2010/09/03

التخطيط للشر !؟!


شذرات
قلم


الـتـخــطــيـــط لــلـــشــــر



التخطيط كما هو معلوم هو عملية مستمرة يسبقها التنبؤ بما سيكون عليه المستقبل، مع الاستعداد لذلك من خلال تنظيم الإجراءات والخطوات وتوزيع الأدوار حسب الأولوية والأهمية، بقصد تحقيق الأهداف والغايات المرجوة والمنشودة بأقل تكلفة وجهد ممكن .


وتكون تلك الخطط طويلة المدى أو متوسطة المدى أو آنية، وبالطبع يحكم زمن الخطة الأهداف والأوضاع والظروف المحيطة والنتائج المستهدفة من كل خطة .

وهناك عناصر وقواعد ومقومات للتخطيط، ومن خلالها يمكن ضمان نسبة عالية في نجاح الخطط والبرامج التي تعد وتفعل على أرض الواقع .



وغالبًا ما تطمح الخطط إلى تحقيق الأهداف والنهوض والإرتقاء بمستوى الأداء والتوسع الأفقي والرأسي على ضوء الإمكانيات المادية والبشرية المتاحة .

وكل ذلك لا خلاف عليه ولا مشكلة فيه؛ وإنما المشكلة عندما نجد أناس يخططون ويتعبون ويبذلون أنفسهم وأوقاتهم؛ بل وأموالهم لا في التخطيط النافع والمفيد؛ وإنما في التخطيط للشر والإفساد والخراب والدمار، سواء للمجتمع أو للأفراد أو للمؤسسات أو غيرها .

والعجب العجاب أن نجد هؤلاء مبدعين في إعداد الخطط في ميادين الشر والإيذاء وأكل حقوق الآخرين بدون وجه حق أيما إبداع، ويستخدمون كل الإمكانات والوسائل والتقنيات والسبل لتحقيق خططهم وأهدافهم الشيطانية الشريرة .

والأدهى والأمر أنهم في أحيانًا كثيرة يلبسون ثياب الطهر والعفاف والتقى والصدق والأمانة والحرص على مصالح الآخرين، حتى يتمكنوا من فريستهم المستهدفة، ثم يكشروا عن أنيابهم ومخالبهم ويفتخروا بذلك حتى أنهم يتباهون بقولهم : ( نحن لا نأكل إلا الكتف ) !؟!

إن إبداعهم وتطور أساليبهم في الأخلاقيات الشيطانية أوقف عجلتهم الخلاقة وحجم تطلعاتهم الهادفة ودفن قدراتهم أسفل أقدامهم، وجعل منهم رمزًا للشر وللخيانة وللألم الذي لا يمكن نسيانه .

ولا أكون مبالغًا إذا قلت أننا نتعرض للخيانة يوميًا وللأسف الشديد من أناس وثقنا بهم وأعطيناهم وصدقناهم ووثقنا بهم؛ إلا أنهم خانوا واستغلوا ما منحناهم إياه ضدنا ليحققوا أهدافهم الشريرة، و يحدثوا بقلوبنا شرخًا عميقًا وألمًا مؤثرًا لا يمكن نسيانه وتجاوزه بسهولة .

إن كينونة الشر مكون من مكونات النفس البشرية، إلا أن الإيمان يكبح جموحها ويقضي عليها، ومتى ضعف الإيمان استشرت النفس البشرية الشريرة وطفت على السطح، وسيطرت على أعمال وتصرفات الإنسان وجوارحه، فكان منه الشر وزراعته والسير فيه لإيذاء من أمامه من الأقارب والأصدقاء والزملاء والمجتمع والأمة، فهو خطر متحرك ينتشر في كل مكان يتوجه إليه .

ولو تمعنا حقيقة نجد هذا الإنسان المستسلم لنفسه الأمارة بالسوء لوجدناه يؤذي نفسه بالدرجة الأولى قبل غيره، فلا نجده يبدع في جوانب الخير، ولا يبدع في الصعود نحو القمم، ولا يبدع في الوفاء ورد الجميل وصنع المعروف، لأنه صرف كل طاقته وفكرة وهمه في جانب الإيذاء والإفساد والشر عامة .

عافانا الله وإياكم مما ابتلي به هؤلاء من حب للشر وعدم شكر للمنعم على ما أنعم به عليهم – سبحانه وتعالى – من نعمة العقل السليم والقدرة على التخطيط والإبداع في رسم الخطط ودقة في التنفيذ، لأن الشكر يكون في تسخير تلك القدرات في الخير والدلالة عليه لا في الشر والحقد والخيانة والحسد وإهلاك الحرث والنسل وحرق الأرض وما عليها بالشر .

ولا أخفيكم بأنني دائمًا ما أتسأل : كيف يستطيعون التخطيط بهذه الطريقة التي تقع كما خططوا ورسموا لها بكل دقة وعناية، ويتحقق لهم مرادهم الذي خططوا له؛ بل وزيادة ؟

والعجيب في الأمر أنك عندما تطلب منهم أن يخططوا لمشروع خيري وعمل خير لا يستطيعوا البتة، وإن خططوا لا يتجاوزون أبعد من متر واحد !!! أما في الشر يخططوا مسافات بعيدة وأزمنة متتابعة دون كلل أو ملل !!!!

إن الإنسان الناجح هو من يخطط ليكون متميزًا في دينه ودنياه، أهدافه عاليه وشامخة ومحطته هي الجنة لحياته الدائمة، وأولويات خططه شرعية مركزة منظمة متوازنة بين متطلبات الحياة الدنيوية وما يخطط له في حياته الأخروية .

 

شذرات بقلم
أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
الرياض
24/9/1431هـ


هناك تعليقان (2):

  1. أقتباس :
    إن كينونة الشر مكون من مكونات النفس البشرية، إلا أن الإيمان يكبح جموحها ويقضي عليها، ومتى ضعف الإيمان استشرت النفس البشرية الشريرة وطفت على السطح، وسيطرت على أعمال وتصرفات الإنسان وجوارحه، فكان منه الشر وزراعته والسير فيه لإيذاء من أمامه من الأقارب والأصدقاء والزملاء والمجتمع والأمة، فهو خطر متحرك ينتشر في كل مكان يتوجه إليه .


    ^^^^
    قال تعالى في كتابه الكريم في وصف نعيم الجنه : [ ونزعنا ما في صدورهم من غل تجري من تحتهم الأنهار ]
    دليل على ان الغل موجود في كل قلب في الدنيا
    وقد تكون فتنه لناس ليعلم من يطّهر قلبه من هذا الغل في الدنيا بالتقوى والإيمان .



    ~~~~~~~~~~~~


    أقباس 2:
    عافانا الله وإياكم مما ابتلي به هؤلاء من حب للشر وعدم شكر للمنعم على ما أنعم به عليهم – سبحانه وتعالى – من نعمة العقل السليم والقدرة على التخطيط والإبداع في رسم الخطط ودقة في التنفيذ، لأن الشكر يكون في تسخير تلك القدرات في الخير والدلالة عليه لا في الشر والحقد والخيانة والحسد وإهلاك الحرث والنسل وحرق الأرض وما عليها بالشر .

    ^^^^^^^^
    قال عز من قال : { والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم ( 10 ) }
    الأكثار من الدعاء بـ ربنا لاتجعل في قلوبنا غل للذين أمنوا
    طريقه لعلاج القلب من كينونة الشر في النفس البشريه_كما قلته_




    كلمات وعبارات قيمه وجميله
    سلم قلمك الذهبي
    وبارك الله فيك
    وحفظك الله من كل شر ومن كل من يخطط للشر
    (^_^)

    ردحذف
  2. بارك الله فيك وشكر لك هذا التواجد والااقتباس والتعليق الهادف المفيد

    دمت بحفظ الباري بعيدة عن كل شر

    ردحذف