2012/11/05

تعطل قطار المشاعر

شذرات قلم
تعطل قطار المشاعر



من آفات هذا العصر التي يشتكي منها القاصي والداني؛ تعطل قطار المشاعر؛ خاصة في الأوقات الحرجة التي يكون الإنسان في أمس الحاجة إلى دفئها وحنانها ونسماتها العليلة التي تروي عطش النفس وشوقها.

فأينما نظرت وجدت جمودًا واضحًا للمشاعر وتعطل القطار الموصل بين رياضها، حتى باتت النفوس قاحلة مضمحلة لا حياة فيها.

ولأهمية المشاعر والأحاسيس لدى الإنسان، فقد اهتم كثير من العلماء بدراسة المشاعر وإيجابياتها وسلبيات فقدانها، وعقدت فيها الدورات، وأقيمت الدروس وورش العمل، وألفت فيها المجلدات.

وقبل اهتمام أي علوم بالمشاعر فقد اهتم ديننا الإسلامي الحنيف بها أيما اهتمام؛ لكون الإنسان صاحب قلب نابض بالمشاعر والأحاسيس؛ اتجاه نفسه ومن حوله من الناس، من الزوجة والأسرة والأقارب والأصدقاء والزملاء والجيران؛ رعاية ودراية وتعاملاً وتصرفًا وسلوكًا، ومن ذلك العناية بأدب الحديث، ومراعاة مشاعر المخاطب وعدم جرحها؛ حتى وإن كان في موقف المخطئ المذنب المدان.

وقد عرف في الإسلام آدب كثيرة تراعي جانب المشاعر، ومنها أدب التناصح والتغافل والتناجي والاستئذان، وكذلك مراعاة مشاعر الفقراء والمساكين وذوي الحاجات والضعفاء والمنقطعين.

فالمشاعر محطات وتقاطعات تتواصل فيما بينها بالآداب والأخلاق والتعاملات التي تؤكد عرى ترابطها وتواصلها من حب وألفة وود وتراحم وخوف وفرح ومؤازرة وغضب وتعجب ودهشة، تعبر عنها ملامح الوجوه ويؤصلها دفئ الصدور وعبق الأنفاس ونبض القلوب الخافقة بكل شوق وحنين.

والمشاعر ليست حب وغرام عاطفي ورغبات جنسية، واشتياق محرم مهلك كما يفهمه البعض!

ولكن!!!

الواقع اليوم أننا نكاد نعيش بلا مشاعر، أو بمشاعر متعطلة، فقطارها جامد في محطته دون حراك، وأبواب المحطة مؤصدة لا يتمكن الركاب من الدخول للمحطة وصعود عرابات قطار المشاعر ليتنقلوا من محطة إلى محطة، فتحيا القلوب وتشع البسمات وتقع البصمات من القلوب النابضة بالحب والعطاء.

فتعطل قطار المشاعر يعطل معه البلسم، وتغار الجروح ولا تندمل، ويفقد الأمل، وتذوب القلوب وتنكسر، وتصبح المشاعر كالجليد لا حياة ولا روح ولا طمع ولا رائحة لها.

المشاعر هي عناصر ومكونات إيجابية لكل الأطراف، تبنى بالصلة والتواصل المتبادلة الثابتة على أرض صلبة من المودة والتفاهم والإخلاص والاستعداد للتضحية والعطاء بلاء حدود، تنمو وتترعرع في الأرض الخصبة بالمشاعر الصادقة، وتسقى بالعطاء دون مقابل، وتثمر وتزهر بـ:
  • تبادل الهدايا.
  • التواصل وعدم الانقطاع.
  • تبادل التحية الحارة عند اللقاء والوداع.
  • الثناء الصادق.
  • التناصح والتواصي بالخير.
  • التشاور والتخطيط معًا في أمور الحياة والمستقبل.
  • اللطف في الكلمات الدافئة والرقيقة في الجلسات والحوارات والأحاديث.
  • المرح والضحك الذي يزيد في المحبة والألفة والتقارب.
  • التفاعل في الأفراح والمناسبات، وكذلك في المآسي والأحزان.

ومتى تم هذا الحراك في محيط المشاعر تحرك قطارها وسار من محطة إلى محطة بسلامة وسلام وحب ووئام.


شذرات بقلم
أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
المهـ رحال ـاجر
الرياض
18/12/1433هـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق