2010/07/02

الـحـــوافـــز


إلى متى نحن وأنظمة العقوبات ؟
أين الحوافز ؟



الحوافز في عالم الموظف هي مؤثرات إيجابية لا تعود على الموظف في سلوكه الوظيفي فحسب، بل إنها تعود على المنشأة التي ينتمي إليها من جوانب متعددة سواء كانت في مجال الإنجاز، أو في مجال الإبداع من وجوه متنوعة، مما يحقق بذلك إنتاجية مضاعفة، ترفع من رصيد إنجازات المنشأة بين المنشآت الأخرى .
وتتنوع الحوافز إلى أنواع كثيرة، وفي مقدمتها الإسراع في تعديل السلم الوظيفي -أسوة بتعديل سلم القضاء- ومن الحوافز المهمة أيضاً: - الوظيفية: كالترقيات وتولي المواقع الإشرافية والقيادة والإدارية ।
- المادية: كالمكافآت والعلاوات الاستثنائية، والبدلات وغيرها
- المعنوية: كالمشاركة في اتخاذ القرارات، وخطابات الشكر، ومنح الدروع والأوسمة، والتميز في تقارير الأداء، والتكريم العلني بتقديره في لوحات الشرف والمحافل وأمام الجماهير وغيرها।
- التدريبية: كالترشيح للدورات التدريبية، وورش العمل المختلفة الداخلية والخارجية، وإتاحة فرص إكمال الدراسة الجامعية والعليا، وغيرها।


ولعل من الحوافز المهمة التي يغفل عنها كثير من القياديين، وجود الشخصية الإدارية الناجحة، المتصفة بالخبرات مع حسن التعامل، والبشاشة، والصدق والدفء، والاتزان، والقدرة على التفاوض والإقناع، ولأهمية هذه الشخصية فإنها مغفلة، بل قد لا يحسبها الكثير على أنها من الحوافز، وهي ذات مفعول قوي ودور فعال في تكوين فريق العمل الواحد، وجعل الموظفين يقومون بأعمال كثيرة وقد تكون شاقة أحياناً، لكن دون ملل، أو إرهاق، أو تذمر।


وهذه الشخصية لا تغيب عن المسؤولية في القطاع الخاص، ولكنها تغيب كثيراً عن القيادات الإدارية في المنشأة الحكومية، فنجد بعض المديرين يركزون على جوانب تكون مما يشكل ضغطا نفسياً، أو بدنياً على الموظف، دون مراعاة للفوارق بين الموظفين أو حالاتهم النفسية والأسرية، والمالية، والبيئية، والمناخية، وضغوط الحياة المختلفة، بينما يمثل المسؤول ذو الشخصية الجذابة، ركيزة أساسية في حياة الموظف، ويعيش معه لحظة بلحظة، ويحرص على التواصل مع الموظفين أفراداً ومجموعات داخل بيئة العمل وخارجها، مما ينعكس إيجاباً على المستوى العام للأداء ويساهم في استقامة الموظف وعدم انحرافه وسقوطه في سراديب ودهاليز الفساد بمختلف أشكاله।


وفي أحيان أخرى نجد من يخفق في التعامل مع موظفيه مما يشكل عقبة، بوأد بيئة العمل، فيضطر إلى مسائل العقاب المختلفة، دون تفريق بين الموظف المتميز المجد، والمقصر المتهاون। وهذا التقصير هو أول دافع للموظف إلى الرضوخ للمغريات التي تجعله يقع لقمة سائغة في براثن الفساد، مما يجعله يقوم بكل صنوف الفساد، ليس قناعة بها، ولكن للانتقام فقط، فتتلوث بيئة العمل وتنقلب إلى ثارات وصراعات، ومع ذلك يلتمس الموظف لنفسه العذر عند السير في هذا الاتجاه المخالف للسلوك السوي الذي يجب أن يكون عليه. إن من أهم أهداف ومهمات الإداري الناجح تحفيز الموظفين في إدارته وتقديرهم والاعتراف بإنجازاتهم والعمل على مكافأتهم عليها، ولا يعني تكليف الموظف بالعمل خارج وقت الدوام الرسمي، أو انتدابه من الحوافز، إذ إنه يقوم بعمل مقابل هذا، مع أن الحوافز المعنوية والوظيفية لها أثر بالغ ومردود كبير على الموظف، وفي حالات تكون فيها تلك الحوافز أهم وأبلغ عند الموظف من الحوافز المالية.


والحوافز لها مردود جيد على المنشأة كذلك، ومن ذلك رفع الروح المعنوية بين الموظفين، كما أنها تزيد من الإنتاجية، والدقة في الأداء، وعدم تسرب الموظفين، والتجديد والتطوير والابتكار في أساليب العمل، على أن تكون تلك الحوافز لمن يستحقها، وفق معايير وضوابط معلنة ومعينة، لتكون قوية ودافعة للجميع للتنافس عليها।


وليس عيباً أن نستفيد من تجارب الآخرين، كأن تستفيد الجهات الحكومية من غير الحكومية، والحكومية من الحكومية، والداخلية من الخارجية، ونحو ذلك।


وإن كنا نعي وندرك ذلك، فإنني أسأل كل مسؤول في موقع المسؤولية: أين أنت من الحوافز للموظف؟؟
ولماذا لا ير ى الموظف إلا أنظمة ولوائح، وتعاميم وقرارات تأديبية كل يوم وظيفي؟
لماذا لا يرى الموظف أنظمة ولوائح وتعاميم وقرارات في إدارته تحتوي على الحوافز، لتزرع لديه الثقة وتعيد إليه حيويته وتتفجر طاقاته الكامنة، لتنهض الإدارة والمنشأة من هذا السبات العميق وتلك الإخفاقات المتتالية؟
وعندما يتحقق ذلك، في القطاع العام - الحكومي - نكون قد قطعنا شوطاً مهماً في تحقيق وتفعيل الإستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد، التي هي ظاهرة عالمية نتنة، تقض مضجع المسؤولين وأصحاب القرار عالمياً، المنتشرة في كل مكان، خاصة عندما يجد البيئة الموبوءة والبؤرة الحاضنة له فإنه ينتشر ويلوث المجتمع المحيط به، والفساد مهما اختلفت صوره وصفات مرتكبيه، إلا أن هدفه يظل واحداً، وهو القضاء على الإصلاح والأمن والاستقرار، وكل مقومات الحياة।


والحراك في هذا الجانب يكون موازياً للحراك التشخيصي والتشريعي والتنظيمي الذي تتمخض عنه المؤتمرات والندوات المحلية والدولية بهذا الشأن، لترويضها والاستفادة منها استفادة واقعية ملموسة।



أبوعبدالعزيز
16/2/1431هـ