تأسف لحال ذاك الموظف الذي يفرط في يومه الوظيفي في سرد أحلام وتهيؤات كان يتمنى أنه كان عليها، وسبقه إليها من بعده، فقد أضاع الأمس واليوم ... وكأنه يحفر لدفن نفسه غدًا!
 
التميز والإبداع لا يتأتى من فراغ ولا من سرد حكايات يفضحها الحاضر...
 
النجاح يكون بالبذل والعطاء والجد والاجتهاد والمثابرة المستمرة دون ملل أو كلل أو تبرم وتأوه!
 
وأبسط الطرق للفشل في "أنا" !!!

طرق النجاح والتميز والإبداع متعددة وكثيرة ووافرة ... ولكن أين من يمتطون صهوتها وينطلقون نحو عالم النجاح والإبداع والتميز ... ويترجلون عن السير نحو الانحدار وسلوك طريق الهاوية التي تنشئ العقبات والعراقيل في طريقهم، لينحدروا من خلالها إلى الحضيض والفشل، وعالم الإخفاق والنسيان.
 
فالتميز والإبداع يقتل بـ"أنا" ويطور ويرتقى به بالتعليم والتعلم والتدريب وسعة الإطلاع والاستفادة من الخبرات ونقل التجارب الناجحة والمتميزة، والعمل بها بعد صقلها وتطويرها.
 
الموظف المتميز يفرض نفسه على الجميع بتميز أخلاقه وأدائه وحسن تعامله وطموحه وموهبته وأفكاره وتميزه في وظيفته.
 
الموظف الناجح يشق طريقه نحو النجاح دون تخاذل أو تراجع أو تقهقر.
 
من تعود السير في طريق التميز والإبداع والنجاح، لن يرضى أن يسير في طريق غيره؛ فالصقر الحر لا يعرف مشية الغربان، وإن خالطها وعاش معها في بيئة واحدة، فأصالته تأبى عليه الانتكاس، وتحرضه وتشحذ همته للتحليق نحو الأماكن المرموقة الشامخة، وإن كانت الرياح تواجهه وعكس اتجاهه!
 
فالتوق للنجاح وعشقه يمنحه طاقة لا تقاوم!!!
 
 
شذرات بقلم
أبي عبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
المهـ رحال ـاجر
الرياض
1435/7/14هـ

2014/04/14

"البلوك" المزلزل !؟!

شذرات قلم
"البلوك" المزلزل !؟!
 
 
 
كنت مع بعض الأصدقاء في نقاش حول سلبيات مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة الإنستغرام (statigram) والواتس أب (whatsapp) لما لها من أثر سلبي على العلاقات الأسرية والتواصل فيما بين الأسر، ونشوب الخلافات بينها؛ خاصة عندما يكون هناك زيارات أو مناسبات؛ ودعوة هؤلاء دون أولئك.
 
وفي صباح اليوم الجمعة كنت في المطار للسفر؛ وخلال فترة انتظاري كتبت هذه التغريدة من خلال حسابي في تويتر: (متى منحك أحد أقاربك "بلوك"على أحد قنوات التواصل الاجتماعي؛ فلا تنزعج؛ فهو لا يريدك أن تتطلع على تواصله مع الآخرين وإهمالك رغم تواصلك معه !).
 
وبعد أن وصلت إلى وجهتي وفتحت جوالي، فإذا بالعديد من رسائل الهجوم والتعنيف لي؛ قد وردت على الواتس أب، كل واحد منهم يقول: "كنت تقصدني بهذه التغريدة؛ وليس هناك داعي لتجديع الكلام" !؟!
 
(يحسبون كل صيحة عليهم)
 
والغريب أن جميع من راسلوني لم يكونوا في بالي عند اطلاق حرية تلك التغريدة !!!
 
فعدت كتبت تغريدة أخرى؛ قلت فيها : (كم تأسف عندما تغرد؛ فتنهال عليك صنوف الاتهامات عبر الواتس أب، وكأنهم هم المعنيىون بالتغريدة! هل لأنها لامست واقعهم وخيبتهم التي يعيشونها !؟!).
 
فكانت الردود أقوى من السابقة؛ بل منهم من طلب مني عدم مراسلته وقطع العلاقات نهائيًا !!!
 
كم هم هؤلاء وأمثالهم مساكين، دخلوا عالم التقنية وهم يجهلون لما هي ابتكرت، وما القيمة الحقيقية لها، وما الفائدة منها، حتى صارت علاقاتنا مرهونة بالمجاملات و"الآيكات" والتعليقات الكاذبة والصور الخادعة لتكون علاقات التواصل هشة وفي أي لحظة هي في مهب الريح !!!
 
 
شذرات بقلم
أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
المهـ رحال ـاجر
المدينة المنورة
1435/5/13هـ
 

2014/04/07

مواقع التواصل الاجتماعية ... بين الإيجابيات والسلبيات !!!

مواقع التواصل الاجتماعية
بين الإيجابيات والسلبيات !!!



مواقع التواصل الاجتماعية الإلكترونية (وهي مجموعة من البرامج والمواقع الإلكترونية التي يمكن للمستخدم إنشاء موقع خاص به عليها، أو تحميلها على جهاز هاتفه الذكي أو اللوحي، يمكنه من خلالها الارتباط والتواصل مع الآخرين برابط القرابة، أو المعرفة، أو الصداقة، أو الاهتمام والهواية، أو زملاء الدراسة والعمل؛ ونحو ذلكمن روابط التواصل) كغيرها؛ لها إيجابيات وسلبيات، ومن المهم معرفة الإيجابيات للاستفادة منها، ومعرفة السلبيات لتلافيها وعدم الوقوع فيها.
 
وهذه المواقع والبرامج انتشرت بشكل كبير وسريع بين المستخدمين على مستوى العالم، مما أدى إلى كسر الحدود الجغرافية، والأعراف والعادات والتقاليد الاجتماعية، وجعله يبدو كقرية صغيرة تربط أبناءه بعضهم ببعض.
 
وتتمثل مواقع وبرامج التواصل الاجتماعية في العديد من البرامج والمواقع؛ منها "على سبيل المثال لا الحصر":
البريد الإلكتروني.
المنتديات.
المدونات الشخصية.
تويتر (Twitter).
فيس بوك (Facebook).
إنستغرام (Instagram).
تيليجرام (Telegram).
يوتيوب (YouTube).
واتس أب (WhatsApp).
فايبر (Viber).
كيك (Keek).
ماي سبيس (Myspace).
هاي فايف (Hi5).
بلارك (Plurk).
بلاك بيري (BlackBerry).
 
وغيرها الكثير والكثير من مواقع وبرامج التواصل الاجتماعية الأخذة بالانتشار بين المستخدمين؛ بل أصبحت مقصدًا شبه أساسي من قبل الجميع صغارًا وكبارا، رجالاً ونساءًا.
 
من إيجابيات مواقع التواصل الاجتماعية:

مما ساهم في سرعة انتشارها وكثرة الإقبال عليها ما تتميز به من ميزات وجوانب إيجابية فاعلة، كاستمرار التواصل بين المستخدمين على مدى الأربع والعشرين ساعة، الأمر الذي يزيد في قوة الترابط والعلاقات بينهم، ومعرفة أخبارهم وتوطيد العلاقات من خلال تبادل التهاني بالمناسبات والمواساة عند المصائب والملمات.
 
كما أنها تساهم في سرعة تبادل المعلومات، والأخبار، وتكوين الصداقات والتعارف، وتبادل الآراء والأفكار ومعرفة ثقافات الشعوب، والتَّعرف على كثير من الجوانب الثقافية والاقتصادية والسياسية والسياحية والأدبية واللغوية والعسكرية والدينية وغيرها من المعلومات والصور والمواد المختلفة التي يحتاجون إليها.
 
كما أنها مصدر جيد للطلاب في مختلف مراحل التعليم العام والجامعي والعالي، يستخدمون الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي في إعداد البحوث وإجراء الأبحاث والدراسات التي تساهم في رفع مستوى تحصيلهم العلمي، ومعدلهم الدراسي.
 
إضافة إلى أنها بوابة للبحث عن فرص عمل وتوظيف؛ حيث يستخدمها الشباب في البحث عن فرص عمل، كما تقوم الشركات بالتسويق والإعلان عما يتوفر لديها من فرص عمل، والتسويق لمنتجاتها، وفي الدعاية والإعلان؛ بل أنها صارت بوابة للتسويق التجاري ومصدر من مصادر الدخل السريع.
 
كما أن لهذه المواقع دور فاعل في تفعيل الأعمال التطوعية والاجتماعية المفيدة للمجتمع بيسر وسهولة.
 
كما أن مواقع التواصل هي نافذة إيجابية في جعلها وسيلة لنشر التوعية الصحية والمرورية والأمنية والاجتماعية، لتساهم في مساعدة المختصين في نشر وتوعية أفراد المجتمع بما يفيدهم في عموم المجالات وبطريقة سهلة وسلسلة يكون لمستخدمين تلك المواقع القابلية لها.
 
كما أنها ساهمت في تحقيق الكثير من الجوانب الإيجابية في مجالات الطب والصناعة وإدارة الشركات والأعمال والأموال والمنشآت العملاقة، وعقد الاجتماعات والتواصل بين جميع الأطراف من أي مكان بالعالم.
 
كما أنها وسيلة فاعلة في إجراء الاستفتاءات وقياس ومعرفة آراء الناس والتصويت على كثير من الجوانب.
 
وغير ذلك من المجالات الإيجابية لهذه التقنية التي تمثل أحد أهم الثورات الحديثة في عالم الاتصال، والتي تتيح للجميع أن يتواصلوا فيما بينهم بكل يسر وسهولة.
 
ويمكن اختصار ذلك بأن برامج ومواقع التواصل الاجتماعية في الجملة؛ ذات قيمة ومنفعة ومردود إيجابي على الفرد والمجتمع والعالم، بشرط أن نحسن استخدامها، وأن نسخرها لكل ما هو جميل وإيجابي في حياتنا لتكون الفائدة المرجوة منها.
 
من سلبيات مواقع التواصل الاجتماعية:

أما إن كان استخدامنا لها مخالفًا لما هي له، وبشكل سلبي وعشوائي، فهذا لا شك أنه سوف يترتب عليه العديد من الجوانب السلبية، بل وقد تكون كارثية ومهلكة للفرد والمجتمع بأسره.
 
ومن صور الاستخدام السلبي لها "على سبيل المثال لا الحصر" أنها أصبحت ميدانًا خصبًا لتداول الإشاعات والأخبار المكذوبة والمغلوطة، التي تفتقد لأبسط أبجديات المصداقية، ناهيك عن التأكد من المصدر أو حتى ذكره، حتى صارت مرتعًا للمغرضين وأصحاب الشبه والأوهام الفكرية والعقدية والأدبية والأخلاقية والسياسية، من خلال نشرهم مواد ضارة ومشككة في الحقائق ومثيرة للفتنة والريبة، تؤدي إلى قلق المستخدم والمجتمع والوطن.
 
برزت ظاهرة خطيرة بين بعض الشباب؛ وهي تفاخرهم بالإلحاد "وهم جزمًا لا يعنون الإلحاد بمعناه ومفهومه، وإنما يقصدون التحرر من الأحكام الشرعية" في كتاباتهم وتغريداتهم؛ فصار يكتب أحدهم أنا ملحد؛ عند مناقشته بأي مسألة دينية أو مطالبته بالوقوف عند الأحكام الشرعية!!
 
كما ظهر فيها لغة جديدة بقصد الاختصار وإظهار المستوى الثقافي من خلال إدخال بعض الكلمات والألفاظ غير العربية للعربية ودمجها لتكون لغة تخاطب ومصطلحات بين المستخدمين؛ مما سيكون له الأثر على اللغة العربية في المستقبل، خاصة الأجيال التي نشأت على هذه اللغة المختلطة!
 
كما أن هناك سلبيات تتعلق بالتنصل من أدب الحوار والنقاش وتقبُّل الرأي الآخر، مما أسخن ساحات التواصل الاجتماعي بالنقاشات الحادة والعقيمة المجردة من الأدب والاحترام والانتصار للذات والرأي وإن كان مخالفًا، وجعلت المتابعين يتيهون وسط غبار وشظايا تلك النقاشات التي ضاع فيها الحق بين التعصب للرأي ودس الباطل على أنه النور؛ ليسرق هذه الجدل الأوقات دون فائدة، مما ينعكس سلبًا على المستخدم وعلى أسرته ومجتمعه، بانتقال تلك النقاشات والجدل العقيم من مواقع التواصل إلى المجالس الأسرية والعامة، لتتحول الحياة برمتها إلى ساحة جدل لا نهاية له.
 
كما وجد حثالة المجتمع "خاصة من يتخفون وراء أسماء وهمية" لهم منبرًا يتطاولون من خلاله على علية القوم من العلماء وطلبة العلم والمثقفين والأدباء والمفكرين والسياسيين والاقتصاديين، وأخرجوا أقبح ما في جعبتهم من قيح ونتن؛ باسم حرية الكلمة والمطالبة بالحقوق والمساواة بين جميع أطياف المجتمع؛ دون النظر إلى إنزال الناس منازلهم وتوجيبهم، وترك القول في الأمر لأهل الفن والاختصاص فيه، حتى اختلط الحابل بالنابل.
 
بل أن تلك المواقع أصبحت مسرحًا فسيحًا لتمرير كل ما من شأنه الإضرار بالأمة ووطنها من خلال التغرير ببعض الشباب المستخدمين لتلك المواقع وتجنيدهم لخدمة أهدافهم وتحقيق أجنداتهم تحت شعارات براقة بأسم الحرية والحقوق المسلوبة، ومحاربة الفساد، والوطنية، والثروات المنهوبة والتوزيع غير العادل لها، واستغلال الأحداث السياسية التي تمر بها دول الجوار لتمرير مثل تلك الأمور على حساب زرع عدم الثقة بين الحاكم والمحكوم والتشكيك في مصداقيته وصلاحيته للحكم، واستعباده للناس بفرض الديكتاتورية ونبذ الديمقراطية المزعومة، حتى لوثت مثل تلك الادعاءات أفكار بعض الشباب وجرهم إلى منزلق يهدد أمن المجتمع والوطن!!!
 
كما أنها أصبحت بوقًا لأعداء الإسلام والمسلمين، بتشويه صورة المسلمين، واستنقاص الأحكام الشرعية، والنيل من العلماء وطلبة العلم والقضاة، من خلال هجمات شرسة أعدها أعداء الإسلام وقام بنشرها بعض أبناء المسلمين الجاهلين بأحكام الدين الإسلامي السمحة، والمنخدعين ببريق حضارة الأعداء ليكفوهم مهمة تشويه صورة الإسلام والمسلمين.
 
كما أنها صارت ميدانًا خصبًا لنشر الفيروسات الإلكترونية، وبرامج التجسس وتناقل الملفات الإلكترونية من الأجهزة الشخصية بكل سهولة.
 
ومن السلبيات أيضًا زوال حاجز التواصل بين الشباب والفتيات؛ بل أصبحت ظاهرة في مواقع التواصل من خلال التتابع والردود والمراسلات الخادشة للحياءوالوقوع في المحظورات الشرعية بكل حرية ودون أي خجل أو أدب أو حياء من أي أحد؛ بل أن ما عرف بقضايا الابتزاز وكذلك التحرش والاغتصاب كان لتلك المواقع دور فاعل فيها.
 
كما أنها استخدمت تلك المواقع في التعرُّض لبعض الثقافات بقسط إسقاطها والنيل من مثقفيها، وتشويه صورتهم بغير وجه حق ودون أي ضوابط أخلاقية وعلمية وأدبية، مما زاد في الفجوة بين الشعوب وزاد في تباعدهم بدلاً من جمع الكلمة والتقريب بينهم؛ خاصة بين أبناء الأمة الإسلامية، لتحل محلها العصبية والقبلية والمناطقية والإقليمية.
 
وهناك من يحرص على الدخول في خصوصيات الغير ومتابعتهم من أجل اقتحام الحرية الشخصية لهم، ونشر تلك الخصوصيات بين الناس، دون مراعاة لهذه الخصوصية وما يترتب عليها من نتائج سلبية وأحكام شرعية وعواقب مجتمعية.
 
فكم من الأشخاص اسقطوا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي من مستخدمين تخفوا خلف أسماء وهمية، أو انتحلوا أسماء شخصيات معروفة أو بأسمائهم الشخصية؛ عمدوا إلى إخراج أسوأ ما لديهم من عفن تحمله صدورهم تجاه الآخرين من كتاب وإعلاميين ومفكرين وسياسيين وعلماء ومسؤولين ومشاهير، وخروجهم عن حدود الأدب والذوق العام بالسب والشتم والقذف، ونشر معلومات مكذوبة ومغلوطة بقصد تشويه سمعتهم وإسقاطهم من عيون المجتمع.
 
بل أنه نشأ داء عصري جديد، عرف "بدأ إدمان الإنترنت" خاصة من قبل الأطفال والنشء الذين أقبلوا على تلك التقنية بشكل مفرط ودون رعاية أو متابعة من ذويهم؛ حتى أدمنوا الجلوس إليها للساعات الطويلة؛ مما أنعكس عليهم سلبًا على حياتهم وصحتهم ومستوى تفكيرهم وعلاقاتهم الاجتماعية والأسرية.
 
ومن سلبياتها في غياب عين الرقيب؛ أنها أصبحت مستنقعًا قذرًا للفحش والرذيلة والترويج لها والدعوة إليها؛ ونافذة للتغرير بالشباب والفتيات وغمسهم في هذا المستنقع وتلويثهم به، بأسم الحب والعشق وإرواء العاطفة والحنان، والهيام في هذا العالم.
 
ومن سلبياتها أنها خلقت بيئة حاضنة للأمراض النفسية والانطواء على الذات، أو بين أفراد معينين، رغم فساحة هذا العالم وتلك التقنية؛ إلا أنها الإفراط فيها وسوء استخدامها جعل المستخدم يعيش في أجواء مضطربة بين الواقع والخيال.
 
ولا يمكن أن نتجاهل ما لها سلبيات كثيرة على الأطفال، من ممارسة الطفل للكثير من الألعاب الإلكترونية ولفترات زمنية طويلة، انعكست سلبًا على مستوى التفكير لديهم وعلى صحتهم وعلى علاقاتهم، وهيئت لهم بيئة حاضنة من العزلةالاجتماعية، وركونهم إلى أخذ تعليمهم وثقافتهم ولغتهم وآدابهم وسلوكهم من تلك الألعاب.

سلبيات الواتس أب (WhatsAppوالإنستغرام (Instagramعلى الأسرة والمجتمع:
 
لعل من أخطر برامج مواقع التواصل الاجتماعي سلبًا على الأسرة والمجتمع هو برنامج الواتس أب (WhatsApp) والإنستغرام (Instagram) إذ أن الكثير من المشاكل الأسرية؛ منها ما أداء إلى القطيعة حصلت بسببهما، وهذا لما لدى البعض من حساسية مفرطة إتجاه الآخرين والتواصل معهم؛ فعندما تراسل أحدهم دون الأخر، يتحسس الأخر ويقيم الدنيا ولا يقعدها، وعندما تضيف صورة لرحلة أو لقاء مع أفراد دون آخرين، فإذا القيامة قد قامت؛ كيف تدعو فلانًا ولم تدعوني!؟!

ومن مشاكل الواتس أب (WhatsApp):
 
"على سبيل المثال لا الحصر" متابعة أخر ظهور لك، ثم الاتصال بك، فإذا لم ترد على الاتصال الهاتفي، وقت أخر ظهور لك، فأنت "مطنش" وغير مبالي بالمتصل، أو أرسل لك رسالة وظهر علامة الوصول (صح مزدوج) ولم ترد على الرسالة فورًا، فأنت كذلك.
 
أو في حال تكوين مجموعات "قروبات" وخرجت من هذه المجموعة، فأنت لا تحترم أعضاء المجموعة، أو غير محب لهم، أو معادي لهم.
 
أو عند حظر أحدهم لكثرة رسائله الغير مقبولة أو مزعجة أو لأي سبب كان، فقد فتحت على نفسك باب حرب ضروس.
 
ومن سلبياته تناقل الرسائل والمعلومات والأخبار دون تثبت، مما روج للإشاعات؛ بل أنها أصبحت ميدانًا فسيحًا لنشر البدع والخرافات والأكاذيب.
 
فكم من الأحاديث الموضوعة راجت فيها، وكم من البدع انتشرت من خلاله، وكم من المقاطع الخادشة للحياء التقطت من خلالها، وكم من الأسرار هتكت من خلال هذا البرنامج.
 
فمشاكل هذا البرنامج "الواتس أب WhatsAppلا تخفى على أحد، فكم من العائلات والأسر والأصدقاء والزملاء، تعاني من سلبيات هذا البرنامج.

أما مشاكل الإنستغرام (Instagram):

الإنستغرام ليس مجرد موقع للتواصل من خلال الصور والمقاطع؛ بل هو مشروع تجاري واستثماري من خلال عرض المنتجات والتسويق لها والتعريف بها؛ إلا أن سوء استخدامه جعل منه جزء من مشاكل مواقع التواصل إن لم يكن هو أخطرها على الأسرة بوجه التحديد.
 
ففي السابق كانت أحوال الناس غير معلومة؛ بل سرية حتى عن أقرب الناس لهم، أما اليوم فكل حركاتهم وسكناتهم فهي معروفة وعلنية؛ فكل فرد من أفراد الأسرة يصور ويرسل مباشرة عبر حسابه، ليباهي الغير فيما هو عليه من حال، حتى صار الناس في حال يرثى فيها لما يترتب على تلك الإضافات من مشاكل وخلافات تنشأ جراء تلك المباهات والتسابق في نشر الصور.
 
فهي "من وجهة نظري الخاصة" أنها أخطر المشاكل خاصة على الأسرة، وذلك من عدة جوانب:
 
منها أن المستخدم للإنستغرام، يحرص على عرض صورة الخاصة به، والتي تمثل الرحلات والزيارات والمناسبات الخاصة به أو التي حضرها، أو الأحداث التي تقع أمامه أو لبعض الأقارب والأصدقاء والزملاء والمعارف، وقد تكون تلك الصور المضافة غير مناسبة من قبل وجهة نظر البعض، أو أنها انتهاك لخصوصية الغير، أو الأعظم من ذلك الغيرة والتنافس بين الأسر خاصة في المناسبات والسفر والرحلات، لتجد البعض يضيف صور لا تمثل الحقيقة والواقع وينسبها إليه، ليأتي من يعلق عليها ببيان ذلك، لتنشب المعارك الكلامية التي قد تتحول إلى اشتباكات واقعية وقطيعة رحم وعلاقات وتواصل، لتأتي بنتائج سلبية على الجميع.
 
أو عندما يكون الحساب مغلقًا ولا يتم قبول بعض الأقارب أو المعارف أو الأصدقاء أو الزملاء، لتتحول إلى عداوة وقطيعة، بغض النظر إلى احترام خصوصية الحساب.
 
وهناك من يقوم بحظر بعض المتابعين من الأقارب أو غيرهم متى لم يعجبه تعليقه على أحد الصور أو المقاطع، أو لأنه لم يعجب (لايك) بالمضافات، لتتحول بعد ذلك إلى خلافات ومقاطعة.
 
وبالنسبة للأسر ما قد يحدث من الخلافات بسبب إقامة حفلة أو وليمة أو أي مناسبة دون دعوة أحد أفراد الأسرة لهذه المناسبة؛ أو دعوة أحد دون أحد، وهكذا من أنواع الخلافات حول الدعوات والمناسبات، لتتحول إلى خلاف وقطيعة داخل الأسرة بدلاً من تواصلها وتلحمها.

من أسباب ظهور تلك السلبيات:

وهذا بالطبع لعدد من العوامل والأسباب التي أدت إلى وقوع مثل تلك السلبيات، ولعل من أهم وأبرز تلك العوامل، منها غياب الرقابة الذاتية، وعدم الشعور بالمسؤولية لدى بعض المستخدمين، إضافة إلى غياب الرقابة الأسرية، والرقابة من الجهات المزودة للخدمة والجهات الرسمية.
 
وغياب الرقابة بكل صورها ساهم بشكل فاعل إلى ولوج الجميع إلى هذا العالم دون مراعاة للفئات العمرية والمستويات الفكرية والثقافية وحتى الأدبية والأخلاقية.

وهذا ناتج لعدة أمور لعل منها:
عدم الوعي بأهمية هذا البرنامج.
عدم حسن استخدامه بالشكل الإيجابي.
استخدامه بشكل مفرط لكل أمر.
استخدامه من قبل الصغير والكبير دون مراعاة للفوارق العمرية والفكرية.
التحسس الزائد من قبل المستخدمين تجاه الآخرين دون مراعاة لخصوصياتهم وظروفهم والأوقات المناسبة للتواصل معهم.
وغير ذلك من الأمور التي خلقت أجواء من الشحناء بين المتواصلين منم خلاله، وأحدثت الكثير من المشاكل والشروخ في العلاقات فيما بينهم، حتى صارت تلك الوسيلة وسيلة طاردة مقلقة لدى البعض إن لم يكن لدى الكثيرين.

مقترحات للحد من السلبيات:
 
ويقودنا هذا إلى العمل على منع مثل تلك السلبيات، أو على الأقل الحد منها، وهذا من خلال عدد من الخطوات العملية، لعل منها:
 
إن الإفراط في استخدام تلك المواقع، وسيطرتها على جل أوقات المستخدمين خاصة الشباب منهم له أثر سلبي كبير على الهوية الاجتماعية والترابط الأسري والاجتماعي، وعلى الهوية الوطنية والمواطنة، إذا لم يكن هناك تحرك وطني (حكومي واجتماعي) من أجل إيجاد حلول وآليات تحد من تلك الآثار السلبية وتوجد موازنة خلاقة بين السلبيات والإيجابيات، وتفعيل الإيجابيات بشكل فاعل، وتجنيب المستخدمين أخطار السلبيات وأثارها.
 
وذلك بضبط تلك المواقع من الناحية الفنية والتقنية من الفوضى العارمة التي تعيشها
بتفعيل قوانين ردع صارمة، وآليات تقنين نافذة.
 
والعمل على التوعية بأهمية تلك البرامج والقنوات لمواقع التواصل الاجتماعي، والتعريف بالمستويات الاجتماعية المتباينة، ووجود وجهات النظر المختلفة، وأهمية التعبير عن الأفكار والآراء الشخصية بحدود الأدب والذوق العام واحترام الآخر، والتفاعل مع القضايا والأحداث بشكل إيجابي، مع مراعاة ظروف المكان والزمان لتلك الأحداث والقضايا.
 
وأهمية إثراء الحوارات الهادفة، من خلال الأطروحات التي يتم تداولها ونقاشها بأسلوب علمي وحضاري لسد الباب أمام أصحاب الفكر المنحرف ثقافيًا وأخلاقيًا وسياسيًا، ممن يسعون لنشر فسادهم وحثالة أفكارهم والتغرير بالشباب عبر تلك المواقع.
 
وبيان أهمية بث الوعي بين جميع شرائح المجتمع المستخدمين لتلك المواقع لتمكينهم من الاستخدام الآمن والأمثل لمواقع التواصل الاجتماعية، والإفادة منها في كافة المجالات ومن قبل كل الجهات والمستخدمين، لتكون عناصر ربط بين الجميع، بما يحقق المصلحة الوطنية العليا.
 
أهمية التوعية بالمرحلة العمرية للمستخدمين، وتوعية بالبرامج والمواقع المناسبة لكل مرحلة.

وهذه لا يمكن أن تتحقق إلا بمشاركة العديد من الجهات، وتكاتف الجهود بينها وبين الأفراد، بشكل تفاعلي وتكاملي لتكون الاستفادة من تلك البرامج والمواقع استفادة إيجابية فاعلة.
 
ولعل من أهم تلك الجهات المعنية بالأمر، وزارة الداخلية، ووزارة الثقافة والإعلام، ووزارة التجارة، ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، وهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، وزارة التربية والتعليم، وزارة التعليم العالي، وزارة الصحة، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، المجالس البلدية، لجان التنمية الاجتماعية، مصلحة الجمارك، هيئة حقوق الإنسان، وغيرها من الجهات المعنية ذات العلاقة.
 
من خلال تكوين فريق عمل "فاعل" لوضع الآلية المناسبة للاستفادة من تلك المواقع والبرامج وقنوات التواصل، دون أي إضرار بأي طرف.
 
مع تفعيل حسابات هذه الجهات المعنية والمشاركة في فريق العمل على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعية بما هو إيجابي ومحقق للاستفادة من تلك المواقع.
 
أو التحرك في أي اتجاه يكون فيه تحقيق المصلحة العليا للاستفادة من تلك المواقع لتكون مواقع تواصل اجتماعية حقيقية؛ وتداركها قبل أن تكون مواقع قطيعة اجتماعية مميتة !!!


أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
المهـ رحال ـاجر
الرياض
1435/6/6هـ
 

2014/03/15

رحمك الله يا ابن العم

شذرات قلم
رحمك الله يا ابن العم
 
 
في يوم فاضل وساعة فاضلة من يوم الجمعة الموافق ١٤٣٥/٥/١٣ه؛ توفي إبن العم الشاب/ عبدالعزيز بن سليمان بن حمود بن عبدالله المطرودي - رحمه الله - أثر حادث.
 
فُجْع الجميع بخبر وفاته - رحمه الله - إلا أن قلوبهم المؤمنة بقضاء الله وقدره جعلتهم يسلمون وهم يرددون "إنا لله وإنا إليه راجعون".
 
فقد كان - رحمه الله - محبوبًا عند الجميع؛بشوش الوجه، مبتسمًا عند اللقاء، لا تمل مجالسته، لا يتحدث إلا صادقًا، ويمازح بأدب وخلق رفيع، احترم نفسه واحترم الآخرين، فاحترمه الجميع لزامًا عليهم لما وجدوه منه.
 
يسأل ويناقش ويتحدث بما هو هادف ومفيد، يمقت الغيبة والنميمة والخوض بأحاديث لا قيمة لها ولا فائدة منها، وإن لم يعجبه المجلس ذكر الله وغادره بهدوء.
 
في أي مجلس حل، تجد الجميع مبتهجين بمقدمه.
 
فالصبر الجميل على فقد أبا سليمان، اليوم نشيعه ونودعه بالحب والدعاء، والحمد والثناء لله - سبحانه وتعالى - على ما قضى، ولا نقول إلا "إنا لله وإنا إليه راجعون".
 
في صدع من الأرض أودع وودع، وفارقه الأهل والأحباب والأصحاب، وهم حزينون على فراقه، ويتبادلون فيه العزاء تلو العزاء، لما له من مكانة خاصة في القلوب؛ بناها - رحمه الله - بالمحبة والصدق والجود والكرم، وطيب النفس ودماثة الخلق، ليكون له من أصحاب تلك القلوب اليوم الوفاء له بالدعاء والذكر العاطر والأعمال الصالحة؛ قاصدين أجرها له.
 
فنعم الأخ المودع، ونعم الأهل والأخوة والأصدقاء والمحبين المودعين له.
 
فأحسن الله عزاءنا جميعًا وجبر مصابنا في وفاته، وإن الله ما أخذ وله ما أعطي، وكل شيء عنده بأجل مسمى فالصبر واحتساب الأجر عند الله هو البلسم لكل داء ومصاب.
 
والحمد الله رب العالمين؛؛؛
 
 
أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
المدينة المنورة
1435/5/13هـ

2014/03/09

مسؤولية تربية الأبناء ... بين الإفراط والتفريط !!!

شذرات قلم
مسؤولية تربية الأبناء
بين الإفراط والتفريط


كنت في حديث مع أحد الأقارب حول مسؤولية تربية الأبناء، وكان النقاش طويلاً؛ وفيه بعض الحدة للاختلاف حول وجهات النظر والفهم الخاطئ حول بعض مسؤوليات تربية الأبناء.
 
وكان هناك الاتفاق على بعض الجوانب والاختلاف على البعض الأخر؛ خاصة فيما يتعلق بتأمين المتطلبات والمستلزمات التي يطلبها الأبناء؛ ولعلي أختصر ذلك في هذا الحوار حول النقاط التي كان الاختلاف حولها:
 
قال: اللي ما هو ملتزم بالعيال وتربيتهم ومصاريفهم وكامل شؤونهم لا يتزوج!
 
قلت: الاعتدال مطلب مهم؛ وليست الحياة إما أبيض أو أسود، فهناك ألوان كثيرة تحتاج التعامل معها والعمل بها؛ فالأبناء هم أمانة عند والديهم، وهم جواهر ثمينة ونفيسة، وعجينة طرية قابلة للتشكيل لأي صورة تميل إليها، فإن كانت تربيته على الخير والمحبة والتقى والصلاح كان - بإذن الله - كذلك، وكانت حياته سعادة في الدنيا والآخرة، وإن كانت تربيته غير ذلك، نبت على ما رُبيَّ عليه، وفي كل الأحوال التوفيق والهداية من عند الله، ولكن الأبوين سبب قوي في هذا التشكيل.
 
فمتى كان الوالدين قدوة صالحة للأبناء بالقول والفعل، كان الأثر كذلك دون أي ضجيج، لأن صالح النفس يجذب إليها النفوس الأخرى؛ وإن بعدت!
 
قال: أنت ملزم أن تشتري لابنك السيارة التي يحبها ويعشقها!
 
قلت: لست ملزمًا أن أفعل ذلك؛ ولكني أشتري له سيارة تسد حاجته وتغنيه عن الحاجة للناس؛ لا سيارة فارهة تثقل كاهلي بالديون، لينعم هو برفاهية مكذوبة ويصبح بعد فقري وسجني أضحوكة من صفقوا له!
 
قال: أنت ملزم أن تبني لأبنك فلة خاصة ليعيش بها وهو أسرته في المستقبل!
 
قلت: أبي لم يفعل ذلك معي؛ ومع ذلك عشت في حياة سعيدة وسط أسرتي؛ وهل أفعل ذلك حتى أعيش وحيدًا مع الأمراض في كبري؛ ولا يعيش معي إلا الحسرة والندامة والألم وهم الدين الذي تحملته لينعم أبني بفلته وينساني؟!؟
 
قال: أنت ملزم أن تؤمن لأبنك مستقبله!
 
قلت: أفعل الأسباب بما لا يشق عليَّ؛ والمستقبل علمه عند الله – سبحانه وتعالى – ومستقبله في الآخرة أهم من الدنيا كلها؛ ألا هل كان اهتمامنا بالمستقبل الحقيقي لنا ولهم؟!؟
 
انشغلنا بالدنيا وتوافهها عن الدار الأخرة ونعيمها؛ حتى كانت منا الغفلة عن تربية الأبناء وبناء بيت أسري مسلم حقيقي، ليثمر ذرية طيبة مباركة صالحة مصلحة - بإذن الله – وتلك الثمرة لا تتأتى إلا من خلال التربية السليمة على منهاج دين الإسلام وقواعده الشرعية واخلاقه الإيمانية.
 
فالأبناء هبة ربانية عظيمة، ونعمة من المنعم الوهاب – سبحانه وتعالى – ومسؤولية الآباء نحوهم ثقيلة، وليست كغيرها من المسؤوليات، فقد أمر الله – جل وعلا – بتربية الأبناء على طاعته – سبحانه – ومحبة دينه الذي رضيه لعباده، وغرس العقيدة الصافية فيهم منذ نعومة أظفارهم، ومن ثم سائر أمور الحياة وتعاملاتها.
 
إلا أننا قدمنا أمور الدنيا ومتطلبات الحياة وزخارفها على غيرها، بالانشغال عن تلك التعاليم وغرس تلك القيم والمبادئ، بالتأثير المباشر وغير المباشر بشؤون الحياة ورفاهيتها، في ظل المؤثرات السلبية المعاصرة المتعددة والمتجددة كل لحظة؛ خاصة في ظل تطور وسائل التواصل الإعلامية والإلكترونية !!!
 
فحري بنا العودة للتربية والتنشئة الصحيحة والسليمة على ضوء الكتاب والسنة والآداب والسلوك القيمة الفاضلة، وكثرة الدعاء للأبناء بالهداية والصلاح والاستقامة على الحق والثبات عليه، والاهتمام بأمور دينهم وعقيدتهم أولاً، ثم بأمور حياتهم ومتطلباتهم ثانيًا.
 
التربية مسؤولية عظيمة .. قليل من يستطيع القيام بها ويدرك حقيقة عظمها !!!



شذرات بقلم
أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
المهـ رحال ـاجر
الرياض
1435/5/8هـ