2011/11/29

نقاط في صفحات الحياة

شذرات قلم
نقاط في صفحات الحياة


هي الحياة مليئة بالنقط مختلفة الألوان والأحجام
تارة تجدها سوداء، وتارة بيضاء، وتارة أخرى رمادية
وقد لا تجد لها لونًا يميزها في هذه الحياة المتلاطمة الأمواج

فمتى جلست مع نفسك بخلوة صادقة في ساعة صفاء هادئة
سترجعًا لشريط ما مضى من الحياة
فتجد نفسك متألمًا وجزعًا من مشاهدة نقاط ظلم وظيم
فاعلم أنها نقطة رمادية قد مضت لا تؤثر بحياتك
واجعل منها نقطة قوة للحق وبيانه في غد مشرق بالخير

ومتى جلست مع نفسك بخلوة صادقة في ساعة صفاء هادئة
مسترجعًا لشريط ما مضى من الحياة
ووجدت نفسك تقوم بأعمال لا تحبها ولا ترضها
ولكن تقوم بها لأن الأخر يريدها
فاعلم بأن هذه نقطة سوداء في حياتك
إن تراكمت فإنها سوف تطمس شخصيتك
وتجعلك إمعة تابع للأخر؛ لا تشكل أي قيمة في الحياة

ومتى جلست مع نفسك بخلوة صادقة في ساعة صفاء هادئة
مسترجعًا لشريط ما مضى من الحياة
ووجدت أنك سلمت نفسك لشخص أخر منحته ثقتك
وجلعته قدوة لك ونبراسًا ومرجعًا في كل أمر يخصك
وهو لا يستحق هذا كله
لأنه يعمل على غرس خنجره المسموم في ظهرك
فاعلم بأن هذه نقطة سوداء تنذر بغدر الأيام
فبادر إلى محوها بتصحيح المسار
وإعادة ترتيب أوراقك وحساباتك
لتتمكن من السير بالطريق الصواب

ومتى جلست مع نفسك بخلوة صادقة في ساعة صفاء هادئة
مسترجعًا لشريط ما مضى من الحياة
ووجدت أنك تجلس وحيدًا دون من تعودت الجلوس معه
فاعلم بأن هذه نقطة رمادية في حياتك
يمكنك محوها بنفظ غبار هذا المقعد الذي لم تحسن اختياره
ومواصلة الحياة والبحث عن مقعد حقيقي لا يجد الهجر إليه سبيلا

ومتى جلست مع نفسك بخلوة صادقة في ساعة صفاء هادئة
مسترجعًا لشريط ما مضى من الحياة
ووجدت نقطة سوداء مظلمة من عدم إجابة نداء استغاثة صادر منك
لمن هم حولك وقريبين من قلبك ودمهم من دمك
وقد سمع القاصي والداني نداءك وهم لم يجيبوا نداءك
فاعلم بأن هذه نقطة سوداء
تجعلك تعيد تصحيح بناء الجدار المحيط بقلبك
لتقويته وتعزيز دعاماته بمن هم أحق بذلك وإن بعدوا منك
لتواصل المسير دون الخوف من الانهيار والسقوط في مسير الحياة

ومتى جلست مع نفسك بخلوة صادقة في ساعة صفاء هادئة
مسترجعًا لشريط ما مضى من الحياة
ووجدت نقاط سوداء ورمادية فاغرورقت في عينك الدموع
ولم تجد من يحتظنك ويمسح تلك الدموع من عينك
فاعلم بأن هذه نقطة سوداء تنذرك بالعيش وحيدًا
فلا تستسلم لها ونهض من فورك وابحث عن من يحتظنك
بتصحيح مسارك في هذه الحياة والعيش بأمان وسط الأمة

ومتى جلست مع نفسك بخلوة صادقة في ساعة صفاء هادئة
مسترجعًا لشريط ما مضى من الحياة
وتذكرت حرصك على الالتزام بموعد اللقاء
وأنك ذهبت مبكرًا وأنت تحسب الخطوات والأيام
والثواني قبل الدقائق والساعات لهذا اللقاء
ثم تتفاجأ بأن الحبيب الذي أشغلك عن كل أمور الحياة
يعتذر عن الموعد واللقاء بحجة أنه مشغول مع غيرك
فاعلم بأن هذه نقطة سوداء في صفحات حياتك
فلا تستسلم لها ولا تضيع وقتك ولا تهدر زمانك عند بابه
وأعد حساباتك فيمن تحب وبمن تطلب اللقاء
وسعى لتحديد موعد لقاء مع وفي صادق العهد والوعد
واغفل عن هذا الماكر الخداع

ومتى جلست مع نفسك بخلوة صادقة في ساعة صفاء هادئة
مسترجعًا لشريط ما مضى من الحياة
ووجدت سلسلة من النقاط السوداء والرمادية
هي التي تعبر أمامك
فاعلم بأنك بدأت الاستسلام لهذه النقاط
التي بدورها تجعلك تنهار
فلا تنظر لها وانهض من مكانك وجدد الأمل بالحياة
بالنظر إلى النقاط البيضاء التي لم تسترجعها
بشريط ما مضى من حياتك

نعم هذه هي الحياة مجموعة من النقط الملونة
فمتى كان منك هذا الاسترجاع والنظر فيها
فاحرص على عدم النظر إليها إلا من أجل تصحيح المسار
وإعادة النظر في خارطة طريق الحياة

فمتى كانت نظرتك نظرة لوم وتباكي وهمهمات
فاعلم بأنك قد انتهيت وأن هذا الشريط
الذي استرجعت به تلك النقاط من مسيرة الحياة
هو معول هدم وقضاء عليك
وإنهاء حياتك ودفنك في مكانك
فلا تنظر إلى شريط الحياة بهذه الصورة
بل انظر إليه رغبة في التصحيح والتقويم
وإعادة الحسابات وتأكيد الخطوات
للثبات والسير بعزم وقوة
وأكثر من استرجاع شريط الحياة
الملئ بالنقاط البيضاء الصافية
فهي أساس الحياة وهي الدافع الأول لك
والداعم الأقوى لمواصلة مسيرتك في هذه الحياة


شذرات بقلم
أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
المهـ رحال ـاجر
الرياض
5/12/1430هـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق