2011/10/10

العودة للوطن


شذرات قلم

العودة للوطن







قُبيل السفر خارج الوطن يشعر الإنسان بمشاعر تدغدغه فرحًا وبهجة لهذا السفر الذي يغترب فيه ‏عن وطنه لأي سبب كان؛ للسياحة أو الدراسة أو العمل أو العلاج أو للتجارة أو غير ذلك من ‏الأسباب التي تجعله يشد الرحال مسافرًا عن وطنه.‏

إلا أن هذه المشاعر تختلف تمامًا عن تلك المشاعر التي يشعر بها عند بدء العد التنازلي للعودة ‏للوطن؛ بغض النظر إلى هذا الوطن كان غنيًا أو فقيرًا، مستقرًا أو مضطربًا، إلا أن الفرحة تكون ‏عارمة إلى حد لا يستطيع العائد لوطنه وصفه بأي وصف من الأوصاف وإن وصفه فهو وصف ‏مقل.‏

سبحان الله عندما نكون داخل أوطاننا لا نشعر بالحنين كما نشعر به عندما نكون بعيدين عنه، فكم ‏هو جميل هذا الشعور بالعودة للوطن والسير على ترابه، وكم هو جميل أيضًا عندما تكون العودة ‏للوطن مقرونة بتحقق ونجاح الأمر الذي كان من أجله البعد عن الوطن، لتكون الفرحة فرحتين؛ ‏فرحة العودة للوطن وفرحة تحقق الهدف الذي كان وراء هذه الغربة.‏

لا أخفيكم بأنني لم استطع النوم استعدادًا لرحلة العودة والتي موعد إقلاعها غدًا عند الغروب ‏والآن الوقت قبل الفجر، وكأني بالوقت توقف وساعتي لا تدور عقاربها بالاتجاه الصحيح؛ حيث ‏أنني أعدت حقائبي وجميع أغراض؛ بل أنني جهزت نفسي للخروج للمطار منذ الساعة الحادية ‏عشرة ليلاً !!‏

هذا وأنا لم أغب عن الوطن إلا أيام؛ فكيف بمن غاب عن الوطن أشهر وسنوات، بل كيف هي ‏مشاعر من حرم من وطنه وتشرد في أصقاع المعمورة لاجئ هنا أو هناك؛ كما هي حال كثير من ‏إخواننا الفلسطينيين الذين شردهم اليهود من بلادهم، وكذلك إخواننا السوريين الذين شردهم نظام ‏الأسد من أوطانهم، وغيرهم ممن أجبرتهم الحروب الأهلية والصراعات السياسية على البعد عن ‏أوطانهم والعيش خارجها ينتظرون ويترقبون ساعة العودة للوطن الأم.‏

كم هي مشاعر الشوق والحنين للوطن ملتهبة ومرتفعة لدى كل مغترب عن وطنه، فهي لحظات ‏جميلة لا تكاد توصف بأي وصف، بل يعجز اللسان عن وصفها والبيان يقصر عن نثر حروفها ‏وكيف لا وهو عائد إلى الحضن الدافئ والصدر الحنون والقلب الكبير وطنه الرؤوم وإن قسا، فكم ‏لنسماته من عبق فريد عند استنشاقه، حتى إن كان هذا النسيم ملتهب من حرارة الصيف أو ‏متجمدًا من قسوة الشتاء؛ إلا أن عبقها لا يجاريه أي نسيم.‏

شذرات بقلم
أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
المهـ رحال ـاجر
مانيلا
قُبيل فجر يوم الثلاثاء
13/11/1432هـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق